الطاهر ساتي – اليكم

الاسترضاء ..!!

:: ليس هناك ما يمنع البعض عن عدم الاعتراف بمكاسب رحلة رئيس الوزراء والوفد المرافق له إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن من الخطأ أن ينتقدوا نتائج الزيارة ويسخروا منها ويقللوا من مكاسبها التي لا تخطئها إلا عين المكابرة.. كان عليهم أن يكتفوا بالصمت، فالصمت أمام إنجاز الخصم السياسي نوع من التعبير المشروع و(المهضوم) إلى حد ما ..ولكن نقد إنجاز الخصم نوع من عدم النُضج، وخاصة حين يكون الوطن بحاجة إلى هذا الإنجاز .. وهؤلاء حالهم – أمام الزيارة الناجحة – ﻛﻤﻦ ﻳُﺤﺪِّﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺑﺎﺣﺜﺎً ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻴﻮﺏ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﻮﺏ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲﺍﻟﻨﻘﺪ ﻭﺍلسُخرية، ﻳﻘﻮﻝ (ﺑﺮﻳﻘﻪ ﻳﺆﺫﻱ ﺍﻟﻌﻴﻦ) ..!!
:: وعلى سبيل المثال، نقرأ ما يلي : (ﻻﺷﻚ أﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺭﻓﻊ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﻋﺎﺩﻟﺔ، ﻳﺠﺐ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﻨﺎﻝ ﺑﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍلاﺳﺘﺮﺿﺎﺀ)، الدكتور أمين حسن عمر واصفاً سياسة حمدوك في التعامل مع قضية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. تأملوا، فالتفاوض مع صُناع القرار ومراكز القوى أصبح ( استرضاءً).. لقد أخطأ الدكتور حمدوك، إذ كان عليه حشد الجماهير في الساحة الخضراء، ثم يخطب فيهم كما كان يفعل المخلوع : ( أمريكا تحت جزمتي)..وبهذا يكون قد أرضى بُطانة المخلوع وتبرأ من تُهمة الاسترضاء..!!
:: عقلية الإستعداء التي حكم بها النظام المخلوع – وبطانته – هي التي حشرت البلاد في قائمة الدول الراعية للإرهاب.. وهي ذات العقلية التي عزلت بلادنا عن دول العالم، لأن نظام المخلوع أرادها أن تكون كما المُصاب بالطاعون .. ولذلك، وبغض النظر عن عودة سفيرها بعد غياب (23 عاماً)، و قبولها بالتفاوض حول تعويضات ضحايا المدمرة كول، وغيرها من نتائج الزيارة، فان استقبال أمريكا – وكل دول العالم – لرئيس وزراء سوداني بكل ترحاب، وبلا خوف من مجلس الأمن أو توجس من اختطاف طائرته، فان هذا في حد ذاته إنجاز للشعب السوداني، وليس لحمدوك .. !!
:: ثم أن عقلية الاستعداء، وليس الاسترضاء، هي التي عطَّلت بلادنا وأقعدتها عن ركب الشعوب والدول الناهضة ..وأن زيارة حمدوك وغيره، إلى أمريكا وغيرها، محاولة للالتحاق بهذا الركب، وكذلك مثل هذه الزيارة – كما قال د. ناجي الأصم في خطاب الاحتفال بالحكومة المدنية – بمثابة اعتذار عن ثلاثة عقود من الغياب القسري والقهري عن مساهمة بلادنا – بصورة حقيقية ومباشرة – في محافل العالم مع الشعوب الحُرة .. ونأمل أن تتعرف علينا دول العالم (من جديد)، وتعرف بأن السودان – بوعي شعبه – أبعد ما يكون عن الارهاب و رعايته، و أنه – كما الآخرين – دفع ثمن الإرهاب حرباً وفقراً ..!!
:: حمدوك لم يذهب لترامب، بل للدوائر الأمنية و التشريعية والتنفيذية والمؤسسات ذات الصلة بقرار رفع الاسم من قائمة الإرهاب، لمعرفته بأن هذه المؤسسات والدوائر هي التي تصنع القرار في أمريكا .. أمريكا دولة مؤسسات، وليست شخوصا، أو كما الحال في بعض دول العالم الثالث ( والأخير).. ومع ذلك، بجهل مُدقع، أو في محاولة مكشوفة لتبخيس الجهد المبذول، يختزل البعض من بطانة المخلوع صناعة القرار في الرئيس ترامب، ويصف زيارة حمدوك بالفاشلة لأنه (لم يقابل ترامب).. نعذرهم، ربما يظنون بأن صناعة القرار تتم في أمريكا على طريقة المخلوع : ( يا عوض أقفل البلف) ..!!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.