همس الكلام حسين الخليفة الحسن

الدويم تحتضر، يا والي “بحر أبيض”!

شارك الخبر

الدويم مدينة العلم والنور،وإحدى حسان مدن السودان تحتضنها الضفة الغربية لنيلنا العظيم..سليل الفراديس. متوسدة رماله الناعمة الساكنة.عرفت الدويم عبر العصور بإرثها التاريخي، الحضاري، الثقافي والإبداعي.
كما أنجبت للوطن الحبيب وهي في عنفوان شبابها النجباء من ابنائها الأفذاذ الذين أثروا المنابر الفكرية ،العلمية، الثقافية، الأكاديمية والمجتمعية. كما كانوا غذاء دسما لكيان الخدمة المدنية Civil Service … وصاروا نجوما سامقة في سماء الوطن. ويعرف قدرها كل من نطق كلمة ورسم حرفا،ونهل من معين توأمتها: بخت الرضا. ولكن رغم هذا البهاء المعرفي، والتألق الحضاري، مرت على الدويم سنون عجاف، وهبت عاصفة هوجاء من الابتلاء قضت على الأخضر واليابس.
وبالأمس عاودني حنين جارف لعشقي “الدويم”. قمت بزيارتها برفقة ابني الشاب النضر عادل غانم محمد افندي. أصابتني دهشة عارمة وذهول صامت مخيف، وأنا أشاهد بأم العين بقايا، أشلاء وفتات مدينة كانت هنا ! مدينة تعانق البؤس، اليأس Despair والاختناق، سوق قد انقبضت أنفاسه وتعمه “الهرجلة”، ميادين الأحياء اختنقت بالمياه الراكدة النتنة التي أصبحت مرقصا للبعوض،الشوارع عتيقة لم تمسها يد الإصلاح، وحشد الذباب يشارك المواطنين وجباتهم! مدارس تفتقد مطلوبات ومعينات التربية ،مشفى متهالك تترنح أرجاؤه وتتراقص، وزخم بشري يجوب الشوارع تتقاذف من عيونهم ومضات الأسى، الحيرة والحياء والإحباط . مشهد حز في نفسي ،وقلبي يقطر دما ولسان قلمي الحزين يطلق هذه الهمسات للمسؤولين ،إنعاشاً لذواكرهم الغائبة:
اللواء حيدر والي النيل الأبيض المكلف: نراك تمد يدك البيضاء لبعض مدن الولاية المحببة تنمية وعمرانا. وهل مدينة الدويم غابت عن ذاكرتك؟ لماذا لا تضمد بعضا من جراحها كرصيفاتها؟هل نتفاءل.؟ نأمل ذلك.
معتمد الدويم: وين أنت طولت ما بنت ، زورنا مرة. حضرنا ولم نجدكم!!
المدير التنفيذي بالمحلية: أراك هائما حائرا وتتوجس خيفة من مطرقة المواطن، وسندانة لجان المقاومة وأنت تسعى جادا لمبادرة الإصلاح Reform .
مواطن الدويم : تحرك وشارك ولا تقف مكتوف اليدين ” والوطن يبنيه بنوه”.
يا مدير عام شرطة السودان
بعثت لكم قبل أيام قلائل برسالة عاصفة،حزينة مشفقة عن غياب الزي الأزرق “الشرطي” والتوتر الأمني بكافوري مربع واحد”بحري”.
غابت الاستجابة مدحا أو ذما، فهي سلوك حضاري يفخر ويعتز به كل مواطن سوداني، خاصة ونحن نطوي صفحات ماضٍ كئيب قاتم ونستقبل فجرا مشرقا وضيئاً شعاره: حرية، سلام وعدالة… معذرة أعلم أن ذاكرتك متخمة بشتى هموم جهازك الحساس. ألف شكر لك…وفقك الله.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.