حاطب ليل || د.عبداللطيف البوني

سبع ولا وضبع ؟

شارك الخبر

(1 )
لا حديث للشارع السياسي السوداني هذه الايام الا نتيجة زيارة حمدوك لامريكا، هل كانت ناجحة ام فاشلة ؟ وكما قلنا بالامس إن الاستقطاب الحاد جعل التفكير كله رغائبي وابعد ما يكون عن الموضوعية فالذين يؤيدون الحكومة حكموا بنجاحها مسبقا وعكسهم الذين يعارضونها فعند الاوائل لو جاءت بضبع ناجحة وعند الآخرين لو جاءت بسبع فاشلة. وكما قلنا في الحلقات الماضية لا عاقل يتوقع أن يعود حمدوك وهو يحمل قرار الخروج من القائمة الامريكية السوداء وفي نفس الوقت لا احد يتوقع أن يعود وهو في حالة يأس تام من الخروج من القائمة. عليه لم يبق إلا القراءة بين السطور لمعرفة هل دفعت الزيارة الامريكان باتجاه الرفع ام دفعتهم باتجاه الابقاء ام تركت الوضع على ماهو عليه ؟ وهذا يعني أن الاجابة ليست سبعا أو ضبعا فقط ؟
(2 )
الامر المؤكد أن الضيف حمدوك ومضيفيه الامريكان متفقان على أن العقوبات كانت مستحقة على السودان وكانت قاسية عليه وان حكومة حمدوك لا ذنب لها فيما حدث وانها مختلفة جدا عن الحكومة التي سبقتها وان لديها رؤى مشتركة مع الرؤية الامريكية حول الاوضاع الداخلية في السودان والطرفان متفقان على أن رفع اسم السودان من عدمه له تأثير كبير على مجريات الاحداث في السودان. الطرفان متفقان انهما ليسا متكافئين في القوة فواحد في غاية القوة والثاني في غاية الضعف هذه المشتركات سهلت لحمدوك مهمته وفتحت له مؤسسات صنع القرار في امريكا مثل الخارجية والخزانة والمخابرات والكونقرس والبنك الدولي ومراكز البحوث ومستودعات الفكر وما نقله الاعلام لنا اثبت أن حمدوك قدم مرافعته بصورة ممتازة. نعم لم يقابل حمدوك متخذي القرار كالرئيس ووزير الخارجية انما اكتفى بصناع القرار وهذا لا يقلل من شأن الزيارة وفي نفس الوقت ما كان يمكن أن يحدث فلو قابله الرئيس أو نائبه أو وزير الخارجية ستكون المسألة وانتهت بينما امريكا لا تريد انهاءها وهذا هو مربط الفرس .
(3 )
يبقى السؤال لماذا لا تريد امريكا رفع اسم السودان مع وجود النقاط المتفق عليها الكثيرة المشار اليها اعلاه؟ وللاجابة على هذا السؤال تنفتح الابواب للقراءات المتابينة لدرجة الرجم بالغيب، فالمعلوم أن السياسة سرها اكثر من جهرها فالتفاصيل التي تم التفاوض حولها لايعلمها الا القليل وهذا القليل متفرق المواقع اذ لا جهة تمسك كل الخيوط فربما لا تريد امريكا أن تقدم هدية لحمدوك يمكن أن يستفيد منها غيره. وربما لامريكا شروط غير معلنة أو ساعة توقيت معينة وربما … وربما … فالمعروف عن امريكا أن لها قدرات عالية على إبعاد خشبات المرمى كلما اقترب اليه المهاجم. المهم في الامر أن السيد رئيس الوزراء قام بالواجب الذي يليه تماما ودفع بقضية بلاده بعيدا ومع هذا تبقى الايام القادمة حبلى بالمفاجآت ولكن في تقديري أن تطورات الاحداث في السودان هي المحك، فلو توحدت كلمة السودانيين داخل بلادهم واتجهوا بكلياتهم نحو اهداف وطنية متفق عليها سوف يقوى عودهم وسوف يجبرون امريكا على التعامل معهم. القوة في الفكر الامريكي هي اكسير الحياة لذلك لا تتعامل مع الضعفاء والسودان يمكن أن يكون قويا بأهله.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.