“الزحف الأخضر”.. محاولة استعادة التوازن تزامناً مع النطق بالحكم في قضية الرئيس السابق عمر البشير، انطلقت بوسط الخرطوم أمس السبت احتجاجات باسم “الزحف الأخضر” شاركت فيها أعداد من أنصار الرئيس السابق والإسلاميين غير المنظمين بجانب المعارضين لأداء حكومة الفترة الانتقالية، أما الاسم الذي خرجت به المسيرة فهو “تجمع الحراك السوداني المتحد (تحدي). التجمع عند نقاط الانطلاق نحو القصر وفق النقاط التي أعلن عنها منظموها بدأ عند الثامنة صباحاً، ثم بدأ الآلاف في التجمع عند تقاطع القصر مع شارع الجمهورية منددين بتحالف قوى الحرية والتغيير، رافعين شعارات مفادها حماية الدين، واسقاط حكومة “حمدوك”. في محاولة منهم لاستعادة التوازن في المشهد السياسي الذي تسيطر عليه قوى الحرية والتغيير – حسب افادات بعض المشاركين في احتجاجات الأمس لـ (السوداني).

الخرطوم: القسم السياسي

ما إن بدأت عقارب الساعة تشير إلى التاسعة صباحاً حتى توافد آلاف المتظاهرين بشارع القصر بوسط الخرطوم، تلبية لدعوة أطلقها ناشطون للخروج في موكب ”الزحف الأخضر”، مندّدين بسياسة الحكومة الانتقالية.
موكب الزحف الأخضر على الرغم من تبرؤ عدد من التنظيمات السياسية والدينية منه، وعدم اعلان حزب المؤتمر الوطني “المحلول” رسميًا وقوفه وراء الدعوة للاحتجاج أمس ”السبت” ضد حكومة عبد الله حمدوك، إلا أن قيادات في تحالف الحرية والتغيير الحاكم اتهمت الحزب المحلول بالوقوف وراء الدعوة.
من جانبها، رصدت “السوداني” وجود عدد من قيادات المؤتمر الوطني، الحاج آدم، سامية أحمد محمد، سمية أكد، إلى جانب عدد من منسوبي حزب المؤتمر الشعبي كالناجي عبد الله.
هتافات المحتجين
المحتجون الذين توشح بعضهم بأعلام السودان، والملابس الخضراء، رفعوا صوراً للرئيس السابق المعزول عمر البشير، وهتفوا عبر مكبرات الصوت ”حرية سلام عدالة والإسلام خيار الشعب”،”سقطت سقطت يا حمدوك”.سلمية سلمية ضد الشيوعية، “حسبي الله ونعم الوكيل”، “في سبيل الله قمنا نبتغي رفع اللواء، لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء”.
فيما صعد على منصة المخاطبة القيادي بتنسيقية الزحف الأخضر مهند الشيخ ليهتف “يا تحاكموهم، يا تفكوهم”، مستنكرا احتجاز إبراهيم السنوسي، وعلي الحاج. ورصدت “السوداني” اعتراض بعض المحتجين على اعتلاء مهند الشيخ للمنصة والإشارة إليه بالتوقف عند الحديث. أما الشرطة فقد وضعت حاجزا أمام المحتجين لمنعهم من الاقتراب من القصر، وتواجدت بعد ساعات في محيط تقاطع القصر مع شارع البلدية.
المحتجون أعلنوا عن عزمهم التوجه بمسيرتهم نحو موقف شروني وجاكسون، ولاحقاً أطلقت السلطات الغاز المُسيل للدموع لتفريق المحتجين في السوق العربي، وهتف البعض من أعلى عمارات السوق العربي “أجري يا كوز، أجري يا حرامي”. حسبما ماهو موثٌق في احدى الفيديوهات المتداولة، بينما قدم أحد المحتجين رواية أخرى، وقال: ( هنالك مجموعة حاولت “تعمل احتكاك” مع مليونية الزحف الأخضر، والأخوان بلغوا العساكر والضابط الموجود إنو القحاتة ديل لو جو حتحصل كارثة، فأمر الضابط باطلاق البمبان عليهم. وهذا ما حدث، عشان ما يغشوكم بي الفيديو المتداول).
منع التصوير
المحتجون رددوا أغاني وشعارات جهادية، وما إن دقت الساعة الثانية عشرة ظهراً حتى أوقفوا الأغاني ليؤذن أحدهم بالصلاة. وتباينت أعمارهم، حيث كان كبار السن من الجنسين الأكثر حضوراً، كما رصدت “السوداني” حرص منظمي الوقفة الاحتجاجية على الفصل بين النساء والرجال، وشرع المحتجون من الشباب في وضع متاريس على شارع البلدية، وشارع القصر، فيما حاول بعضهم منع “محرر السوداني” من التصوير ومحاولة مصادرة الهواتف.
القيادي في تنسيقية الزحف الأخضر مهند الشيخ قال في حديثه لـ “السوداني” إن عددا من قدموا من الولايات ٣٥٠ ألف، ومن ولاية الخرطوم ١٥٠ ألف، مشيرًا إلى أن عدد المشاركين يقدر بـ”٦٥٠” ألف.
ورفض منسقو الزحف تسليم المذكرة التي تحتوي على عشرة مطالب بحسب الشيخ لجهة خروج المكون المدني لاستلامها، موضحًا أنهم أرادوا تسليمها للمكون العسكري.
المطالب الرئيسية
أما أبرز المطالب الرئيسية التي تضمنتها مذكرة تجمع الحراك السوداني، الوحدة الوطنية والاستقرار وتحقيق السلام والعدالة والتنمية، التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة والحقوق الاساسية والحريات العامة والسيادة الوطنية ورفض التدخلات الخارجية، بناء العلاقات الدولية على أساس المصالح العليا للدولة، تعزيز المشاركة الوطنية الواسعة لكافة القوى السياسية دون عزل أو إقصاء، تشكيل حكومة فترة انتقالية من الكفاءات الوطنية دون تسييس وتحقيق لمطالب الثورة، المحافظة على هوية أهل السودان ونبذ أشكال العنف والإرهاب في الحوارات والممارسات السياسية، التأكيد على قومية القوات المسلحة ودعمها لدورها الوطني للحفاظ على وحدة الوطن، والعمل على تمكين المرأة السودانية، التعهد بالاتفاقيات السابقة واستكمال قضايا السلام واللاجئين والنازحين والعودة الطوعية، إعادة بناء وتطوير المنظومة الحقوقية والعدلية وضمان استقلال القضاء.
تعديل مسار
تعليقا على النطق بالحكم في قضية البشير قال أحد المتحدثين في المنصة “وردنا خبر الآن أن البشير طلب من هيئة الدفاع عدم تقديم ترحم أو تخفيف الحكم حتى لو كان إعدام، وأضاف: ما تم ليس سجنا بل تحفظ”، لتتعالى أصوات المحتجين بالتكبير والتهليل.
القيادي في تنسيقية الزحف الأخضر مهند الشيخ قال في حديثه لـ “السوداني” إن المسيرة لم يخرجها المؤتمر الوطني بل خرجت عبر منصات عدد من الناشطين الإسلاميين منهم المؤتمر الوطني والشعبي والإصلاح الآن، إلى جانب عدد ممن كانوا موجودين في ميدان الاعتصام، وإسلاميي الرصيف.
وحول المسيرة والهدف منها قال إن مسيرة الزحف الأخضر تأتي بهدف تعديل مسار الثورة ورفضا للاقصاء السياسي وإسقاط المواطنة بموجب الانتماء السياسي. أما أبرز القيادات في المسيرة من الشعبي الناجي عبد الله ومن قيادات المؤتمر الوطني اليسع الصديق التاج، ومحمد المنزول ومن قيادات الرصيف الاسلاميين إلى جانب عدد من أعضاء حركة الإصلاح الآن.
تهيئة لانقلاب
المسيرة التي لم يتبناها تنظيم بعينه قوبلت بالنقد من قبل مؤيدي الحكومة الانتقالية واعتبرها البعض تمهيدًا لخطوات لاحقة أو تهيئة لانقلاب، وهي فرضية وصفها آخرون بالمستحيلة.
آراء مضت للقول بأن هذه المسيرة تبدو هي الأخرى بداية اختبار للشارع والحكومة ورسالة لقوى الحرية والتغيير إلى أن للاسلاميين والقوى السياسية الأخرى وجودا في الساحة السياسية.
وعلمت (السوداني) أن هناك ترتيبا لموجة أخرى من الاحتجاجات، في المقابل، خرج عشرات من المتظاهرين في مواكب بالسوق العربي بوسط الخرطوم، في اتجاه القصر الرئاسي أمس، دعمًا للحكومة الحالية. وهتف المؤيدون بشعارات ”شكرًا حمدوك”، ”البلد دي حقتنا مدنية حكومتنا”، و” أي كوز ندوسو دوس”.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.