حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

باكر الكريسماس

شارك الخبر

(1)
عندما كنا في مراحل التعليم الأولية لم تكن العطلات الرسمية كثيرة، فهناك الأعياد الدينية وعيد الاستقلال وعيد الثورة (ثورة عبود او ثورة أكتوبر ما فارقة فـ(كل زول عاجبو الصارو) لا توجد ترجمة على الشريط ولكن عيد الكريسماس كانت له نكهة خاصة رغم أننا في الريف نجد الكريسماس لا يضيف لحياتنا اليومية أية إضافة مثل العيدين الأضحى والفطر إلا أن الكريسماس يأتي في يوم شاتي وغالبا ما يكون البرد مشتدا فيه فيكون عدم الذهاب للمدرسة في ذلك اليوم حدثاً سعيداً . صديقي نورين الذي فارق المدرسة منذ المرحلة الصغرى قابلته ذات مرة قبل عدة سنوات في السوق في يوم عطلة غير الجمعة نسيت مناسبتها، فبعد السلام حق الله بق الله بادرني بالقول (بالله الليلة الكريسماس ونحن مدوشين في الدنيا وما جابين خبر). فالشاهد انه ليس في ذهنه إلا إجازة الكريسماس . قلت له يمين انت أسعد سوداني وما جايب خبر لأي شي فإجازة الكريسماس راحت في حق الله.
(2 )
لا أتذكر متى ألغى النظام السابق عطلة الكريسماس، ولست متذكرا الحيثيات التي قيلت في هذا الشأن ربما قدم أحد المزاودين اقتراحا بذلك الأمر ودعمه ببعض الحجج الدينية ولم يجرؤ أحد على معارضته وكان ما كان، فآليات صناعة القرار واتخاذه كانت غربية في ذلك العهد، وفي ذات الوقت لا علم لي بالحيثيات التي أرجعت بها حكومة الثورة الحالية عطلة الكريسماس هل كان ذلك بدافع ذاتي أم بطلب من مسيحيي السودان، او لعب بولتيكا ولكن في كل الأحوال في تقديري أن قرار عودة عطلة الكريسماس قرار صائب فلو اعتبرنا الأمر أمراً دينياً فنحن كمسلمين يلزمنا ديننا باحترام كل الأنبياء والرسل وسيدنا عيسى عليه السلام من الرسل الإبراهيميين، واجب علينا تقديره وحق علينا الاحتفاء بمولده وإذا اعتبرنا الأمر أمرا دنيويا فكل الدنيا أو على الأقل الجزء الغربي منها والمسيطر عليها يحتفل بالكريسماس فلا شيء يمنع ان نكون مع هذا العالم هذا إذا لم نقل بالضرورة ان نكون جزءاً منه ففي ثقافتنا السودانية لا بل السوداناوية (الفندرة) ما فيش ترجمة ما كويسة ورمضان زائد عليه رحمه الله كان في أثناء غنائه يقول (خليك مع الزمن (
(3)
لقد ضرب الجفاف حياتنا إذ زحفت السياسة على كل أوجه الحياة وأصبح تفكيرنا كله يدور حول السياسة وهذا ما يسمى بالسياسوية وبما أن الكريسماس مناسبة غير سياسية إنما دينية في أصلها ودنيوية في مظهرها فسوف توفر لنا فرصة نخرج بها من السياسة ونفرفش ونبتهج ونفك التكشيرة شوية . التحول المناخي قد لا يجعل هذا اليوم شديد البرد كي يمكث الناس في منازلهم ولكن مع السماوات المفتوحة التي تتزاحم فيها القنوات الفضائية يمكن أن نبقى في البيت ونشاهد العالم وهو يحتفل بالكريسماس وستكون في تلك القنوات مبادرات وفنون متجددة لم تخطر على بال، وبهذا يكون الكريسماس وفر لنا متعة النظر وكما يقول المثل السوداني (جربان ياكل بي عينه) ويلا كركرسوا كلكم.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.