إليكم …الطاهر ساتي

آليات ترشيد الدعم (2)

شارك الخبر

:: المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير يقترح لوزير المالية رفع الدعم بالتدرُّج بعد ( 6 أشهر) .. و يُروى أن أحد ملوك الفونج أمر الفقهاء بتعليم بعيره القراءة والكتابة، ولم يجد الفقهاء حلاً لهذه الأزمة غير الشيخ فرح ود تكتوك، وقد التزم للملك بتعليم بعيره القراءة والكتابة خلال أربع سنوات، وتوعده الملك بالتعذيب لو فشل .. و بعد أيام، سألوا الشيخ فرح عن التزامه، فقال حكمته الشهيرة : ( خلال الأربع سنوات يا مات البعير، يا مات الأمير، يا مات الفقير)..!!
:: ولاحقاً تم تفسير حكمة ود تكتوك بأن ملكاً بهذا الغباء لا يحكم طويلاً، وقد صدق، بحيث تم إسقاط نظام الملك قبل أن يُكمل فترة الوعيد البالغ قدرها ( أربع سنوات)، ثم مات بعير الملك و بقى الفقير ود تكتوك .. ولكن حكومة الثورة ليست غبية أو ضعيفة بحيث تسقط خلال ( 6 أشهر)، فما هي الحكمة من اختيار المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير فترة الستة أشهر، بحيث يتم بعدها تنفيذ سياسة رفع الدعم؟.. لماذا ستة أشهر، وليست سبعة أو ثلاثة ..؟؟
:: لم نسمع بخطة اقتصادية صاغها المجلس المركزي لقوى الحرية والتغير، وكذلك ليس هناك أي برنامج اقتصادي لهذا المجلس، وقالها رئيس الوزراء حمدوك، مخاطباً الجالية السودانية بالرياض، بأنه لم يتسلم أيَّ خطة عن الفترة الانتقالية من قوى الحرية والتغيير، وهذا يعني عدم وجود خطة أو برنامج، ليبقى السؤال : ما الحكمة من تأجيل موعد تنفيذ سياسة رفع الدعم لما بعد الستة أشهر؟.. للأسف لا توجد إجابة منطقية للسؤال، فقط هي فترة زمنية – قاطعنها من رأسهم – مُراد بها بها تخدير الأزمة و الرأي العام ..!!
:: وبما أن المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير لايملك برنامجاً اقتصادياً، بحيث يكون فيه البديل لرفع الدعم، فعليه أن يكتفي بتفويض الحكومة – و سلطاتها الاقتصادية – بتنفيذ السياسة الاقتصادية التي تُناسب المرحلة ومتاعبها .. ومن الخطأ أن ترمي قوى الحرية والتغيير حكومتها في اليم مكتوفة من الأيدي، ثم تحذرها : إياك إياك أن تبتلي بالماء قبل (6 أشهر).. كما يحدث في كل دول العالم ذات الاقتصاد الحر، فان ترشيد الدعم، المسمى برفع الدعم، يجب أن يبدأ مع بداية موازنة العام 2020م، وليس في منتصف العام ..!!
:: و أن كان للمجلس المركزي لقوى الحرية فضول أوقات، فعليه أن يُقضيها في التخطيط لإحداث آليات تساهم في تخفيف وطأة سياسة ترشيد الدعم على بعض فئات المجتمع .. جمعيات تعاونية، صناديق رعاية اجتماعية، منح للعاملين وأرباب المعاش، توسيع مظلة كفالة الطلاب عبر صندوق دعم الطلاب، توسيع مظلة التأمين الصحي، تخصيص محطات وقود مدعومة – وأجهزة رقابة – للمركبات العامة، حصر المشاريع الزراعية وتصنيفها وتحديد حصتها من الوقود مع تقوية الرقابة والعقاب، تفعيل مراكز البيع المباشر ومكافحة السماسرة و…و..و.. !!
:: وكثيرة هي آليات تخفيف آثار سياسة ترشيد الدعم على بعض فئات المجتمع، وتأسيس هذه الآليات وتفعيلها وتقويتها ومُراقبتها بحاجة إلى إرادة سياسية وعقول تتقن (التفكير والإبداع).. والسياسي الحصيف يختلف عن الآخرين، بمن فيهم النُشطاء، بخاصية البحث عن حلول الأزمات بحكمة وذكاء و شجاعة، وليس بالتهريج و التأجيل ( 6 أشهر).. ولكن يبدو أن قوى الحرية والتغيير لا تتقن من فنون الإدارة غير الرفض والمعارضة، حتى وهي (حاكمة )..!!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.