الامام الصادق المهدي في (حوار مفتوح): ميزانية الحكومة الانتقالية مثل طيرة أم كتيتي*

حوار: ضياء الدين بلال

أكملت حكومة الفترة الانتقالية الـ100يوم، في ظل تحديات ومخاطر جمة، ومطالب بتحسين الوضع الاقتصادي، ومعاش الناس، إلى جانب مطالب القصاص لشهداء الثورة، وتحقيق العدالة.
وفي محاولة لتقييم الوضع الحالي وفترة الـ100 يوم للحكومة الانتقالية، كان الحوار التالي مع الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة وزعيم الأنصار لقناة النيل الأزرق عبر برنامج (حوار مفتوح) : 

مرت مئة يوم على حكومة الفترة الانتقالية كيف تقييم الأداء؟
سؤال مشروع، التغيير كان مفاجئا والظروف التي تمت فيه أيضا كانت مفاجئة، هذا لا يعني أن المعارضة والثورة ضد النظام كانت مفاجئة وإنما كانت متراكمة منذ بداية قيام هذا النظام ولكن الطريقة التي تم بها التغيير كانت مفاجئة، نعم انطلقت الثورة من الأقاليم وجاءت للعاصمة وكان هناك موكب 6أبريل والاعتصام أمام القيادة العامة وكان مفاجئًا أن القيادة العامة لم تبطش بالمعتصمين، وهذه بركة من بركات الثورة ثم بعد ذلك انحياز اللجنة الأمنية المُعدة لبطش المواطنين للثورة مما أدى إلى تكامل مدني عسكري وهذه أيضًا بركة من البركات، ثم قيام المجلس العسكري بالتعامل الإيجابي مع القوى المدنية الثورية مما أدى إلى قيام الفترة الانتقالية الحالية، هذا كله كان مفاجئًا وغير معد بنفس البرنامج لذلك الفترة الانتقالية تواجه الآن تحديات موضوعية، كيفية التعامل مع مشروع السلام، التعامل مع الاقتصاد والعلاقات الخارجية وهذه تشكل تحديات، في رأيي الوضع الحالى واعد ومأزوم أهم ما فيه أن الحُريات أطلقت، والشعب السوداني أكثر سعادة أن بلاده رُدت إليه وحريته ردت إليه، هذا إنجاز كبير كذلك الدخول في علاج القضايا بصورة قومية هذا أيضًا مبشر ولكن لا يوجد شك أن تركة النظام الماضي تركة ثقيلة للغاية، عجز الميزانية مثلا ماذا تفعل في هذا، هذا موضوع مهم، الحروب، فالنظام أشعل ضده 4 حروب أهلية، مخلفاتها موجودة، “علاقات خارجية، أيضًا خلف النظام حوله وضعا فيه محورية مؤذية جدًا للسودان، على كل حال في رأيي الحكم على ما حدث في هذه الفترة أن الوضع واعد ومأزوم.
بنسبة كم من النجاح في هذه الفترة في المواضيع والملفات الأساسية؟
اعتقد حتى الآن 40%.
أليست نسبة بسيطة؟
40% للقياس للمأمول، المشكلة القوى المغيرة للأحداث والقوى الثورية وضعت طموحات عالية جدا نتيجة لأنها تفكر بما تريد وترغب فيه، هذا مؤكد وضع مقاييس عالية جدا .
الاقتصاد من الأسباب الأساسية التي أدت للثورة والآن هنالك تأزم اقتصادي مستمر، تدهور في سعر الصرف ومشاكل اقتصادية عديدة لم يتم إنجازها؟
لذلك أتحدث عن 40% .
هذه النسبة على الحريات فقط؟
لا على المسائل المختلفة كلها، أنت تحث النظام على كل الأداء مافي شك.
في الاقتصاد كم تمنحه في المئة؟
القوى الثورية التي قامت ضد النظام كانت تتوقع تغييرا مباشرا في اليوم التالي ولكن كما قلت..
مقاطعة: حتى نكون موضوعيين كان من المفترض أن تحدث اختراقات أساسية خلال المئة يوم في الملفات المختلفة، ملف السلام لا يزال متعثرًا، الوضع الاقتصادي وغيره، بعض المحللين يردون هذه المسألة إلى أن اختيار مجلس الوزراء لم يكن بمقياس الكفاءة جاءت المحاصصة في الغرف المغلقة ومن تحت الطاولات؟
نعم هذا كله يمكن أن يحسب من أخطاء الترتيبات وكنا نرى لا محاصصة ويكون الحكم الانتقالى على مستوى السيادة ومجلس الوزراء من خبراء حتى لا يدخل موضوع المحاصصة وتأتي قوى سياسية تريد أن تبني لنفسها شعبية بمزايدات، هذا كان يمكن تجنبه لكن على أيّ حال مع ذلك في رأيي ما تم كان شيئا معقولا مع وجود التحديات الماثلة.
يعتقد الناس أن موقفكم من المحاصصة الإعلامي والعلني كان ضدها ولكن مساعيكم كانت مختلفة وأن حزب الأمة أكثر الأحزاب تمثيلا في الحكومة؟ 
قد يكون تصور عند بعض الناس لكننا لم نرشح أحدا من الذين دخلوا ما زلنا نكرر ونقول لا محاصصة
ألم ترشحوا البدوي وزيرًا للمالية؟
كل من دخل لم يدخل بترشيح من حزب الأمة .
ربما ليس ترشيحًا رسميًا لكن إيحاء؟
لا ترشيح ولا إيحاء .
مفرح وزير الأوقاف؟
كنا نتحدث باستمرار لا محاصصة، لم نرشح أحدا ولكن جهات أخرى رشحت ودخل هؤلاء ونحن أعلنا ونكرر ليس لدينا حصة فيما تم بل تم رغم أنفنا .
البعض يعتقد أنكم كأحزاب لديكم رغبة في خوض الانتخابات لا تريدون عبر المشاركة العلنية المعروفة أن تتحملوا وزر الأخطاء التي يمكن أن ترتكب في الفترة الانتقالية ولذلك تعلنون عدم مشاركتكم؟
لا، هذا ليس تكتيكا بل مسألة مبدئية نحن قلنا في المناسبات لا نريد أن يدخل أحد باسمنا لا في مجلس السيادة ولا الوزراء، وقلنا من يدخل فيها يفقد حقه في الترشح للانتخابات القادمة لكن كما قلت الناس لأسباب تتعلق بالكفاءات وغيرها رشحوا أسماء منسوبة لحزبنا ولكن المسألة ليست تكتيكا حتى لا نتحمل مسئولية ما حدث، بالعكس نحن نتحدث عن أننا مسؤولون عن أخطاء التجربة لأنها أيضا منسوبة إلينا باعتبارنا في (الحرية والتغيير) ولكن لم نعلن ما أعلنا تكتيكا بل مبدأ ودخلنا في مجادلات كبيرة مع حلفائنا في (الحرية والتغيير) وهزمونا بالتصويت داخل هذه المواقع لأنهم كانوا حريصين على المحاصصة، من دخل بأي حزب من الأحزاب كان ضد قرار حزب الأمة حول المحاصصة.
كيف تقييم أداء د. عبد الله حمدوك؟
فى رأيي إنسان مجتهد ويعتبر نفسه ممثلا قوميا دون انتماء لأي جهة واعتقد أنه ينال أجر المجتهد (إذا أفلح له أجران وإذا أخفق فله أجر واحد)
كأن هذا تشكيك؟
ليس تشكيكا هو حقيقة كلف بمهمة تحتاج لإنسان شجاع جدا أن يقبل مهمة أن ترث نظام الإنقاذ في رأيي هذه شجاعة منه أن يقبل الدخول في هذه التجربة الخطيرة المحفوفة بالمخاطر.
إلى أي مدى قادر على إدارتها وتحقيق نجاح وأنت رئيس وزراء سابق لعدد من الدورات؟ كيف تقيم ذلك؟
لا أستطيع أن أقيس لأنني كنت رئيس وزراء مفوضا من الشعب ولديّ صلاحيات كاملة .
الآن لديه تفويض شعبي كبير؟
نعم لكن التفويض الحالي ليست فيه منهجية معينة، يمكن لقوى الحرية والتغيير أن تضغط ويمكن للوبيات المختلفة أن تضغط وهذه كلها تضعف القدرة، أنا مثلا أعتقد أنه في اتجاهاته الخارجية قام بعمل جيد في محاولة تطبيع علاقة السودان بالأسرة الدولية وإن أخذت عليه ووجد قبولا .. الحديث مع الولايات المتحدة حول جرائم النظام نحن لا نقبل نحن أن نتحمل المسئولية عن المدمرة كول ولا عن تفجير السفارتين بنيروبى ودار السلام ، كان يجب أن يكون الموقف مبدئيا نحن كنا ضحايا ذلك النظام لا يمكن أن نقبل أن نسأل عن خطاياه وكان يجب أن يغلق هذا الموضوع ولا نناقش أيّ تبعات من النظام السابق.
أبلغتموه بهذا؟
لم نكن نعلم، عندما ذهب لم يتشاور معنا لكن عندما حدثت هذه المحادثة والحديث عن تحويل الغرامة التي سوف يدفعها السودان من بلايين إلى ملايين هذا كان من حيث المبدأ خطأ لأن الضحايا في هذه الأحداث لا يقبلون هذه التسويات لكن يمكن أن تقوم بها الحكومة لأن الضحايا أتوا بحكم محكمة كان سيكون الموقف واضحا نحن أهل السودان.
هل هذه ورطة؟
نعم ورطة ما في ذلك شك.
كيف الخروج منها؟ 
مبدئيًا ينبغي ألا يفتح هذا الباب .
الالتزام قُدم الآن؟
نحن كقوى سياسية نرفض هذا وسنعلن أنه لا يمكن لأي جهة أن تحمل الشعب السوداني الحر مسئولية نظام غير شرعي ارتكب جرائم كثيرة جدا في دارفور وغيرها .
هذا الأمر هل يمكن أن يفتح الباب لتعويضات مختلفة؟
لا يوجد شك، كان ينبغي أن يكون الموقف مبدئيا، نحن لا نُسأل عن جرائم وأخطاء النظام السابق الذي كنا ضحاياه .
كيف تنظر لهاشتاق (شكرا حمدوك)؟ على ماذا يشكر؟
قلت لك على شجاعة قبول هذه المهمة الصعبة في الوقت الحرج في وقت فيه – وفقا لرأيي – احتمالات الفشل كبيرة ولذلك يشكر.
الفرص أفضل من جبهة الهيئات في الستينيات من حكومة الجزولي الانتقالية إذا قارنا في أوجه الاختلاف؟
أنا كتبت كتابا أسميته (الديمقراطية راجعة وعائدة) النظم الديكتاتورية تدهورت من الأفضل، نظام عبود إلى الأقل سوءا إلى الأكثر سوء، نظام نميري إلى الأكثر سوءا مضاعفا نظام البشير إذا هناك تدهور فالأداء الديكتاتوري مختلف، دكتاتورية عبود أقل سوءا من نميري والأخير أقل سوءا من دكتاتورية البشير وهو أسوأ الدكتاتوريات في تاريخ السودان ليس فقط لمساوئها كذلك لطول المدة التي عاشت فيها وللاستهتار الذي تعاملت به مع كل القضايا السودانية ولذلك نعم لا توجد مقارنة .
يقال إن حمدوك دخل في تحد كبير لكن بتيم تنفيذي ضعيف؟
هذا التيم إلى حد كبير فرضته محاصصة غير صحيحة وغير سليمة هناك شخصيات دخلت مجلس الوزراء والسيادة وهم أشخاص متدربون نشطاء.
لماذا لم تسندوهم بالآراء والتوجيهات؟
فعلنا ذلك، نحن أول من كتب لهم كتاب (مصفوفة الخلاص الوطني) في تصدي ومعالجة 26 بندا داخليا وخارجيا، نحن طبعا قوى سياسية لسنا قوى تنفيذية لكن كل محاولة للمشاركة الإيجابية حاولناها.
قد يكون السؤال فيه قدر من الحساسية كيف تنظر لاختيار وأداء وزيرة الخارجية؟
السيدة متحمسة وطيبة ولكن في رأيي غير مؤهلة لهذه المهمة لسبب بسيط علاقات السودان الخارجية من أسوأ العلاقات التي صنعها النظام فكان يفاوض الأمريكان ثم يستنجد بالروس، يتحدث عن أنه محايد ويشترك في حرب اليمن، يمشى مع قطر ثم يذهب مع الأمارات، نظام أورث السودان سمعة سيئة للغاية فهي إذا حقيقة دُفع بها دون استعداد منها حقيقي في حقل ألغام، كان ينبغي أن يأتي لهذا الموضوع معلم أو معلمة في العلاقات الخارجية لكي يتعامل مع هذه الألغام نحن دفعنا بسيدة في رأيي استعدادها طيب ومتحمسة وكل هذا ولكن رأيي غير مؤهلة للسير في حقل الألغام .
من الانتقادات التي توجه للبدوي أنه قادم بروشتة البنك الدولي ويرى كل الحلول للأزمات الاقتصادية خارج الحدود، كيف تنظر للأداء؟ وما هي المآخذ؟
رأينا في هذا الموضوع واضح كان ينبغي لوزير المالية إبراهيم البدوي وهو شخص نحترمه ونحترم كفاءته أن يدعو أولاً لمؤتمر قومي اقتصادي لأن التشخيص في السودان من مآخذ اقتصادية كبيرة للغاية لا يستطيع شخص مهما كان تأهيله أن يواجهه ولذلك قبل الدخول في الميزانية والمشروع الاقتصادي في رأينا كان ينبغي عليه من يومه الأول الدعوة لمؤتمر اقتصادي قومي .
هنالك مؤتمرات لقوى وأصدقاء السودان؟
قبل الحديث مع أصدقاء السودان الحديث مع السودانيين، يدعو لمؤتمر قومي اقتصادي يحضر هذا المؤتمر الخبراء في كل القوى السياسية ليناقشوا أولا تشخيص الحالة الاقتصادية للسودان التي كانت في غرفة العناية المركزة منها إلى القبر، كان ينبغي التشخيص ثم الاتفاق ثم تحديد الأولويات بصورة فيها مؤتمر قومي اقتصادي قبل الدخول في الحلول، هذا لم يحدث وسوف يسبب مشاكل للميزانية القادمة.
كيف تنظر للميزانية والاتجاه لرفع الدعم؟ مع هذا القرار أم ضده؟ وهل لديكم مقترح ثالث؟
“في حاجة اسمها (طيرة أم كتيتى) مثل عند أهلنا في غرب السودان الطيرة دي لمن تجدها في الطريق لو شلتها قتلت أمك ولو سبتها قتلت أبوك”، بمعنى الحل الاقتصادي يتطلب إجراءات فيها تقشف والموقف السياسي يتطلب إجراءات ليس فيها تقشف في تناقض ما بين المطلب السياسي والمطلب الاقتصادي.
هذه أزمة دائمة في السياسة السودانية؟
نعم وكان يجب أن تترك لمؤتمر قومي اقتصادي للحديث عن هذا الموضوع والحديث عن الأولويات نحن عندما عملنا زيادة في سعر السكر قامت مظاهرات، الموقف ليس أننا نصر على ما نفعل وحدنا، أنا دعوت لمؤتمر قومي، تعالوا عمالا وأحزابا سياسية نتفق وعرضنا لهم الموقف واتفقنا تجاوزنا الأزمة سلميا بدون معاكسات ومشاكسات، في رأيي الموقف يتطلب موقفا قوميا للاتفاق على الأولويات والتوفيق .
كحزب أليس لديكم موقف؟
لدينا لجنة تبحث في ماذا نقول بالنسبة لهذه الميزانية، الرد العام كان ينبغي قبل الميزانية أن يعقد مؤتمر قومي اقتصادي .
لماذ يتهم حزب الأمة بضعف اهتمامه بالجوانب الاقتصادية؟
فليتهم من يشاء لكن لدينا اهتمام كبير، مصفوفتنا التي قدمناها للخلاص الوطني واضحة جدا فيما هو المطلوب للاقتصاد الوطني، نحن نعتقد أن حديثنا حتى مع الأسرة الدولية كثيرون لم يتابعوه، قلنا للأسرة الدولية ولأشقائنا في العالم العربي مطالب اقتصادية محضة، أولا بالنسبة للأشقاء من فضلكم تجنبوا التجارب لوضع السودان في محوريات، هذا حديث قلناه خصوصا لأهلنا جميعا الأشقاء، وأن تبنوا مشروع مارشال لتنمية السودان فيه مصلحة لنا ولكم، الفكرة هنا..
مقاطعة: هذه مطالب ونصائح لكن حزب الأمة لا يقدم برنامجا اقتصاديا يدعم التنمية لحل مشاكل الفقر، لحل مشاكل مشروع الجزيرة ؟
قمنا به في المصفوفة، لكن أحدثك عن علاقاتنا الخارجية وضرورة أن تأخذ المنحى الاقتصادي وليس المنحى المحوري الوارد، ثانيا للأسرة الدولية حديث واضح، كلمة مشروع مارشال جاءت من حزب الأمة وليس غيره، بالنسبة للأشقاء بالنسبة للأسرة الدولية قلنا أنتم أصدقاء السودان دعونا من مسألة العواطف نحن نريد أن تعقدوا مؤتمرا نسميه مؤتمرا دوليا نسميه دافوس في السودان على غرار مؤتمر دافوس الذي يعقد سنويا واقترحنا ماذا ينبغي أن يكون .
هل كل المشاكل تحل بهذه المؤتمرات؟
المؤتمرات تساعد على التشخيص والاجتهاد .
في تاريخنا المؤتمرات كثيرة والاجتماعات كذلك لكن واقع العمل يلزمنا؟
المؤتمرات التي عقدت في ظروف البلاد خلال النظم الديكتاتورية ليست مؤتمرات لأنها تعمل للدعاية .

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.