بسبب الرسوم و”الكاش خطر في انسياب صادر الحبوب النقدية للخارج

الأبيض : ابتهاج متوكل

تعالت اصوات شكوى تجار المحاصيل بسوقي الأبيض والرهد، من شح السيولة وكثرة الرسوم والجبايات، بجانب ازدواجية تحصيل الزكاة، مطالبين بضرورة توفير سيولة للبنوك بشمال كردفان، وايجاد حلول حاسمة للرسوم والجبايات المحلية والولائية، حتى ينساب صادر الحبوب النقدية للأسواق الخارجية. (السوداني) وقفت على أوضاع اكبر اسواق المحاصيل ضمن الوفد الاعلامي الزائر لولاية شمال كردفان.
وكانت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، أعلنت عن إصدار تشريعات تقضي بعدم إخضاع صادرات القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني لأيّ رسوم أو ضرائب أو جبايات على مستويات الحكم كافة، وذلك خلال موازنة ٢٠٢٠م.

الموقف الآن
حققت ولاية شمال كردفان في هذا الموسم إنتاجا كبيرا في المحصولات النقدية ابرزها الفول السوداني والكركدي والسمسم، وحب البطيخ
وقال الأمين العام، للجنة تسيير سوق محصولات الأبيض سالم أحمد سالم، إن حديثه يأتي بنفس الثورة ولسان المنتج الحقيقي، والذي يحب أن تدعمه الدولة لانه يرفدها بالموارد، موضحا أن شمال كردفان ولاية وسطية تتميز بانتاج ٧٠٪ من السمسم الأحمر، وكميات مقدرة من الفول السوداني، هذا الإنتاج الكبير يعاني من كثرة الجبايات والرسوم المحصلة، وانها تشكل نسبة ٢٠٪ من سعر المحصول، وصارت معوقا لا يساعد على زيادة الانتاج والانتاجية، داعيا الدولة في العهد الجديد لتصحيح مشكلة الرسوم والجبايات المكررة بإلغائها و توفير بيئة صالحة للعمل والإنتاج، وفيما يختص بأمر موضوع الزكاة زروع وعروض تجارة، اعتبر ما يحدث غير صحيح، لأن الزكاة غير محتاجة لاجتهادات فقهية، وزكاة الزروع تكون على المنتج يوم الحصاد ومرة واحدة (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ (141))، سورة الأنعام، ولكن هناك ازدواجية في الزكاة حتى افرغت من معناها الأصلي، واصبحت مسألة متكررة ويوميا، وتابع ” انا تاجر عندي ملف زكاة بدفعها بصورة منتظمة على رأس مال كل يمر عليه الحول”، ويتم إخراج الزكاة كاملة، وهنالك امر يجب مراعاته للمزارع التقليدي بكردفان مقارنة بالولايات الانتاجية الاخرى من ناحية المساحات المزروعة، حيث نجد المزارع البسيط عادة ما يخرج زكاته من إنتاجه بتوزيعها على أهله واقربائه، ولكن عندما يأتي لسوق المحصولات يدفع زكاة الزروع، داعيا لإيقاف هذا العمل لانه لا يصب في مصلحة الدين والدولة.
من ناحية أخرى اعتبر سالم، قرار إيقاف صادر الفول غير مكتمل، وادى لخفض سعر الطن من ٥٢ الف جنيه إلى ٤٥ الف جنيه، بما اثر على تنافسية الاسعار، مشددا على أن فرق مبلغ ٧ آلاف جنيه، كان اولى بأن تدخل “لجيب المنتج” اما حاليا فنجدها ذهبت لمصلحة المصدر، ويفترض حماية المنتج وليس المصدر، لانه اخذ زيادة السوق التي هى من حق المنتج واعطاها المصدر، وهذه المسألة ليست في مصلحة الإنتاج و البلاد معا. منوها إلى أن الإنتاج المتوقع للفول السوداني يتراوح ما بين ٩٠٠ الف _ مليون طن، مقارنة بالاستهلاك المحلي بنحو ٤٠٠ الف طن، فائض ٥٠٠ الف طن من الفول النقاوة قادر على تغطية الاحتياج المحلي، لانتاج الزيوت والاعلاف، اما الاسعار الحالية للطن فتعد حقيقية معقولة وليست مضاربات، لان السعر العالمي لطن الفول حاليا في حدود الف دولار، تغطي كلفة المنتج والمصدر، في حالة أرادت الدولة الحد من المضاربات كان يمكن الحد من ذلك بطرق أخرى غير إيقاف صادر الفول، خاصة أن الوضع الاقتصادي الراهن يتطلب توازنا في السياسات والقرارات، وانتقد سالم، قرار اتحاد الغرفة التجارية باعتماد ٤٥ شركة لصادر الفول السوداني، لانه يعد احتكارا لصادره ما يعني التحكم في أسعاره داخليا والاحتفاظ بنسبة عالية من الارباح لنفسه، بما يؤدي لانخفاض السعر داخليا، داعيا الجهات المختصة لمراجعة هذا الامر، لانه ينعكس سلبا على المنتجين في مردود إنتاجهم وتحفيزهم للاستمرار بالعمل.

الدولة العميقة
واكد امين تنسيق لجنة تسيير سوق محصولات الأبيض، مبارك إدريس النور، لـ(السوداني) على أن ابرز مشكلات التجار بالسوق تمثلت في الرسوم والجبايات العالية، موضحا بانهم كقوى الحرية والتغيير، جلسوا مع المدير التنفيذى للسوق وأمانة الحكومة، لمناقشة هذه المشكلات، وتمت معالجات ليست جذرية، وذلك بتخفيض بعض الرسوم من نسبة ١٠٠٪الى ٧٠٪، لحين تكوين المجالس التشريعية، ولكن تم ايقاف رسوم نفرة شمال كردفان، مؤكدا أن الرسوم القديمة ما تزال موجودة، من رسوم محلية وشهيد وخلافه، بجانب الدمغة الولائية لأنها تابعة الضرائب، منوها إلى أن قنطار الفول السوداني تؤخذ منه رسوم وجبايات بنحو ٣٥٠ جنيه عبارة رسوم وجبايات من الأبيض حتى منطقة فتاشة بأم درمان. واضاف : التجار يشتكون الآن من شح “الكاش” وعدم صرف الشيكات بالمصارف، موضحا بانه استفسر بعض إدارات البنوك الذين أكدوا وجود السيولة، ولكنهم افادوا بوجود توجيهات من إدارة بنك السودان المركزي فرع الأبيض، بعدم اعطاء السيولة، الا للشخص الذي يورد “كاش”، بمعنى (الزول بورد قروش ادوه)، مشددا على أن شح السيولة صار معوقا لحركة الصادر وإنسيابها، واعتبر ما يحدث (شغل دولة عميقة)، مؤكدا أن ولاية شمال كردفان تعد احدى الولايات المنتجة، ويفترض توفير السيولة الكافية طيلة موسم الحصاد والصادر من نوفمبر حتى يونيو القادم، وإضاف: المنتجون بسطاء يريدون استلام اموالهم كاملة، ولا يتعاملون بالشيكات، ورهن امر نجاح موسم الصادر بتوفير السيولة عاجلا، مشيرا إلى أن المرحلة تتطلب انسياب الصادرات لجلب عائدات للبلاد

نقطة نظام
واوضح التاجر بسوق محصولات الأبيض الصادق جبريل، أن التجار يدفعون رسوم خدمات الأسواق والمواصفات والتسويق والضرائب، الزكاة، وقال لـ(السوداني) انهم كتجار لا يعترضون على دفع الزكاة ولكن يجب اتباع الشرع في ذلك، مستدلا بتكلفة قنطار السمسم من نيالا او الجنينة بقيمة ٢٠٠ جنيه، تدفع له زكاة ما بين ٢٥٠_٣٠٠ جنيه بحسب السعر، متسائلا ” انا صرفت كم على القنطار حتى يصل سوق محصولات الأبيض”، لتكون قيمته بنحو ٣٧٠ جنيه؟، داعيا إلى ضرورة اخذ الزكاة من قيمة سعر الإنتاج، منوها إلى أن هناك مصروفات اضافية تزيد من تكلفته حتى يصل سوق المحصول.
واعتبر جبريل، بان اسعار المحصولات في هذا الموسم جاءت مرتفعة قليلا، وفقا لأسعار الموسم الماضي، ولكن حاليا هناك “ربكة وتذبذب ” في اسعار على مستوى مواقع الإنتاج والأسواق الرئيسية والفرعية، كما تأثر محصول الفول السوداني بقرار إيقاف تصديره، وربما ينعكس ذلك سلبا على “نفسيات” المنتج والتاجر معا، والاستعداد للموسم المقبل في حالة استمراره، ومضي يقول إن إيقاف صادر الفول مؤقتا لاسباب فنية يعد امرا مقبول، الا أن ايقافه لاكثر من اسبوعين عرض التجار والمنتجين لخسائر، واضطر بعضهم لبيع المحصول باسعار غير مجزية، منوها إلى استحالة أن يحقق قرار إيقاف صادر الفول امر حماية المنتج والمستهلك في آن واحد، ويعتبر ضربا من ضروب الخيال، لان خفض الاسعار للمنتج سيجعله مستهلكا مع مرور الوقت، ويفضل حفز ودعم المنتجين حتى يتوجه الآخرون للإنتاج، كما يجب الابتعاد عن الأسعار وتركها لمسألة العرض والطلب، لان الدولة لا تقدم للمنتج اي شيء، بل تأخذ منه رسوما وجبايات عالية ما تزال تشكل عائقا امام وارد المحصولات من الولايات لسوق الأبيض، ثم انسياب الصادرات للأسواق الخارجية

إحجام الوارد
واوضح مراقب سوق محصولات الأبيض، محمد إبراهيم بلة، أن بورصة الأبيض تعد من أكبر اسواق المحاصيل والصمغ العربي خاصة يمتاز بتوفير محصولات بمواصفات ممتازة خالية من ذات الجودة العالية والشوائب والعيب، وشهد هذا الموسم انتاجيات عالية لمختلف المحصولات ودخول وارد بكميات كبيرة للسوق. فيما يختص إيقاف صادر الفول، حاليا هناك ركود في الأسعار بسبب توقف الصادر، بما انعكس سلبا على حجم الوارد وعدم تنافسية الاسعار بالنسبة للمنتجين، لذلك احجم بعض المنتجين عن احضار المحصولات بكميات كبيرة للسوق، وصار هناك تراجع يوميا في الأسعار، مستدركا بالقول إن اسعار الموسم السابق كانت أعلى، الا أن الاسعار عموما تعتمد على العرض والطلب، معلنا أن واردات المحاصيل في نوفمبر الماضي بلغت اكثر من ٩ آلاف طن للفول المقشور، بينما الفول الخام ٦ الآف طن، الكركدي ٤١٣ طن، السمسم ١٥٤٦ طن، الصمغ العربي الهشاب ٧٠ طنا، الطلح ٤٩ طنا، حب البطيخ ٨٦ طنا..

ركود الرهد
جاءت المحطة الثانية، سوق محصولات الرهد كان للوقوف على حقيقة واقع محاصيل الصادر، وقال التاجر علي عوض حسن، إن سوق الرهد يواجه مشكلة قلة عدد التجار و المشترين، حاليا يوجد ما بين ٣_٤ تجار، رغم الوارد الكبير للمحصولات، ودخل السوق خلال الموسم الجاري ما لايقل عن ٦ آلاف قنطار من السمسم يوميا، مبينا بأن المحصولات يتم غربلتها وتجهيزها بغرض الصادر، ولكن هناك ركود في الأسعار ويحتاج السوق لسيولة ضخمة لتنشيط حركة تداول المحاصيل، مشيرا إلى أن بضائع الصادر في حاجة لتجار و”كاش” لانعاش حركتي البيع والشراء. ويرى التاجر بسوق الرهد حاتم محمد يوسف، أن السوق ما يزال يشكو من ركود الاسعار، وضعف معدلات شراء المحصولات من قبل المنتجين، وذلك بسبب شح السيولة وعدم دخول الشركات في شراء المحصولات، وقال إن سعر قنطار السمسم الأبيض بلغ حوال ٣٤٥٠ جنيه، اما الأحمر فبلغ ٣٣٠٠، الفول السوداني ١٣٠٠ جنيه، واشار التاجر برير عبد الرحمن الشيخ بسوق الرهد، إلى تعثر عمليات شراء المحصولات من قبل المنتجين، وقال إن السيولة ما تزال تقف عائقا أمام التجار رغم تجهيز محصولات الصادر، وعند الذهاب للبنك لصرف الشيكات لا توجد “قروش”، وأضاف : الحاجة اليومية السيولة لشراء كميات من المحصولات تتراوح ما بين ١،٥ مليون جنيه، مؤكدا أن معظم التجار توقفوا عن العمل لنحو اسبوع، وهناك شبه توقف لحركة الشحن.

اسعار مجزية
وقال مدير سوق الرهد للمحصولات، محمود أحمد بشارة، إن هناك زيادة في كميات المحصولات النقدية غير مسبوقة، خاصة محصولي الكركدي والسمسم، وإضاف: الأسعار مجزية للمنتجين نالت رضاءهم حتى الآن، مشيرا إلى أن شح السيولة يعتبر عاما، موضحا أن حجم التداول جيد رغم هذه المشكلة، متوقعا زيادة نشاط حركة وراد الصادر خلال ديسمبر الجاري

ضغوط ومطالبات
وقال المنتج الفاتح محمد أحمد، إن زكاة الزروع في الأصل يخرجها المنتج، ولكن واقعيا فإنها تؤخذ من التاجر بالسوق رغم انه ليس منتجا، ولايوجد به انتاج، واعتبر ما يحدث تحصيل ايرادات، ويجب اخذ زكاة عروض التجارة من التجار، وشكا الفاتح، من كثرة نقاط الرسوم والجبايات بالطرق، بما يعطل حركة سير البضائع وزيادة اسعارها، مشددا على ضرورة توفير الأمن والحماية للمنتجين، واكد المنتج وداعة محمد موسى، أهمية توفير الامن للمزارع، وقال إن بعض المنتجين يتعرضون لاعتداءات خاصة في المناطق البعيدة حيث توجد بها تفلتات امنية، اضافة إلى ارتفاع أسعار جوالات “الخيش” حيث بلغ سعر الجوال 70 جنيها
واشار المنتج آدم محمد إدريس، إلى امر دفع الزكاة عينا ونقدا بمعنى أن اي منتج تؤخد منه نسبة 10%، بعد ذلك يلزم المنتج بدفع جبايات ورسوم أخرى وضرائب، تصل لنحو 100 جنيه في كل قنطار، مؤكدا أن المزارعين مجبرون على دفع الزكاة لكن ليس عليهم دفع الضرائب بحسب قوله، ” فنحن منتجون ولسنا تجارا”، منوها إلى انه يتم التحفظ على المحصول في حالة عدم الدفع.

في الانتظار
يذكر أن وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي، اعلنت عن إجازة مجلس الوزراء، التوصية بعدم إخضاع صادرات القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني لأي رسوم وضرائب ولائية، لدعم الصادرات والاكتفاء فقط بضريبة دخل اتحادية تبلغ ٢%، توزع على الولايات حسب حجم إنتاجها، واوضحت الوزارة مؤخرا أن التشريعات المساندة لذلك ستصدر قريبا، واشارت إلى أن القرار يهدف لدعم المقدرة التنافسية للمنتجات الزراعية، وتنشيط هذا القطاع المهم للمساهمة في نمو الاقتصاد الكلي.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.