حاطب ليل || د.عبداللطيف البوني

الفريضة الغائبة

شارك الخبر

(1 )
مشكلتنا في السودان أننا غارقون في العمل السياسي في سبيل بناء دولتنا مع استبعاد كامل للبعد الاقتصادي وهذه العاهة لازمت حركتنا السياسية الحديثة منذ نشأتها مع حركة التحرر الوطني حيث كان شعارنا (التحرير قبل التعمير) وبعد التحرير ما اشتغلنا بالتعمير الشغلة مما جعل الناس يحنون لايام الانجليز حيث كان هناك تعمير دون تحرير . لا احد ينكر قدرة تأثير الوضع السياسي على التحكم في التطور الاقتصادي ففي دول العالم الثالث المنكوبة من بيده السلطة بيده المال (سلطة للساق ولا مال للخناق) كما يقول اهلنا في دارفور وذلك ببساطة لان السلطة هي التي تتحكم في توجهات المال . وحتى يوم الناس هذا لن نبعد النجعة اذا قلنا إن الفكر الاقتصادي التنموي مازال فريضة غائبة في تكويننا السياسي.
(2 )
اليوم العلينا دا مر عام كامل على الثورة السودانية المتفردة هذه الثورة التي كانت شرارتها اقتصادية بحتة ثم تطورت الى نار سياسية كاملة اللهب وحتى في الاقتصادية كان السبب المباشر رغيفة الخبز ففي مايرنو والدمازين ثم عطبرة وعندما وجد التلاميذ سعر الرغيفة قد تضاعف نزلوا للشارع مباشرة ومن مدن الاقاليم دخلت الثورة العاصمة لتأخذ شكلها السياسي الكامل وبعد نجاح الثورة ظلت الاجندات السياسية تقود الثورة واخذ القانونيون يخيطون لها الطريق والسياسيون يحملون مصابيح الكلام وانزوى الاقتصاديون الى جانب الطريق لانه تنقصهم وسائل المدافعة وبارك الله في المنحة السعودية الاماراتية التي جعلت في بنك السودان عرقا ينبض وما إن توقفت تلك المنحة حتى عاد البنك للعناية المكثفة فجاءت الميزانية وكأنها هبطت من السماء لتفاجئ الناس بكارثية وضعنا الاقتصادي فكانت الجقلبة (ارفع ما ترفع وادعم ما تدعم )
(3 )
اتفاق الحكومة مع حاضنتها السياسية ق ح ت على اقامة مؤتمر اقتصادي جامع في الربع الاول من عام 2020م دليل كاف على اننا كنا مهملين للناحية الاقتصادية ولكن إن تأت متأخرا خير من الغياب التام فها هو الاقتصاد يفرض نفسه وكل الذي نتمناه أن تتجه الثورة بكلياتها نحو الاقتصاد ولتتحول الشعارات السياسية المطروحة الى شعارات اقتصادية ولتكن اسابيع ما قبل المؤتمر عبارة عن ايام واجب منزلي (Homework) لكل شباب السودان كل في منطقته ليضع لنا خارطة طريق للنهضة الاقتصادية وتجمع كل هذه الادبيات الاقتصادية وتتم غربلتها على مستوى المحافظة ثم على مستوى الولاية لتكون الفلترة الكاملة والخارطة النهائية في المؤتمر المشار اليه وليعلم هؤلاء الشباب انه لا مكان تحت الشمس لأمة تتسول غذاءها وليعلم هؤلاء الشباب أن اي ثورة سياسية دون دعامة اقتصادية الى زوال والى خراب بلد وليعلم هؤلاء الشباب أن (شكرا حمدوك) لا قيمة لها دون أن يسبقها او يتزامن معها عمل منتج وليعلم هؤلاء الشباب أن الله حبانا في هذا السودان بموارد اقتصادية مذهلة باختصار كدا اننا نريد أن يكون العام الثاني للثورة عام الاقتصاد عام التعمير حتى يدوم التحرير .

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.