همس الكلام…حسين الخليفة الحسن

العيلفون تحتضن بخت الرضا (embracing)

بأريحية باذخة، وشوق لاهث فتحت مدينة العيلفون قلبها النابض بحب الوطن العاشق للعلم والمعرفة، وصدرها الرحب المترع بالود والحميمية، لكل حادب متلهف لإحداث نقلة نهضوية تجديدية، لتنفض الغبار الكثيف العالق بمسيرة التعليم بالسودان. وتسعى لبعث الروح فيه. تجسدت هذه النقلة في مبادرة ألمعية نادرة من أهل العيلفون الأوفياء ،لتضميد جراح التعليم،وإخراجه من غرفة العناية المكثفة التي بقي بها قلقا حزينا لثلاثة عقود عجاف.

جئنا نحن أعضاء المنتدى التربوي السوداني، رجالا وقوارير ملبين نداء أم رؤوم (العيلفون)، ويقود ركبنا معلم الأجيال الاستاذ محمد الحاج ابراهيم، جئنا متدثرين بعباءة الخبرة والتجربة لنوقد مع أهلنا بالعيلفون جذوة تطوير وتحديث التعليم بالسودان،وهم يحتفلون بمئوية التعليم بمسقط رأسهم(العيلفون). قلمي العاشق لتلك الدوحة الفيحاء (العيلفون) توأم بخت الرضا ابى إلا ان يوثق لما شاهد بأم العين ولاحظ في تلك الاحتفائية الصاخبة بالغبطة والفرح.

اولا: كان الاحتفال بهيجا، دسما، وسيما. حضره العلماء،الخبراء ،المعلمون التلاميذ والتلميذات، (الكنداكات) الشباب ومواطنو البلد المضياف صاحب اليد البيضاء . شاهدنا معرضا تراثيا عتيقا قيما، عاد بذاكرتي للزمن الجميل الاصيل.

ثانيا: تجربة بخت الرضا هو عنوان ندوة الاحتفائية الرئيسة قدمتها بحماس جارف ووطنية صادقة البروفيسور فدوى عبد الرحمن علي طه مدير جامعة الخرطوم. رأت العالمة المتألقة نفض الغبار عن فلسفة، نهج ومبادئ بخت الرضا ويتم صنعها وصقلها وتحديثها وتطويرها وإخراجها لترتدي ثوبا زاهيا قشيبا يواكب العصر. قدمت (فدوي) وفي طبق من ذهب السيرة الذاتية الوضيئة لقلعة العلم المعرفة. ان لبخت الرضا تجربةexperiment، وفكرة باقية أمد الدهر، ولن تندثر او تغيب عن الأذهان ولن تذوب ثلوجها لنجاحها، انها أفرزت للوطن تعليما هادفا وخدمة مدنية راسخة متينة .فهل نقتفي أثرها في فجر السودان الجديد؟ وأضافت العالمة الخلوقة قائلة: بجانب هدف بخت الرضا الاساس: تأهيل وتدريب traing المعلمين علمت وغرست في نفوس كل منسوبيها الخلق النبيل السلوك القويمbehavior .. وهكذا توهجت القيم السودانية السمحة التي صارت ملء السمع والبصر. كما تعطرت الخدمة المدنية بأريج الطهر والنقاء purity. كان عرض البروف جاذبا، شيقا، شفيفا وثراً بالمعلومات الغائبة عن الكثيرين. صاغت (فدوي) عباراتها بأسلوب السهل الممتنع السلس العذب. وأقولها صادقا وملء فمي اذا حرصنا على تطبيق ما جادت به ذاكرة البروف(فدوي) عن تلك التجربة التربوية، التعليمية، الأخلاقية السلوكية لفريدةunique ،ستأتي الثمار اكلها، وستعود للتعليم سيرته الاولى بهاء، ألقا وشموخا.

ثالثا: حز في نفسي بل أثار وجداني غضبا وغبنا غياب من اعتلى قمة هرم التربية والتعليم الاتحادي: الوزير، الوكيل ومدير مركز المناهج والبحث التربوي (علمت انه مصاب بالتهاب حاد). غاب هؤلاء عن حضور تلك الاحتفائية. إخوتي قادة التعليم حضوركم للاحتفائية ليس تشريفا فقط، كما كان في العهد المظلم، وانما هو عمل ميداني ضروري لتعميق وترسيخ العلاقة بينكم والمجتمع، وتوطيد الثقة بين الطرفين.
يُحكى ان الرئيس التركي طيب اوردغان، تلقى نبأ رحيل أحد من علمه رسم الحرف ونطق الكلمة اثناء ترؤسه لجلسة مجلس الوزراء .هب واقفا من مقعده الوثير. معتذرا للوزراء بتأجيل الجلسة حتى يتمكن من حمل نعش معلمه ومواراته الثرى…اين نحن من هؤلاء؟ كما تلفتنا وسط الحشد البشري يمنة ويسرة فلم نجد والي الخرطوم. وظن البعض انه يغط في نوم عميق في عطلة السبت! هنيئا له.

نحن نتطلع ونتوق ان يكون وزراؤنا حضورا في هذا العهد الجديد في المناسبات المجتمعية (الخدمية) المهمة. شكرا لمعتمد شرق النيل وشكري لأهلي بالعيلفون. وشكرنا لكل من بذل جهدا لإخراج الاحتفال بالصورة الرائعة المشرفة. وفق الله الجميع.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.