عبداللطيف البوني …حاطب ليل

ابشروا بالخير

(1)
كما هو معلوم، بدأ الموسم الشتوي لهذا العام بداية متعثرة لم تشهد البلاد لها مثيلا من قبل، فالبلاد كانت وما زالت مشغولة بالهرجلة السياسية والظروف الاقتصادية، كانت وما زالت في أشد حالات الضغط، والحكومة من جانبها لم تدخل نجاح الموسم الشتوي في دائرة السياسات العليا، وزارة الزراعة كجهة فنية كانت وما زالت نائمة على الخط، الإدارات الزراعية والبنك الزراعي وبقية الجهاز المصرفي يدها على قلبها من سياسات التمكين المضاد، وزارة الري في حالة توهان والحال هكذا لم يبق إلا المزارع الذي استعصم بالأمل ولم يدخل في حالة اليأس، وظل الإعلام وحده يكورك مع كواريك المزارعين وينادي بتدارك الموسم الزراعي. وكمثال لذلك كتبنا هنا مقالا بتاريخ 15 ديسمبر 2019نعينا فيه الموسم الزراعي بعنوان (في ذمة الله قمح 2020).

(2)
والحال هكذا، أصدر السيد رئيس الوزراء قراراً بتشكيل لجنة لإنقاذ الموسم الشتوي، وتحركت الإدارات الزراعية والري، وكان المزارع مشمرا ولسان حاله أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي نهائيا، وأكبر دليل على إصرار المزارع يظهر في كبر المساحة التي تم تمويلها ذاتياً ثم استخدام الوابورات للري في حال تأخر الري الانسيابي، وهذه ملحمة سنعود لها في يوم قادم إن شاء الله، ولكن تبقى إرادة الله الغلابة فوق الجميع، إذ أنعم على بلادنا بموجات برد متتالية لم نر مثلها في السنوات الأخيرة، وهذه الموجات قللت الحاجة المتواصلة للمياه فغطت على النقص في الماء ثم قامت بدور السماد بنوعيه اليوريا والسماد الورقي، وكذلك الأتربة التي صاحبت موجات البرد قتلت الآفات فكانت النتيجة أن ازدهرت الحقول بالقمح والكبكي والكسبرة والفول المصري واللوبيا العدسية والفاصوليا والوعد والتمني.
(3)
القمح هو سيد المحصولات الشتوية لحاجة البلاد له لما يوفره من دولارات، ومن الآخر نقول لكم ابشروا بموسم قمح غير عادي، وإن شاء الله سيكون الإنتاج الرأسي فيه قياسيا لم تشهده البلاد من قبل، هذا إذا أحسنا حصاده, وهنا لابد من الإشادة بالجهات المسؤولة عن التقاوي التي وفرت ما يكفي منها كماً ونوعاً. ونعيد الإشادة بالمزارع الذي قام بالتحضير الجيد ولم يستسلم للمحبطات. الآن أمامنا تحدي الحصاد، فالمطلوب تحضير الحاصدات (الدقاقات) الكافية وهي موجودة عند الأهالي، وتحضير الجازولين وهو عند الحكومة، وتحضير الجوالات وهي عند القطاع الخاص، وأهم من كل هذا إعلان سعر تركيز مجز كي يحفز جميع الشركاء، فسعر التركيز الذي كان في بداية الموسم 2500 جنيه للجوال زنة مائة كيلو قد تجاوزه الزمن بمراحل وأصبح متخلفا جدا، فسعر السوق اليوم فوق الثلاثة آلاف جنيه، والدولار بلغ ما بلغ. وفوق هذا وذاك الجهد الذي بذل كان خرافياً يستحق أقصى قدر من المكافأة . فيا مجلس الوزراء شكل لجنة عليا لحصاد موسم 2020 وليكن من اختصاصها تسويق أسعار المحاصيل الأخرى غير القمح عالمياً، ويا أهل السودان إن موسم 2020 الشتوي يقول لكم إن الله حباكم بخيرات كثيرة وأنتم مشغولون عنها بالكلام الفاضي الما منه راجع.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.