ببساطة … عادل عبد العزيز الفكي

(جسم) العملة السودانية المصرية الموحدة

أرى الساسة ونفر من الاقتصاديين يقلبون وجوههم في السماء بحثاً عن شريك استراتيجي يقيل الاقتصاد السوداني من عثرته. البعض بنى جسور التواصل مع الولايات المتحدة، والبعض الآخر اتجه نحو ألمانيا، وصنف ثالث جابها من الآخر واتجه نحو إسرائيل رأساً.
القرار نحو شراكة استراتيجية ينبغي أن يبنى على أساس التحليل الاستراتيجي المحكم الذي ينظر في نقاط الضعف والقوة عندنا وفي الفرص المتاحة أمامنا والمهددات التي تمنع الاستفادة من هذه الفرص. على أن يشمل ذلك القطاعات الثلاثة الرئيسة السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
ومن الآخر كذلك أقول إن الأنسب للسودان، هو الشراكة الاستراتيجية مع مصر. ومن الآخر كذلك أقول فلنبدأ بالعملة السودانية المصرية الموحدة (جسم) من خلال اتفاقية للشراكة الاستراتيجية فيما بيننا ومصر تتناول مختلف المجالات. ولكن الأولوية فيها تكون للجانب الاقتصادي لمعالجة احتمال تفتت السودان بسبب انهيار الاقتصاد الماثل للعيان.
أما لماذا مصر هي الأنسب فإنني في الإجابة سوف أركز على الجانب الاقتصادي. وأعتقد أن الجوانب الأخرى في غاية الوضوح من حيث اللغة والعادات والتقاليد المشتركة والمتشابهة والتداخل العائلي والقبائل والحدود المشتركة ووادي النيل الذي يجمعنا.
تأتي مصر في المرتبة الخامسة وفق الإحصاءات الرسمية لعام 2018 من حيث الشراكة الاقتصادية مع السودان في مجالي الصادرات والواردات. حيث أن ترتيب الشركاء تأتي في مقدمتهم الصين التي يميل الميزان التجاري لصالحها بقيمة 907 ملايين دولار. وفي المرتبة الثانية الإمارات حيث يميل الميزان التجاري لصالحنا بمبلغ 198 مليون دولار بسبب تصدير الذهب لها. وفي المرتبة الثالثة السعودية التي يميل الميزان التجاري لصالحها بقيمة 99 مليون دولار بسبب التجارة في الأسمدة والكيماويات أساساً. وفي المرتبة الرابعة الهند التي يميل الميزان التجاري لصالحها بقيمة 639 مليون دولار، بسبب تركيز استيراد المعدات الزراعية منها. وتأتي خامساً مصر حيث يميل الميزان التجاري لصالحنا في التجارة معها بقيمة 51 مليون دولار.
وفقاً للإحصاءات أعلاه فإن الميزان التجاري هو لصالحنا مع دولتين فقط هما الإمارات ومصر. مع ملاحظة أن أغلب التجارة مع الإمارات هي في الذهب كما أسلفنا، وأن ما يظهر من حجم للتجارة بيننا ومصر هو أقل من الحقيقي بكثير، لأن الإحصاءات لا تتضمن تجارة الحدود، ولا تتضمن التهريب الواسع الذي يتم بين الدولتين.
لقد كان الأصوب خلال سنوات سابقة الشراكة الاقتصادية مع الصين لأن التبادل التجاري معها في مجالي الوارد والصادر كان هو الأول بلا منازع. وكنت ضمن آخرين قد ناديت بالشراكة الاستراتيجية مع الصين في إطار مبادرة الحزام والطريق، والتي استفادت منها العديد من الدول الإفريقية. بل كانت هناك مناداة باستخدام اليوان الصيني كعملة ثانية للسودان لحل إشكاليتي نقص السيولة وارتفاع التضخم. وإلى أن ذهب النظام السابق لم يفتح الله على مسؤوليه بقرار في هذا الشأن. وحل فيروس كورونا كمانع في الوقت الحالي.
إن الواقعية تقتضي الآن إعلان الشراكة الاستراتيجية مع مصر. واستخدام العملة النقدية الموحدة (جسم) في القطرين. والله الموفق.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.