حاطب ليل …عبداللطيف البوني

حبة ثانية في مشروع الخلاص الوطني

(1)
نحن في السودان، عندنا ثورة مسروقة، وما زلنا قاصين درب السارق بحثاً عنها وللأسف السارق راكب جمل فنحن تابعين خف الجمل هذا رغم تشابه أخفاف الجمال, ثورة أكتوبر قلنا سرقتها الأحزاب الطائفية (ان أحزاب الأمة والاتحادي الديمقراطي وتوابعهم من الإخوان المسلمين, قد دللت تجاربنا على أنهم أعداء هذا الشعب)، هذا ما كان يقوله نميري في أيامه الحمراء الأول . ثورة أبريل مهد لسرقتها سوار الذهب والجزولي، أما ثورة ديسمبر الحالية فإن صناعة سارقها تتبلور أمامنا وبأسرع مما كنا نتصور. فالأصابع الآن تتجه للمكون العسكري من خلفه قوى إقليمية ومن خلفها قوى دولية ومن خلفهم الفلول وقد يصل الأمر الى حمدوك ذات نفسه. فدائرة (الاشتباه) في حالة اتساع . كأنما كتب على أهل السودان النجاح في إشعال ثورات عظيمة، وما أن تنجح الثورة في إبادة الحكم الذي ثارت عليه، إلا ويخطفها الحرامي، وهاك يا نفير خلف الحرامي إلى أن ينقطع النفس وينتهي الفزع أها دي الدراما المتحكمة فينا.
(2)
لكل ثورة في الدنيا شرطان كي تنجح، شرط موضوعي يتمثل في الظروف السائدة من ظلم وفساد وسوء إدارة والذي منه، وشرط موضوعي يتمثل في القيادة التي تعيد إنتاج الظرف الموضوعي في خطاب يلتف الناس حوله. مشكلة الثورة السودانية أن القيادة فيها بعد نجاح الثورة لا تتجه للظرف الموضوعي الذي أنتجها، إنما تتجه للهنابيل – جمع همبول – التي كانت تحكم وهاك يا كواريك وتحصر نفسها في حربها وذلك كي تعظم منجزها الثوري فتتخذ من ذلك الهمبول القديم فزاعة وتحشد الطاقات لمحاربته، وينصرف الناس عن حرب الظرف الموضوعي وتتبدد الطاقة الثورية في الكواريك المتمثلة في الإضرابات والوقفات الاحتجاجية والمسيرات بمناسبة وبدون مناسبة، وفي هذا الأثناء تتعملق الظروف الموضوعية ويبدأ السأم والإحباط في التسلل، وتختفي الثورة ويصبح الناس في انتظار القادم الجديد ويتواصل مسلسل الثورة المسروقة.
(3)
بعيداً عن التجريد أعلاه، فإن ثورة ديسمبر المجيدة، يجري تجريفها الآن بذات الماكينة التي كانت تعمل منذ سنين في هذه البلاد، وهي ماكينة الإفقار والفساد والتبعية . هذه الماكينة التي يقودها ناهبو ثروات وليس ثورات البلاد من مهربين الذين هربوا أموال البترول من قبل، والآن يهربون الذهب وكل حصائل الصادر، وتجار عمله وتجار بشر وغيرهم. وهذه الماكينة (السافلة) مخرجاتها جنيه أصبح في وزن الريشة ورغيفة في حجم الزرارة ورف صيدلية خالٍ من الدواء وقطع المسافة بين الخرطوم وأم درمان في خمس ساعات، باختصار إنه توقف الحياة، ونحن ببلاهة نفسر ذلك بأن الثورة قد سرقت مع أن المسروق ثروة.
(4)
يا ثوار ديسمبر، يا صناع المجد، باختصار كدا إن حرامي الثورات وسارق الكحل من العين هو الاقتصاد، وهذه المرة جاءنا مكشراً وسافراً وعنيفاً أكثر من المرات السابقة. نعم إنه الاقتصاد (فرتاك حافلن) وإذا لم نتدارك الأمر فلن يقف أثره على الثورة، إنما سيضرب عضم البلاد نفسه والذي يقطع القلوب أن هذا الحرامي(الاقتصاد) يسري مفعول سرقته في بلاد تعج بالموارد الاقتصادية، والدليل على ذلك هذا الموسم الشتوي 2020 فإيه رايكم في مليونية من أجل يكون موسم (2020 /2021) موسماً أنموذجياً كفزع جديد لهذه الثورة المجيدة.. خليكم معنا إن شاء الله.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.