زيارة نادرة

منذ عقود، لم يزر أي رئيس أوروبي السودان، حيث اكتفت كثير من الدول الغربية بالتعامل مع الحكومة السابقة عبر مبعوثين.
ربما لا يملك الرئيس الألماني الذي يزور البلاد غداً وفق دستور بلاده صلاحيات قوية مثل التي يملكها رئيس الوزراء، ليصدر قرارات أو يعطي توجيهات حاسمة، لكنها تعد الزيارة الأهم حالياً.
ألمانيا من الدول التي حققت معجزات الوحدة السياسية “النادرة”، فأصبحت بـ”سياستها” و”عملها” ذات قوة اقتصادية ضخمة، ورغم الحروب التي خاضتها لكن لم يعد التسليح والقوة العسكرية هاجسها أو أولوياتها، صحيح أنها ليست عضوا دائماً في مجلس الأمن لكنها دولة مؤثرة بين بقية الأمم.
يهتم العالم عادةً بما يصدر من ألمانيا وما تقوله أنجيلا ميركل، ويبدو أن هذه الدولة التي بنت نفسها، ترغب في مساعدة الآخرين، بشرط أن تتوفر لديهم الرغبة والقدرة والنشاط وحب العمل..
لن تعرض ألمانيا خدماتها ما لم تحدد الدولة بالضبط، ما الذي تريده.
غداً يصل وفد ضخم يقوده الرئيس الألماني فرانك شتاينماير، يضم نحو 50 شخصاً من المراسم والخارجية والصحافة وقلة من وزراء الدولة.
لا يبدو أن الرئيس ووفده سيبحثان مواضيع اقتصادية عميقة كما روج البعض من قبل، لكن يتضح أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك خلال زيارته إلى برلين فتح الطريق لمساعدات حقيقية تنموية أكثر من إبداء الوقوف المعنوي إلى جانب الحكومة الانتقالية.
ما هو مهم خلال الزيارة أن يكون الجانب السوداني من وزراء اقتصاديين حضروا جيداً لدراسات مختصرة تُقدم للجانب الألماني، الناقص والمطلوب، الأساسي والثانوي، الدعم قريب الأجل وبعيد المدى، التنمية المرجوة والمتوقعة.
لعل كثيرين يعلمون المفاوضات التي قادتها ألمانيا بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان، ويتذكرون أن قضية دارفور منذ 2002م و2003م، بدأت للظهور للعلن من ألمانيا، التي كانت تستضيف بعض قيادات حركات دارفور.
خلفية ألمانيا السياسية عن السودان ممتازة، والدعم التنموي الاقتصادي رغم محدوديته لكنه كان مهماً ومؤثراً.
بعد انتهاء عهد الحكومة السابقة المخلوعة، هناك كثير من المجالات التي يُمكن أن تُساعد بها ألمانيا السودان خاصةً بعد رفع الحظر التنموي عنه.
الاهتمام بالزيارة مهم ومتوقع ونحسب أن الحكومة في استعداد لقطف ثمارها.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.