أخيراً… شول يرتاح من (المنافقين).!

سألني أحدهم: (هل هناك تجارة بألم الآخرين).؟… فأجبته: نعم، والدليل أن هناك عشرات المبدعين اليوم في بلادي تمت المتاجرة بآلامهم ومرضهم والزج بهم في أتون (الشوفونية) ودهاليز النفاق.
نعم، شول منوت أحدهم، وربما كان أكثرهم احتكاكاً بـ(المنافقين)، أولئك الذين ما إن كانوا يسمعون أن الفتى الأبنوسي مريض، إلا ويهرعون للمستشفى ليس لنجدته أو مساندته، بل لالتقاط الصور التذكارية.
أحدهم قبل سنوات التقيته خارج مستشفى أبو عنجة، سألته عن سبب تواجده هناك فاخبرني بحزن مصطنع: (راقد مع شول)، وعندما سألت، علمت أن (المنافق البائس) لم تتعدَ زيارته لشول خمس دقائق، استغل ثلاث منها في التقاط (سيلفي).!
الغريب في الأمر أن الراحل شول كان يعلم بأمر أولئك المنافقين، وبالرغم من ذلك، كان يستقبلهم بكل ترحاب، وكأني بالفتى يهيئهم للتناوب على مقاصل التاريخ بعد وفاته، وذلك بعد أن ينكشف أمرهم، ويعلم الجميع سوء نواياهم.
شول سادتي لم يكن محض فنان، بل كان أيقونة للسودان، فالفتى صاحب الملامح الجنوبية والقلب الشمالي استطاع تحقيق ماعجز عنه الساسة، فقد أعاد الوحدة الوطنية وصهر الشمال مع الجنوب من جديد ليس جغرافياً ولكن (عاطفياً)، وهذا هو الرابط الحقيقي الذي كنا نفتقده مع إخوتنا الجنوبيين، ولو توفر ذلك الرابط لما وقع الانفصال من الأساس.
الآن شول بين يدي مليك مقتدر، رحل بعد أن تعرض لأسوأ أنواع (الانكسار)، رحل بعد أن أدرك بالفعل أن مرضه تحول إلى (بضاعة) يتناوب في تسويقها (نخاسي الموت) و(المستثمرين في الأحزان)، رحل بعد أن ضاق قلبه من فرط الألم، ليس بسبب المرض، ولكن بسبب اتساعه الشديد والذي سمح لأولئك (الرجرجة) بالتسلل والاستيطان داخله ومن ثم تمزيقه من الداخل بعد أن شبع تمزيقاً من الخارج.
لك الرحمة والمغفرة الحبيب شول منوت، ولكل من تاجر بمرضك وألمك الخزي والعار و(هذيان الضمير).
جرعة وعي:
اتباع تعليمات الوقاية من مرض الكورونا هي أهم خطوة في طريق السلامة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.