سقوط جمهوري

*في هذه المساحة، كتبت قبل أشهر منتقداً الأداء السلبي لوزير الزراعة، الدكتور عيسى عثمان الشريف، الذي بدأ في الأشهر الأولى للحكومة، أقل الوزراء أداء ولم يتخذ من القرارات الثورية المطلوبة لتطهير الوزارة من رجز الدولة العميقة، ولم يقم بما هو مطلوب في مجال التجهيز للموسم الزراعي وفشل في الاستفادة من كمية الأمطار التي هطلت العام الماضي كما أنه تقاعس عن الوقوف ميدانياً على العمليات الزراعية.

بعد أيام من ذلك توصل تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير الحاكم لتوصية رفعها لرئيس الوزراء دكتورعبد الله حمدوك، تطالب بإعفاء الوزير من منصبه استنادا على الحيثيات، لكن حمدوك لم ينفذ التوصية لتقديراته، بينما أشارت تقارير صحفية إلى أن قرار الإعفاء سيصدر قريبا ضمن تعديل وزاري محدود ونتمنى أن يكتمل ذلك لأن الوضع الحالي لا يقبل المزيد من التباطؤ خاصة وأننا أمام فترة حصاد مبشرة، إن فشلنا فيها فهذا يعني مزيدا من الضائقة المعيشية وإن نجحنا نكون قد وضعنا لبنة الاعتماد على مواردنا الذاتية، بصورة حقيقية وليس شعارات جوفاء كان يرفعها النظام البائد.

رأينا في وزير الزراعة لن يثنينا بالمقابل عن الإشادة بخطوة وزارته الشجاعة بتحريك إجراءات قانونية بشأن ملفات ترى وتقدر الوزارة وجود شبهة فساد فيها والاعظم في تلك الإجراءات هو وجود اسم القيادي بالحرية والتغيير، الامين السياسي للحزب الجمهوري، حيدر الصافي كمتهم، ففي تلك الخطوة مؤشر على أنه لا كبير على القانون بعد الثورة وما ضر بلادنا المنكوبة بالفساد سوى المحاباة والمجاملة بمحاكمة الضعيف وإقامة الحد عليه وترك الشريف ينعم بفساده .

نقول ذلك مع تأكيد شديد على مبدأ أن المتهم بريء حتى تثبت براءته و أمام حيدر الصافي مساحة واسعة للدفاع عن نفسه وتقديم كل ما يثبت عكس مزاعم الوزارة وعليه إدارة معركته بأدوات القانون وليس بالادوات السياسية والعواطف الثورية.

لم يكن مقبولاً من الحزب الجمهوري الذي يدعي المثالية والطهر والنقاء، اصداره لبيان عاطفي يساند فيه حيدر الصافي، بطريقة فجة ولا موضوعية مع تسييس للقضية وتهديدات وعنتريات ضد الوزير لا طائل منها، مع مزايدات في دور الحزب في الثورة، وعبارات ابتزاز مخجلة لا تشبه دعاة دولة القانون ولم يناقش الحزب في بيانه صلب القضية والأدهى والأمر أن الحزب الذي يدعي المثالية هدد بكشف فساد وزارة الزراعة وهو أمر يدين الحزب أكثر من يدين الوزارة، لانه لو كان فعلاً يمتلك الحزب مستندات فساد في وزارة الزراعة لماذا انتظر كل تلك الفترة وأمامه الطرق سالكة للذهاب للعدالة أو لجان إزالة التمكين؟ هل يا ترى اراد الحزب المساومة بها على المستوى السياسي والإعلامي؟

بدلا من هذا السقوط والتهافت من الحزب الجمهوري كان من الواجب عليه الاكتفاء بقبول التحدي القانوني والصمت انتظاراً لحكم القضاء.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.