مواكب الإسلاميين.. دعوات تصطدم بالفشل

الخرطوم: وجدان طلحة

تزامنا مع دعوة لموكب بهدف إسقاط حكومة قوى الحرية والتغيير، انتشرت في شوارع وسط الخرطوم شعارات مناوئة لحكومة الثورة، وتحمل هتافات ضدها، ليصطدم ذلك بإصدار ولاية الخرطوم قراراً بمنع التجمعات منعا لانتشار وباء كورونا.. لتفسر تيارات إسلامية وأحزاب أخرى باسم (حشد) أنها مقصودة بالقرار بعد دعوتها بخروج الموكب بزعم معاش الناس..

أصل الحكاية
أمس الأول اعلنت تيارات إسلامية بمشاركة بعض الأحزاب والجماعات الإسلامية تنظيم موكب بالخرطوم والولايات، لكن تم الغاؤه بعد قرار حكومة ولاية الخرطوم منع التجمعات والمواكب منعا لانتشار وباء كرونا، في وقت شهدت فيه ولاية الجزيرة اصدار ذات القرار..
ورغم أن الدعوة كانت تحت مسمى (حشد) لمطالبة الحكومة بالاهتمام بمعاش الناس، لكن كثيرين ربطوا بين هذه الدعوة وبين اجتماع نحو 63 حزبا وجماعة في احد الفنادق الكبيرة بالخرطوم للتخطيط لإسقاط حكومة قحت، على أن تكون الانطلاقه بموكب 21 مارس الذي تم الغاؤه استجابة لامر السلطات بالخرطوم .

تفسير الموقف
موكب أمس المجهض لم يكن الاول في سيناريو استثمار مناخ الحريات للنيل من حكومة رئيس الوزراء محمد عبد الله حمدوك والمعروفة باسم حكومة الثورة، وسبق أن دعا تيار نصرة الشريعة والقانون إلى موكب في رمضان الماضي ضد المجلس العسكري رافضا حصر التفاوض مع قوى الحرية والتغيير واقصاء احزاب سياسية كانت معارضة للنظام البائد، بعد اشهر خرج اعضاء النظام البائد والإسلاميون ضد حكومة حمدوك وضد محاكمة البشير، ليستمر سيناريو المحاولات فيما يعرف بالزحف الأخضر الذي لم ينجح في تحقيق غاياته.
الإسلاميون يرددون كثيرا أن الدولة الآن ترفع شعار ثورة ديسمبر (الحرية والسلام والعدالة) ويرون أن منعهم من ممارسة حقهم المكفول بالقانون يصطدم بهذه الشعارات ويشير لتناقض القائلين بها.
الرد يأتي من الطرف الآخر بـ(اين كانت هذه الحرية عندما كنتم في الحكم 30 عاما) وتفصل الحكومة في هذا الجدال بأن حرية الرأي والتعبير مكفولة للجميع .

الموكب مقصود
القيادي الإسلامي حسن رزق يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى أن (حشد) تضم إسلاميين وجهات كثيرة بما فيها وطنيون وفيهم شباب. معتبرا قرار السلطات بمنع التجمعات مقصود به في المقام الأول موكب (حشد)، وقال “تمت الاستجابة لأسباب منها انهم لا يريدون الاحتكاك مع السلطات، وحتى لا يتم اتهام (حشد) بأنها السبب في انتشار مرض كورونا اذا تم اكتشاف حالات جديدة خلال الأيام القادمة”.
وشدد رزق على أن الموكب تم تأجيله إلى بعد انقشاع وباء كورونا وحتى لا تتعرض ارواح المواطنين للخطر وليس الغاؤه كما يزعم البعض . واضاف ” بكرة اذا حدثت اصابة وسط المواطنين بالوباء يقولوا السبب الموكب)، مشيرا إلى أن الموكب تعبير لرفض كثير من الممارسات التي تقوم بها (قحت) .
رزق قال إن الحكومة اصدرت القرار لتصرف الناس عن ضعفها وعدم قدرتها على توفير احتياجاتهم الإساسية .

من وراء الدعوات؟
ورغما عن وضح مصدر الدعوات في انصار النظام البائد والتيارات الاسلامية، الا أن كثيرين يرون أن خروج تلك المجموعات والشعارات التي ترفعها انما هي كلمة حق اريد بها باطل، وانها تستهدف رفع ذات الشعارات التي تم استغلالها لمصادرة حقوق الناس وحرياتهم والتجسس عليهم واستهدافهم برغم تناقض ذلك مع قواعد الدين الحنيف..
إسلاميون قالوا إن (حشد) مكون يضم إسلاميين وقوى سياسية همها توفير واقع افضل للمواطنين في الصحة والتعليم، وتحقيق آمال الشباب الذين خرجوا ضد النظام البائد وضرورة مشاركتهم بفاعلية لانهم يسعون إلى الدولة الديمقراطية والحرية وهو حق مشروع لهم، مشيرين إلى أن اغلب الشباب محبطون لأن الواقع ليس مرضيا لهم، ويعتبرون أن حكومة الثورة لم تفصل في قضايا مهمة مثل قضية فض الاعتصام، مشيرين إلى مشاركة بعضهم في (حشد) كرفض لبعض ممارسات الحكومة .
ويبرر انصار الخروج لإسقاط قحت، بأن (الحرية والتغيير) ليس لديها برنامج واضح تجاه الأزمة الاقتصادية الحالية، مدللين على ذلك بإنسحاب مريم الصادق من اللجنة الاقتصادية، معتبرين أن الحرية والتغيير احيانا تعرقل عمل مجلس الوزراء وتعرقل في احيان اخرى عمل لجنة تفكيك الانقاذ .
ويرى انصار حشد أن الغاء الموكب ليس لانه فاشل بل هو ناجح وادى رسالته مما اضطر الحكومة إلى اصدار بيان تمنع فيه تنظيم الموكب .

كيل بمكيالين
حشد هو تجمع يضم إسلاميين وقوى سياسية، لكن بعض الأحزاب اعلنت انسحابها منه بحجة أن حزب المؤتمر الوطني المحلول يسيطر ويدير هذا التجمع، رغم أن بعضها كان مؤيدا لثورة ديسمبر المجيدة، الا انها شاركت في ذلك التجمع ضد قحت رافضة لبعض ممارساتها وقالت إنها تسعى لمصالحة وطنية وترفض عودة النظام السابق .
أحزاب بررت خروجها من (حشد) بأن (الوطني) مسيطر على مراكز القرار ويريد أن تكون بقية القوى المشاركة عبارة عن ديكور، مشيرين إلى انه مشارك بواجهات كثيرة، مشيرة إلى أنه دفع بشخصيات غير معروفة ولا يفهمون في الحياة السياسية ليصبحوا واجهة للحركة الإسلامية في حشد .
رئيس منبر السلام العادل الطيب مصطفي اكد في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن قرار ولاية الخرطوم أمس الأول الخاص بمنع التجمعات مقصود به منع الموكب المقرر له أمس، ودلل على ذلك بأن القرار جاء متأخرا بعد اعلان الجهات المشاركة في الحشد من إسلاميين واحزاب اخرى ومنظمات الخروج باسم (حشد)، واتهم الحكومة بأنها تكيل بمكيالين، وقال (المواطنون الآن مصنفون إلى اثنين بعضهم يتمتع بحقوقه كاملة وآخرين ليس لهم حقوق”، واضاف : “الحرية والتغيير” ترفع شعارات لم نرها منذ الاستقلال وتناقض شعار حرية سلام عدالة والحرية”.
مصطفى اكد أن الحكومة منزعجة لهذه المواكب، وتعللت بالكورونا لمنع قيام موكب حشد، وتساءل لماذا لم يفعلوا ذلك مع المواكب التي خرجت في الأيام الماضية مثل موكب فض الاعتصام ضد تمديد اللجنة الوطنية المستقلة لفض الاعتصام؟ وقال “توجد انتقائية في كل شيء”، وأضاف قائلا “الآن تتم محاكمة مدبري انقلاب الانقاذ وفي الضفة الأخرى تم الاحتفال بشهداء 28 رمضان ويتم تكريمهم وترقيتهم”، مشددا على أن هذا الامر لن يستمر، واضاف: هذا ظلم وفعلوا ما لم تفعله حكومة الانقاذ، وتابع: اذا قام الحشد لن يذهبوا إلى القيادة العامة ولن (يحرقوا لستك) هم عاقلون ولا يقومون بشيء ضد القانون وكان الاوفق أن يسمح لهم بممارسه حقهم الديمقراطي، وزاد هذا الامر لن يستمر واذا استجابوا هذه المرة للظروف الصحية التي تحججت بها الشرطة فلن يستجيبوا المرة القادمة رغم انف اي قرار لأنه من حقهم التعبير . قاطعا بأن قرار منع المواكب لن يسري على لجان المقاومة كما انهم لن يأخذوا اذنا، لكن من هم ضد قحت (يكتموا بس)، داعيا الشق العسكري الذي تسبب في نجاح الثورة أن يحقق العدالة للجميع وعدم التعامل بانتقائية .

تساهل غير مبرر
كثيرون يرون أن تمتع التيارات الإسلامية ومنسوبي النظام البائد بحرية التعبير نوع من المثالية المرفوضة، لجهة أن الثوار قدموا شهداء في سبيله ابان مواجهتهم مع ذات التيارات التي ناصرت النظام البائد ولم تنتقد قتله للناس، ويرون أنه من غير المنطقي أن يتمتع المتواطئ بالصمت مع القتلة بذات الحقوق التي انتزعها الشهداء والثوار بدمائهم.
ويذهب المحلل السياسي ابراهيم الكباشي في حديثه لـ(السوداني) إلى أن خروج (حشد) في مواكب كالزحف الأخضر يدل على تساهل الحكومة مع الحزب المحلول والإسلاميين الذين يريدون أن يقولوا انهم موجودون .
كباشي اكد أن الحكومة لم تتعامل معهم بحسم وجدية في مقابل حجم الخراب الذي احدثوه بالبلاد، واضاف: 30 سنة فرخت فاسدين والموجود في السجون والذين تتم محاكمتهم قليلون، الآن هم استعادوا انفاسهم وفتحت شهيتهم ويخرجون في مواكب مثل الزحف الاخضر، معتبرا ذلك امرا مستفزا للمجتمع.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.