أيها الناس.. ماذا بعد ميركل ؟!

امس.. تعمدت المرور على مواقع طال عهدي بها.. مواقع مرتبطة في ذاكرتي بالزحام.. والازدحام والتزاحم.. حتى أن الحركة الطبيعية تكاد تتعذر فيها ..إن لم تتوقف كلية ..هذا بالطبع في الظروف الطبيعية.. ولكن في ظرفنا هذا.. والعالم ينام و يستيقظ على اخبار انتشار وباء كورونا.. وتصاعد عدد الضحايا بمتوالية مرعبة.. في ظل هذا الواقع.. كنت اراهن على أن اجد تلك المواقع خفيفة الحركة.. إن لم تكن خالية تماما.. فحالة الطواريء الصحية معلنة في البلاد.. والسلطات والمنظمات.. على حد سواء توالي مناشدتها للمواطنين.. لا بعدم التزاحم.. بل بعدم الخروج من المنازل.. !

كانت مفاجأتي عظيمة.. و أنا اشاهد العشرات.. بل المئات يتزاحمون في مساحات محدودة.. يمارسون حركة دائبة.. يتصايحون و يتضاحكون.. وكذلك يتشاجرون.. ومع تطاير الألفاظ والضحكات والصيحات.. تتطاير زخات اللعاب ..بكل ما تحمل من احتمالات تلوثها بكل شيء.. اما المفارقة المذهلة.. فهي انك تسمع بين كل لحظة وأخرى.. تردد كلمة كورونا.. تقفز مع اللعاب.. وسط الضحكات والصيحات.. المذهل اكثر انني لم اسمع قط كلمة كورونا وهي مرتبطة بتحذير أو تنبيه.. !

باختصار ..كانت الحياة تسير سيرتها العادية صباح الامس في قلب الخرطوم.. واخشى أن اقول.. انها كذلك حتى الآن ..!! مما يفرض سؤالا جوهريا.. الا وهو.. الي اين نحن مساقون ..؟؟!!

الذين تابعوا فضائيات العالم نهار امس على سبيل المثال.. شاهدوا كيف خلت المدن.. أو أخليت.. شوارعها ومرافقها وساحاتها من الناس.. والتزم الناس.. أو الزموا.. بالبقاء في منازلهم.. لقد ظللنا منذ ظهور هذا الوباء.. ننبه لضعف الدولة.. كنتيجة طبيعية للظرف الانتقالي الاستثنائي.. وعليه قلنا إن الخيار امامنا هو رفع شعار.. الوقاية خير من العلاج.. وان الوقاية تبدأ وتنتهي عند وعي المواطن.. و من ثم التزامه بالقرارات و التوجيهات الصادرة من الجهات المختصة ..!

ولكن المنطق يقول.. والموقف يفرض.. إن اي ما حكومة تصدر قرارات وموجهات.. و لا يلتزم المواطن بتنفيذها والتقيد بها.. فلا سبيل أمام هذه الحكومة الا أن تفعل آلياتها واجهزتها لتنفيذ تلك القرارات.. أو بالاحري الزام المواطنين على تنفيذ تلك القرارات.. فالاستهتار الذي يمارسه البعض اليوم.. سيدفع ثمنه الجميع.. و تراخي البعض عن تنفيذ موجبات الحماية.. أو تجاهلها بالكامل.. سيقع على أم رأس الحكومة.. حين تجد نفسها مطالبة بإيجاد المشافي.. و توفير. العلاج للآلاف في وقت واحد.. لا سمح الله ..

ليس من خيار أمام المواطن.. اي مواطن.. إلا أن يدرك أن الامر جد وليس لعبا.. وأن الأمر حزم وليس مزاحا ..ماذا ينتظر الناس كي يقتنعوا أن الامر جد.. اكثر من وفاة اكثر من ستمائة شخص يوم امس فقط.. وماذا ينتظر الناس ليدركوا أن الامر ليس بالهزل.. اكثر من موت مائة مواطن في الولايات المتحدة.. ايضا يوم امس فقط.. بل ما الذي سيقنع الناس أن الامر قد بلغ من الخطورة مداها ..اكثر من حجز المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل قيد الاشتباه.. بوصول فيروس كورونا إلى جهازها التنفسي ..؟!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.