شخصيات أدمنتها الأسافير .. ضعفاً أم استهدافاً ؟

الخرطوم : وجدان طلحة

شخصيات موجودة دائماً في الأسافير نقداً أو فيما يندر إشادة، فلا يمر يومان أو ثلاثة إلا وحضرت تلك الأسماء في المشهد بقوة في قضية تهم الشارع السوداني، أسماء أغلبها لمع إبان ثورة ديسمبر المجيدة.
شخصيات أدمنتها الأسافير يرشقونها بالنقد غالباً، فهل يعد الأمر استهدافاً، أم تصحيح مسار بحكم ضعف شكل أدائها ؟

لغة مختلفة
النقد في منصات التواصل الاجتماعي يكون لشخصيات مؤثرة بالبلاد بحكم تأثيرها السياسي أو الاقتصادي في البلاد أو وجودها في وظيفة حساسة، وأحياناً يكون تجاه شخصيات حزبية.

بالمقابل الشخصيات العامة التي تتعرض للنقد بحسب الكثيرين عليها أن تكون منضبطة وأن تعلم أن بقاءها في السلطة يجعلها محل اهتمام باعتبارها شخصية عامة وخطواتها محسوبة.

الوقائع تقول إن لفت النظر للشخصية عبر تناولها في الأسافير دون إساءة، لكن كثيرين اعتبروا أن السوشيال ميديا أسست للغة الشتيمة والانزلاق للمهاترات واستخدام الكلمات الجارحة، وبالتالي استمرار الحالة النقدية المبتذلة.

مراقبون أكدوا أن الأمر لن يستمر كثيراً بفضل مساحة الحريات الموجودة الآن في الصحافة الورقية والنقد البناء عكس ما كان سابقاً، لكن الأمر يحتاج إلى الثقة بالنفس ليقول كل شخص رأيه بلا شتيمة ، بالإضافة إلى ضرورة توفر الثقة في السلطة التنفيذية .

حميدتي
عضو مجلس السيادة الفريق أول ركن محمد حمدان دقلو ظل حاضراً في الأسافير بين الشكر والنقد، البعض يمتدح الرجل ووقوفه بجانب ثورة ديسمبر المجيدة وانحيازه في التاسع من إبريل مما غير في المعادلة السياسية بشكل جوهري وكبير.

حضوره الدائم في الأسافير والهجوم عليه، يفسره مناصروه بأنه محاولة لتشويه صورته أمام المواطن السوداني بعد النقاط التي اكتسبها ورصيده الذي نما بمواقفه، مؤكدين ضرورة وجوده في الساحة السودانية لنجاح الفترة الانتقالية.

بين رفض وقبول حميدتي في المشهد السياسي فإن الدفاع عن الرجل أحياناً يكون أمراً صعباً لأن من يذكرون محاسنه يتم الهجوم عليهم أيضاً، ويذهب البعض إلى أن منسوبي الدولة العميقة هم من يحاولون المباعدة بين الرجل والجماهير بفعل موقفه الذي أسهم في تخويف أجهزة ومؤسسات النظام البائد العسكرية والأمنية من الاعتداءات على الجماهير إبان لثورة المجيدة.

حميدتي تعرض مؤخراً لهجوم إسفيري ورفض أن يكون رئيساً للآلية الاقتصادية، بعدها ابتعد عن المنصب ليتولى رئيس الوزراء رئاسة الآلية.

نبيل أديب
رئيس اللجنة الوطنية المستقلة لفض اعتصام القيادة العامة نبيل أديب ظل موجوداً في الأسافير بصورة مستمرة، وكثر الهجوم عليه مؤخراً لدرجة أنه تمت الدعوة لموكب بعد إعلانه أن نتائج فض الاعتصام تحتاج لمزيد من الوقت وأن أمام اللجنة فترة 3 أشهر أخرى..

الموكب انطلق الأسبوع الماضي، إلا أن أديب قلل من الخطوة واتهم شخصيات بأنها تحرض المواطنين ضد اللجنة، وقال إنه لن يستعجل في إخراج النتائج، كما أن اللجنة ما تزال تنتظر نتائج المقاطع الصوتية والفيديوهات التي تم تقديمها كدليل في القضية، فضلاً عن انتظار التحقيق مع شخصيات عسكرية ودستورية.

كثيرون يرون أن أديب بحكم توليه في فترة ما مسؤولية الدفاع عن أحد منسوبي النظام البائد، فإنه غير مؤهل لتحقيق العدالة لشهداء الثورة في فض الاعتصام، إلا أن آخرين يرون أن الرجل كان أحد الذين التقاهم المرشح الأول لمجلس السيادة من قوى الحرية والتغيير المرحوم علي محمود حسنين المعروف بثوريته، وأن نبيل إذا لم يكن مؤهلاً للقيام بدور مفصلي خلال مرحلة الثورة لما التقاه حسنين.

إبراهيم البدوي
وزير المالية إبراهيم البدوي أدمنته الأسافير، واتهموه بأنه زاد عدم ثقة المواطنين في الحكومة لجهة أن وعوده مطاطة، واتهموه بالفشل والضعف ابتداءً من المطالبة برفع الدعم عن المحروقات، وزيادة الأجور بنسبة 300% وكانت السوشيال ميديا تتساءل عن كيف سيوفر مبلغ (70) مليار جنيه لتحقيق تلك الزيادة ، كما أن زيادة المرتبات في يناير وهذا لم يحدث. هجوم آخر تعرض له الوزير عندما قال إن تمويل الموازنة يتم من استرداد الأموال المنهوبة وأصدقاء السودان، ووصفوا الموازنة بالهلامية وأنه لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع ، كما أن الأداء ربع السنوي للموازنة لا يوجد فيه تقدم.

بيد أن أشرس الهجمات الإسفيرية تلك التي اختزلت مجهودات الرجل في محاولة تطبيق روشتة صندوق النقد والبنك الدولي في سياق توجه رأس مالي قح، ليتم تفسير رد الفعل الذي يواجهه بأنه من أنصار المعسكر الاشتراكي الرافض لكل ما يأتي من المدرسة الرأسمالية.
هجمة إسفيرية أخرى واجهها البدوي بسبب شركة الفاخر، وما قيل بأنه فساد لم يتم تأكيده، كذلك لعدم التزامه بالموازنة وظهور البنزين التجاري فضلاً عن عدم التزامه بقرار الدعم المادي المباشر للأسر والبالغ 300 جنيه والتي يصعب تحقيقها في ظل شح الموارد .

الصادق ومريم
شخصيات تعرضت لـ(الانتقاد) بصفتها الحزبية مثلاً رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي وابنته مريم .. منذ عودة الإمام من منفاه الاختياري بالقاهرة ومعارضته لثورة ديسمبر في بداياتها، رغم تحول موقفه إلا أنه ما يزال يتعرض للنقد، وكلما صدر عنه تصرف أو موقف، تستعيد الأسافير ما قاله أيام الثورة الأولى مثل (بوخة المرقه، ووجع ولادة) وغيرها.

الإمام ومريم يتعرضان لهجوم إسفيري كثيف ما اعتبره البعض أن أعضاء حزبهم لا ينبروا في الدفاع عنهما في تلك المنصات، لكن قد يكون واقعهما في الحزب وبعيداً عن الميديا مختلف.
ويرى البعض أن سر الهجوم على مريم يكمن في تماهيها مع مواقف رئيس الأمة القومي، رغماً عن ثوريتها المعروفة، وتذهب التحليلات إلى أن الهجوم في مجمله ينصب على رموز الأمة القومي لجهة أنه أحد أبرز الأحزاب الطائفية التي ساهمت بشكل أو بآخر في تضييع الديمقراطية بعد انتفاضة مارس/ إبريل المباركة.

النقد اللاذع
المحلل السياسي محمد عبدالسيد أكد في حديثه لـ(السوداني) أن الشخصية السياسية عموماً تحت المجهر في أدائها السياسي أو الاجتماعي وبالمقابل يوجد فهم خاطئ لمستخدمي المواقع وهي ليس للتصويب والتقدم البناء ،وأضاف : الذائقة السودانية اصبحت نقدية في القراءة أو أنها تبحث عن السلبيات وهذا تسبب في مرحلة التضييق على الصحف في فترة الإنقاذ والمقالات المحجوبة والصحف المصادرة نقلت أعداداً من الناس الذين يمارسون الكتابة أو لا يمارسونها بالانتقال إلى الأسافير وتزامن مع هذا أيضاً أن المسموح بكتابته في الصحف الورقية كان قائماً على النقد اللاذع والإساءة للرموز السياسية المعارضة وبالتالي انحدرت اللغة باعتبارأن الذين يمارسون الكتابة في الأسافير كانوا يردون الصاع صاعين.

عبدالسيد لفت إلى أنه ناقش في وقت سابق مع أحد الرقباء أثناء فترة الرقابة القبيلة وكان مستعداًً للاستماع أكد له أن قصة حجب المقالات ومنع عدد من الصحفيين من الكتابة على الرغم من أنه يسعدهم كنظام لكنه سيؤدي إلى كارثة اجتماعية لأن الممنوع ينتقل إلى الأسافير ذات السقوف غير المتناهية ، لذلك ظهرت ألفاظ وكلمات عنصرية وإساءات شخصية لم تستثني أحداً وما نزال حتى اليوم نعيش الجزء السلبي من هذه الممارسة أي رفض كل ما يحدث من الآخر.

ميدان للصراع
القيادي بالحرية والتغيير كمال بولاد يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى أن النقد في الأسافير دلالة على أن الحريات مستمرة بشكل يسمح بوضع المسؤول إذا كان حزبياً أو مسؤولاً في الدولة تحت وبالتالي فإن المسؤول أمام أعين الناس وليس كبيراً على النقد وهذا مطلوب، مشيراً إلى أن الميديا أصبحت ميدان صراع وتنتشر فيها أحيان الموضوعية لأن بعضها تحركه المصالح ، وبناء على ذلك ليس كل ما يوجد في الميديا بالضرور يكون حقائق ،وقال ليس كل مايقال مدحاً أو ذماً ينطلق من حقائق موضوعية .

بولاد شدد على أن النشر الجماهيري حالة إيجابية، مؤكداً أنه من الزوايا التي تؤدي إلى تصحيح المسار ومراقبة الذات ومحاولة تجويد الأداء لمن يتصدى للمهمة العامة، منبهاً إلى أن وجود شخصيات بصورة مستمرة في الأسافير لا يعني الضعف أو قصور أدائهم بل دليل على طبيعة المهام التي يقومون بها ، وقال إن النقد الذي تعرض له رئيس اللجنة المستقلة لفض اعتصام القيادة العامة نبيل أديب لكن في حالة نبيل أديب فيه ظلم لأنه الآن في مهمة صعبة ويعمل في ظروف صعبة ولم يجد المساعدة الكافية من الجهاز التنفيذي ، وبالتالي مهما كانت مشاعرنا العاطفية فإن القانون يجري مجراه وبعد ظهور النتائج نقول إنه نجح في المهمة أم لا .

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.