بعد أيلولته للدولة.. جبل عامر ما الذي يحققة للاقتصاد؟

الخرطوم : الطيب علي

لسنوات ظل منجم جبل عامر الواقع في ولاية شمال دارفور تسيطرعليه شركة الجنيد التي يديرها القائد الثاني لقوات الدعم السريع عبد الرحيم حمدان دلقو شقيق الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة قائد قوات الدعم السريع ما أثار جدلاً واسعاً وسط المواطنين إلى جانب الشركات العاملة في مجال التعدين ولكن بعد أيلولة المنجم إلى سلطات الحكومة فتح الباب واسعاً عن ما ينتجه المنجم وما سيضيفه إلى خزينة الدولة فى وقت يتسع فيه تفاقم مشكلة شح النقد الأجنبي يومياً ؟

وزارة الطاقة والتعدين أعلنت عن أيلولة مربع التنقيب عن الذهب بجبل عامر المملوك لشركة (الجنيد) إلى حكومة السودان ممثلة في وزارة الطاقة والتعدين وتنازلت الشركة كذلك عن حقها في المدة المتبقية من التصديق لصالح حكومة السودان مؤكدة أنها ستعمل للاستفادة من هذا المربع والنظر في أي إجراءات أخرى ذات صلة بهذا الخصوص، ووجه وزير الطاقة والتعدين عادل علي إبراهيم الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية “الذراع الفني والرقابي لوزارة الطاقة والتعدين” بتشكيل لجنة لاستلام الموقع بجبل عامر بولاية شمال دارفور على الطبيعة.
يقول المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية السابق مهندس مجاهد بلال فى حديثه لـ السوداني إن
الموقع المتنازل عنه فيه اتفاقية امتياز موقعة تشتمل على حقوق و واجبات كما أن نصوص الاتفاقية تتيح مسألة التنازل الاختياري للوزارة من شركة الامتياز و للطرف الأول (الوزارة) الحق فى القبول أو القبول المشروط أو الرفض بحسب ما تحدده المصلحة العامة مشيراً إلى أنه من ناحية إجرائية لا غبار على التنازل.
ويمضي بلال فى حديثه لـ (السوداني) أمس بأن مرور السودان بفترة طويلة للحصار الاقتصادي كانت واحدة من آثاره إحجام بيوت الخبرة العالمية في مجال الذهب من الاستثمار في التعدين مضيفاً أن الفرصة ستكون مواتية للوزارة لطرح مثل هذه المربعات للاستكشاف من قبل الشركات ذات الصبغة العالمية وقال إن الموقع المتنازل عنه فيه مؤشرات لوجود معدن الذهب وذلك من خلال انتشار التعدين التقليدي الواسع فيه في الفترات السابقة إضافة للمعلومات الجيولوجية الأولية المتوفرة والتي تم إنجازها عبر الشركة السابقة لكن الجدوى الاقتصادية الفعلية للإنتاج التجاري تحتاج لعمل فني كبير حتى يتم تأكيدها ومن ثم تحديد أفضل الطرق للاستخلاص لافتاً إلى أن السودان مليء بالذهب وهناك مواقع ومناجم في الشمالية ونهر النيل وكردفان ذات بشريات اقتصادية تفوق موقع جبل عامر موضحاً أن التحدي الحقيقي أمام الدولة هو كيفية إدخال شركات كبيرة لتعمل في هذه المواقع بدلاً من الانتشار التقليدي والشركات الصغيرة التي ستجد فرصاً أفضل للعمل مع الشركات المصنفة.

شركات رمادية :
ويرى الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي في حديثه لـ(السوداني) أن الشركات الرمادية المملوكة للجهات النظامية سواء كانت مدنية أو عسكرية تؤثر سلباً على الاقتصاد ما يتطلب إعادة النظر فيها وتكوينها وكيفية عملها باعتبار ما تسببه من ضرر للاقتصاد بتضييق فرص العمل للقطاع الخاص مشدداً على أهمية إعادة النظر في المربعات الخاصة بالتعدين في منطقة جبل عامر وطرحها عبر الشفافية الكاملة للاستثمار المحلي والأجنبي وترتيب قطاع المعادن في السودان والاستمرار في الجهود الخاصة بإعادة كافة أوراق ومستندات الشركات التي منحت للتنقيب للدولة وأعمال الشفافية والقانون إلى جانب مراعاة كافة الجوانب الفنية للعمل.
ويذهب الخبير الاقتصادي بروفيسور عز الدين إبراهيم في حديثه لـ(السوداني) إلى أن أيلولة منجم جبل عامر من شأنه أن يوفر عائدات لخزينة الدولة عبر وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي إلى جانب توفير مبالغ مقدرة من النقد الأجنبي واستخدامه في استيراد السلع الضرورية خاصة الوقود والقمح مشيراً إلى أن كافة الشركات النظامية يجب أن تؤول إلى وزارة المالية لمصلحة الاقتصاد.
ويقول الخبير الاقتصادي د. محمد الناير في حديثه لـ (السوداني) إن من
الطبيعي أن تؤول مربعات التعدين للدولة خاصة الشركات التي أثارت جدلاً في وسائل الإعلام خلال الفترة الماضية مضيفاً أنه يجب على الدولة أن تمنح الامتيازات للشركات بضوابط محددة وتقنين تلك العملية مشيراً إلى أنه من الممكن تقسيم جبل عامر لأكثر من مربع وتوزيع قسمة الإنتاج ما بين الشركة المستثمرة والدولة كما هو الحال في البترول وقال إن وزارة الطاقة والتعدين تحتاج إلى مجهودات كبيرة والتركيز على قطاع التعدين خاصة التقليدي وتحويله إلى منظم إلى جانب منح المعدنين مربعات صغيرة بما يحقق الفائدة للدولة خاصة وأن الكثير منهم أصبح لديهم المقدرة على استيراد الآليات داعياً الدولة إلى إعلان الاحتياطات الموجودة فى جبل عامر وطرحها للاستثمار للقطاع الخاص أو الأجنبي وفقاً للضوابط التي تستفيد منها الدولة كما يجب إلغاء الشركات التي تعمل في تجارة الذهب التابعة للدولة لافتاً إلى أن مربع جبل عامر في حال إدارته عبر شركة تتبع لوزارة الطاقة لا بد من أن تكون إدارته بالكفاءة المطلوبة كما هو في القطاع الخاص والابتعاد عن طريقة إدارة مشاريع القطاع العام بطرق لا تحقق النجاح المطلوب كما هو الحال في شركة مواصلات الخرطوم.
ويقع المنجم في منطقة السريف بني حسين في ولاية شمال دارفور، وظل يخضع لسيطرة قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي عبر شركة الجنيد، وذلك بعد إخراج مجموعة موسى هلال في عام 2017.
وتم اكتشاف الذهب في تلال جبل عامر من قبل معدنين متجولين في إبريل 2012، ليتحول إلى أغلى مورد طبيعي في البلاد. وفي عام 2013 نشب صراع مميت حول المنجم بين قبيلتي البني حسن والرزيقات “الأبالة” انتهى بقتل المئات.
نائب رئيس مجلس السيادة في السودان قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، الملقب بـ “حميدتي”، نفى في مقابلة مع صحيفة إندبندنت البريطانية، في وقت سابق الجمع ما بين “السلطة والثروة”، رافضاً الاتهامات بحقه حول امتلاكه مناجم ذهب وتحكّمه بقوة عسكرية كبرى في البلاد، وقال حميدتي “لا أملك مناجم. ليس هناك سوى منجم واحد في جبل عامر وثمة شراكات مع آخرين” وبعضها يعاني التعثر، مشيراً إلى أنه “يتم دفع الزكاة ورسوم التصدير”، وشدد على سلامة الإجراءات القانونية التي تحكم عمل هذه الشركات.
ورغم تأكيده أنه لا يجمع ما بين “القوة والتجارة”، إلا أن الصحيفة البريطانية أعادت التذكير بتقرير سابق لرويترز نقل عن مصادر، لم يسمها، امتلاك حميدتي، عبر شقيقه، شركة الجنيد المسيطرة على التنقيب والاتجار بالذهب في تلك المنطقة كما نفى حميدتي أيضاً وجود أي صلة بينه ومجموعة الجنيد، غير أن عبد الرحمن البكري المدير العام لمجموعة الجنيد، قال في مقابلة منفصلة وفق تقرير سابق لرويترز، إن الشركة مملوكة لعبد الرحيم شقيق حميدتي ونائب قائد قوة الدعم السريع وكان تحقيق رويترز كشف عن منح الرئيس المخلوع عمر البشير، الحق لحميدتي بالتعدين في عام 2018 عندما كان السودان يعاني اقتصادياً وقالت إندبندنت إنه في الوقت الذي تنكر “الجنيد” أي علاقة لها مع حميدتي، إلا أنه كان يتحدث عنها وكأنه جزء منها.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.