الرواية الأولى || مجدي عبدالعزيز

عزاء للجيش بطعم الثقة

شارك الخبر
• (حتي ولو أدى ذلك للتضحية بحياتي) ـ ختام قَسَم الطالب الحربي الخريج - لم يوضع بالطبع لزينة نص القسم أو (لتمومة) مظهر الاحتفال ومراسم التخريج،، من اختاروا الولوج الى مهنة الشرف هذه حباهم الله في الأصل بصفات ومميزات استثنائية قبل أن تجدها لجان المعاينات في بحثها وتمحيصها للمتقدمين، فمن لم تكن الشجاعة تسكنه ورباطة الجأش ترافقه والقيمة والمعنى يدفعه ما كان له أن يفكر ولو لبرهة في الانضمام للقوات المسلحة،،، وكليات ومعاهد الجيش بجانب صقلها لمنتسبيها فنيا وعلميا كذلك تجعل من (الضبط والربط) سلوكًا مطبوعا كاستحقاق أساسي لمهنة مقدسة تهون المهج والأرواح في سبيل تحقيق أهدافها .
•تقبل الله الفريق أول جمال عمر وزير الدفاع وحشره في زمرة الشهداء، وفي معية رفقاء مهنته ودربه الذين ضحوا بحياتهم وتوشحوا الدماء في مواقع الشرف الأسمى، والقوات المسلحة قدمت أرتالاً من الشهداء من مختلف الرتب، ويحكي تاريخها الناصع أن القادة فيهم كانوا يسابقون مرؤوسيهم في اقتحام المهام الميدانية ونيل شرف الشهادة حتى وُضِعَ هذا المسلك كميزة لجيشنا بين الجيوش التي من طبيعتها أن تكتفي قياداتها العليا بوضع الخطط وتأمين العتاد والمؤن ورفع المعنويات .
•طبيعة المهمة التي كان يقوم بها الراحل الفريق أول جمال عمر بجوبا حتى لحظة انتقاله، في معالجة ملف الترتيبات الأمنية لإقرار السلام مع الحركات حاملة السلاح تدلل على عدة مقتضيات كنا قد تناولناها من قبل في هذه الزاوية تتعلق بأهلية القوات المسلحة وكفاءة عناصرها في إدارة الشأن العام وفق المحددات الدستورية، أو كيفما طُلِب منها أو اقتضته ساعة الملمات، فالرجل رحمه الله كأحد كوادر هذه المدرسة الوطنية بعدة أوجه وزيرًا للدفاع وضابطًا برتبة رفيعة نالها بعد استحقاقات حتمية ورئيسًا سابقًا لهيئة الاستخبارات كانت تتوافر عنده عدة عناصر معينة في أداء المهمة تتمثل في الخبرة العسكرية والإدارية والوعي السياسي والمعرفة بطبيعة الأرض والموارد والمجتمعات والقبائل والأبعاد الاستراتيجية لمصالح دول الجوار والإقليم والقوى الكبرى وغيرها،، وهكذا هي مؤسسات الجيش ومعاهده العلمية وكلياته الأساسية والعليا التي كما ذكرنا من قبل تُخرّج ما يعرف بالقائد الاستراتيجي الذي يمزج بين توظيف القوة العسكرية وإدارة الأرض بكل جوانبها .

• حتي الآن لم يكتمل عندي التصور أو تَخيُل كيف كانت ستمضي هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد كفترة انتقال دون أن تؤدي القوات المسلحة فيها دورها المنوط في مثل هذه الظروف الاستثنائية حافظة للأمن القومي ورمانة ميزان بين قوى الراهن المتشاكسة والمتنازعة، ولم يسعفني الإدراك بمآل الحال إن نجحت الدعاوي السابقة المهترءة بإقصاء الجيش عن المشهد الذي يئن الآن نصفه غير العسكري من الإرباك وعوز الرؤية وأزماته الداخلية .
•رحيل وزير الدفاع جمال عمر الذي نسأل الله له الرحمة هو فقد لكل الوطن الذي نسأل المولى عز وجل أن يعوضه فيه خيرًا، وعلى الأخص هو فقد للقوات المسلحة التي عزاؤها الدائم أنه قدرها الذي يكمن في تقديم التضحيات النبيلة من أجل هذه الأرض، ولكن حقها علينا أن نعزيها فيه وفي شهدائها السابقين لا بعبارات المجاملة وحدها، لكن بروح الاصطفاف والمؤازرة والسند فهي بعض من كبد هذا الشعب، ونعزيها أكثر بطعم الثقة المفرطة فهي مبعث الطمأنينة لسواد هذا الشعب،، وإلى الملتقى ..

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.