تفاصيل رحيل مفاجئ لـ(كاتم الأسرار)

الخرطوم: إيمان كمال الدين

استقبلت العاصمة السودانية الخرطوم وعلى نحوٍ مفاجئ فجر أمس، نبأ وفاة وزير الدفاع الفريق أول ركن جمال الدين عمر بجوبا عاصمة دولة جنوب السودان عقب تعرضه لذبحةٍ صدرية، ليرحل بصمت كما عاش، ووصفهُ بكاتم الأسرار إحدى الصفات التي ظلت ملازمة له، ويقول عنه الناطق باسم الجيش العميد عامر محمد الحسن في حديثه لـ(السوداني): فقدنا رمزًا عسكريًا، كان الفقيدُ مميزًا بهدوئه التام في معالجة المعضلات مهما كبرت وسبيلهُ لذلك حُسنُ خلقه وسماحته في التعامل بلين جانب، وبالشدة عندما يقتضي الموقف ذلك، ويشير عامر إلى أنهُ كان معولا كثيرًا على جمال الوصول لسلام مستدام عبر ملف الترتيبات الأمنية.

وبينما كانت أطراف التفاوض بجوبا، الحكومة السودانية الانتقالية ووفد الحركة الشعبية شمال بقيادة مالك عقار على استعداد لطي ملف الترتيبات الأمنية أمس الأربعاء، فقد أعلنت الوساطة الجنوبية أمس الأول 23 من مارس، أن يوم الأربعاء 25 مارس سيشهد اكتمال النقاش حول ملف الترتيبات الأمنية وانتقال النقاش بعدها لملف الترتيبات الأمنية مع الجبهة الثورية.
آخر ما قالهُ الفقيد أمس الأول في تصريحاتٍ صحفية عقب بدء بحث ملف الترتيبات الأمنية هو التزام الحكومة السودانية بإكمال ملف الترتيبات الأمنية مع الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار في الموعد المُحدد له، متوقعًا أن يكون أنموذجا لبقية الحركات متعهدًا بالعمل على إنجاز الملفات الأخرى حرصًا على تحقيق السلام، مشيرًا في ذات الوقت إلى سعيهم لبناء جيش قومي موحد بعيدا عن الانتماءات السياسية.

تفاصيل الرحيل
وفقًا للروايات الرسمية ومصادر متطابقة توفي جمال عمر في الثانية والنصف فجر أمس الأربعاء بتوقيت الخرطوم إثر ذبحةٍ قلبية، وعلى إثر ذلك أعلنت الوساطة عن تعليق المفاوضات لأسبوع.
ويقول الناطق باسم الجيش السوداني العميد عامر محمد الحسن في حديثه لـ(السوداني): إن وفاة جمال عمر كانت طبيعية جدًا بشهادة التقارير الطبية من مستشفى جوبا وبحضور ومباشرة وفد التفاوض، مشيرًا إلى أنها حدثت في ساعات مبكرة من صباح أمس، وأنهُ حين توفي كان لوحده في مقر إقامته بمعية حرسه الخاص.

قالوا عنه:
مصادر أشارت إلى أن جمال عمر كان من المُقربين لرئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
ويقول عنهُ اللواء أمين إسماعيل مجذوب في حديثه لـ(السوداني): يُعتبر من المقربين لرئيس مجلس السيادة ومستودع ثقته، حيثُ أوكل له كل المهام الحساسة التي تختص بالتفاوض مع قوى الحرية والتغيير وإدارة الأزمات.
وأضاف: يُعتبر من رجال الاستخبارات الأذكياء في القوات المسلحة، عمل ملحقا عسكريا بنيروبي وعمل على محاصرة العديد من الأزمات داخل القوات المسلحة، وهو أحد الرجال المحترفين الذين عملوا في وحدات المشاة وهيئة الاستخبارات وتدرج فيها حتى وصل لرئيس الهيئة.
في ذات السياق قال مصدر أمني رفيع لـ(السوداني): رجلٌ بألف رجل، عقلٌ راجح شهدتُ اجتماعاتٍ كثيرة كان مشاركًا فيها لا يتحدث كثيرًا، ولكن عندما يتحدث يُنصت الجميع.
جمال نعتهُ أطراف التفاوض كحركة العدل والمساواة، والجبهة الثورية كما نعتهُ الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة مالك عقار ووصفتهُ بشهيد السلام والشريك الحقيقي لإنجاز السلام وكان باحثًا عن إنهاء الحروب وتحقيق السلام حتى في اللحظات الأخيرة من حياته.
أما قوى الحرية والتغيير فنعتهُ واصفةً إياه بأحد ركائز الوفد الحكومي المفاوض بقيادته لملف الترتيبات الأمنية.
أما رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك قال في تغريدةٍ لهُ على حسابه الرسمي بتويتر إن البلاد فقدت أحد أبنائها الأوفياء والمُخلصين.
من جانبه نعى رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وزير الدفاع جمل عمر مشيرًا إلى أنهُ ظل طيلة حياته العملية مثالا للبذل والعطاء من أجل رفعة الوطن وعزته.

سيرتهُ الذاتية
تقول سيرتهُ الذاتية التي تحصلت (السوداني) عليها إلى أنهُ من مواليد حجر العسل، يناير 1960م ومتزوج وأب، درس المرحلة الابتدئية بالقضارف الابتدائية الشرقية بنين، الثانويــة العامـــة (حجر العسل)، الثانــــوية العليــــــا، القضارف القديمة.
حاز جمال عمر على العديد من الشهادات العسكرية دبلوم العلوم العسكرية ـ الكلية الحربية السودانية الدفعة (31)، دبلوم الدراسات الدولية ـ جامعة نيروبي، ماجستير علوم عسكرية من كلية القيادة والأركان المشتركة السودانية، تلقى العديد من الدورات
دورة شئون إدارية أساسية، دورة شئون إدارية ـ قادة سرايا إلى جانب دورة استخبارات أساسية، ودورة استخبارات متقدمة، إلى جانب دراسات اللغة الانجليزية من المجلس البريطاني بنيروبي (كينيا).
ووفقًا لسيرته الذاتية عمل جمال بالعديد من الوحدات والحاميات العسكرية كما تقلد العديد من المناصب حيثُ عمل كملحق عسكري بكينيا، وكان مُعلمًا بمعهد الشئون الإدارية وبمعهد الاستخبارات العسكرية إلى جانب رئاسته لشعبة الاستخبارات بعدد
من المناطق العسكرية، كما شغل منصب رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية منذُ العام 2017م، تم اعفاؤهُ وقتها وتكليف الفريق أول مصطفى محمد مصطفى بدلاً عنه.
وكان ممثلا لوزارة الدفاع في معظم اجتماعات المنظمة الإقليمية لقوة طوارئ شرق إفريقيا وقوات القدرة الإفريقية الجاهزة للتصدي للأزمات، ورئيسًا لفريق الترتيبات الأمنية في مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية الانتقالية والحركات المسلحة بجوبا.

سقوط النظام
جمال عمر كما تقول (سيرتهُ الذاتية) تربطهُ علاقات مميزة مع وزير الدفاع السابق الفريق أول ركن عوض بن عوف وعملا معاً في هيئة الاستخبارات، وعند وصوله لرتبة اللواء أحيل للمعاش وتمت إعادته للخدمة بقرار من عوض ابن عوف.
وعقب سقوط النظام السابق في أبريل من العام 2019م بعد أربعة أيام من عزل المخلوع عمر البشير، تمت ترقيتهُ بقرار من البرهان إلى رتبة الفريق أول ليكون ضمن قيادة الجيش الجديدة.
وفي 23 مايو 2019 أصدر الفريق أول عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن مرسوماً دستورياً، عين بموجبه الفريق أول ركن جمال الدين عمر إبراهيم، عضواً بالمجلس العسكري الانتقالي ورئيساً للجنة الأمن والدفاع خلفًا للفريق أول مصطفى محمد مصطفى الذي استقال من عضوية المجلس العسكري.
عقب توقيع الاتفاقية بين قوى الحُرية والتغيير والمجلس العسكري في الـ17 من أغسطس أختار المكون العسكري رجل الاستخبارات وكاتم الأسرار الفريق أول الركن جمال الدين محمد عمر في سبتمبر 2019م، ليكون وزيراً للدفاع ضمن التشكيل الوزاري الجديد في أول حكومة انتقالية مدنية بعد خلع نظام البشير.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.