لمصلحة من ؟

(1)
أدفع كل ما عندي،لأي شخص يزيل حيرة انتابتني، بعد نجاح الثورة المجيدة في إزالة نظام سياسي ظل العقبة الكؤود أمام إعادة بناء السودان وتمتين وحدته وإزالة الظلامات التاريخية لمناطق الهامش، وسؤال الحيرة عندي هو: لمصلحة من تتخذ الجبهة الثورية مواقفها ؟
الثورة، دون شك، فتحت الباب على مصراعيه لمعالجة المشكلات من جذورها، طبقاً لم يريده الشعب الثائر، وقواه الحية، ومن بينها الجبهة الثورية، ولا ينكر أحد دورها في مراحل تاريخية مختلفة، وبدلاً أن تكون الثورية جزءا من التغيير، انزوت بعيداً بعد النجاح، واتخذت مواقف حادة جداً تجاه مكونات التغيير، وحاول بعضها التقرب إلى المكون العسكري وهو أمر يزيد الحيرة والتعجب.

(2)
الجبهة الثورية منذ سبتمبر الماضي، ارتضت الجلوس في مفاوضات مع الحكومة، بشروط من بينها تأجيل تعيين الولاة المدنيين إلى حين التوصل إلى اتفاق سلام، لكن العملية تعثرت لسبب أو لآخر، وبعد 7 أشهر لم يتوصل الطرفان للغاية المنشودة.
خلال تلك الأشهر، لم يحدث التغييرالثوري في الولايات، وظلت عناصر النظام البائد في هيمنتها، وحدثت تفلتات أمنية ونزاعات قبلية، وضوائق معيشية، وعدم تناغم بين الولاة والحرية والتغيير، وكل ذلك سببه الأول والأخير، هو بقاء الولاة العسكريين.

(3)
إذن تعيين ولاة مدنيين بصورة مؤقتة، يبقى مقبولاً ومفهوماً، وفي اليوم الذي يتم فيه التوقيع على اتفاق سلام، يتم إنهاء مهمتهم ومهام حكومة دكتورعبد الله حمدوك، والمجلس السيادي، مع تكوينها تلك الأجسام وفقاً لما تم الاتفاق عليه.
على ضؤ هذا، جاء الاتفاق الأخير بين مجلس الوزراء ومجلس السيادة والحرية والتغيير، بوضع مصفوفة زمنية من بين بنودها تعيين الولاة المؤقتين، ورغم المقبولية تلك تنتصب الجبهة الثورية معترضة، ما يثير الحيرة والريبة والشك، والشك عندي، يذهب بعيداً لدرجة وضع أفتراض أن الجبهة الثورية تريد إفشال المرحلة الانتقالية تماماً كما تريد ذلك الجبهة الإسلامية بدولتها العميقة، دون أن أفهم الدوافع والمسببات.

(4)
باختصارشديد إذا تأخر تعيين الولاة أكثر من ذلك فربما لن تجد الجبهة الثورية هياكل السلطة الانتقالية الحالية، وربما تحتاج للاستعداد للقتال 17 عاماً أخرى دون جدوى، أو تنتظر ثورة سلمية جديدة.

(5)
الأغرب أن الجبهة الثورية في بيانها الأخير، ما بعد المصفوفة، قالت إن مجموعة الخرطوم توصلت لمحاصصات حزبية حول الولايات بطريقة مخجلة، وتسعى لتعيين أشخاص لا يتمتعون بالكفاءة، والسؤال هو هل الولاة الحاليون أكثر كفاءة حتى تتمسك باستمرارهم ؟ وماذا يمنعها أن تكون جزءاً من تسمية الولاة المؤقتين؟
بيانها كذلك طالب بالسعي لحل الضائقة المعيشية والسلام، ومكافحة جائحة كورونا، وتوحيد قوى الثورة، لتصفية تمكين المؤتمر الوطني، وإقامة دولة الوطن والمواطنة لا إقامة دولة جديدة للتمكين، سؤال آخر يبرز هنا، إذا تحققت تلك المطالب، فعلى ماذا يتم التفاوض؟ وأين دورالجبهة نفسها وإسهامها في تحقيق تلك الغايات.
“يعني إنتو دايرين تلقوها باردة كدا “

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.