إليكم… الطاهر ساتي

قبل الضحى!!

شارك الخبر

:: قبل أسابيع، عندما بدأت المفاوضات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، كتبت بالنص: يبدو أن تجمع المهنيين قد أخطأ حين أوكل الأمور لأحزاب لم تنضج بعد.. فالتجمع يعلم بأن البواسل الذين استشهدوا ورفاقهم الذين تعاهدوا بألا يبارحوا ميدان المعركة ما لم يكتمل السقوط، يعلم بأن هؤلاء كما كفروا بالنظام المخلوع، كفروا بالأحزاب أيضا.. وما لم تتغير طرائق تفكير الأحزاب، بحيث تعلو مصالح الوطن على الأجندة الحزبية، فإن هذا الجيل (ح يسقطهم أيضا).
:: وكثيرة هي الأدلة التي تثبت عدم نضوج الأحزاب.. ومنها أن الإضراب المعلن عنه – اليوم والغد – غير متفق عليه بالإجماع في كتلة قوى الحرية والتغيير.. حزب الأمة، وهو حزب الأغلبية الذي يترأسه آخر رئيس وزراء منتخب، غير مؤيد للإضراب.. ومنذ البارحة، ولحين إشعار آخر، حولوا حزب الأمة والإمام الصادق المهدي إلى عدو الثورة والتغيير، ونالهما من الشتم والسب ما لم ينلهما الحزب الحاكم في عهد النظام المخلوع.
:: والأدهى والأمر ليس فقط رفض حزب الأمة للإضراب، فالحرية له ولسواه من الأحزاب الأخرى.. ولكن أسباب الرفض تستدعي الانتباه.. فالحزب أقر بمشروعية سلاح الإضراب، ولكن في ظروف (متفق عليها)، أي أن الظروف الحالية لا تستدعي الإضراب، حسب رأي الأمة، وهذا يعنى أن أمر الإضراب لم يُخضع للنقاش الداخلي قبل الإعلان عنه.. أي فوجئ به حزب الأمة – عندما تم طرحه في الإعلام – ثم رفضه.
:: ثم هناك سبب آخر لرفض حزب الأمة للإضراب، وهو سبب محزن للغاية.. فالحزب يرى أن من يقرر الإضراب هو المجلس القيادي لقوى الحرية والتغيير، وليس أي كيان آخر.. وكما تعلمون فإن المجلس القيادي لقوى الحرية والتغيير مايزال في (رحم الغيب).. فالسادة يتحدثون عنه كثيراً، ثم يجتمعون لتأسيسه أسبوعيا، ثم (لا شيء).. لقد فشلوا في تشكيل هذا المجلس القيادي في أكثر من اجتماع، وكان آخره اجتماع بتاريخ الخميس 23 مايو.
:: وكما ذكر بيان حزب الأمة، فإن هناك اجتماع مرتقب لتشكيل المجلس القيادي لقوى الحرية والتغيير.. تأملوا، أكثر من اجتماع سابق، وهناك اجتماع لاحق، فقط لتشكيل مجلس قيادي لأحزابهم وليس للأحزاب المقصية.. ليبقى السؤال المهم، إن كان تشكيل مجلس قيادي لأحزابهم بحاجة إلى أسابيع وأشهر من الاجتماعات، فالسادة بحاجة إلى كم شهر أو عام لتشكيل مجلس الوزراء، في حال الاتفاق مع المجلس العسكري؟
:: وعليه، قبل ضحى الندم، وبلا يأس، أكرر النصح للسادة بقوى الحرية والتغيير.. ويبدو أنهم لن يستبينوا النصح إلا ضحى الندم.. ومع ذلك، من حق المواطن علينا نصح هؤلاء السادة بالتحلي بالذكاء والصبر في هذه (المرحلة الانتقالية).. وليس من الذكاء والصبر أن يتخذوا المجلس العسكري (عدواً)، كما ذاك النظام المخلوع.. وخاصة أن المجلس العسكري قدم لهم الكثير من المكاسب خلال أسبوع فقط لا غير.. وتم ذلك بالحوار وليس بالتصعيد والتهديد.
:: (بلا إضراب)، وافق العسكر بأن تكون أحزاب الحرية والتغيير الممثل الوحيد للشعب، رغم وجود أحزاب أخرى ومعادية للمؤتمر الوطني ونظامه المخلوع.. و(بلا إضراب)، وافق العسكر لأحزاب الحرية والتغيير كامل مجلس الوزراء، والأغلبية في البرلمان (67%)، ثم التمثيل في المجلس السيادي.. لقد حصدوا كل هذه المكاسب بلا إضراب.. ولكن يبدو أن تجمع المهنيين قد أخطأ عندما أوكل أمره لأحزاب تُهدر الأهداف الإستراتيجية بالمواقف التكتيكية.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.