الرواية الأولى مجدي عبد العزيز

على أعتاب زيارة المبعوث الأمريكي

شارك الخبر

 

• اتخاذ القرار في المؤسسات الأمريكية يتسم دوما بصفتي التؤدة والقوة، وبالطبع لا أعني بالتؤدة البطء إنما الإشارة إلى المراحل التي لا يمكن تخطيها والإجراءات التي يصعب تجاوزها إزاء أي قرار يصنع خاصة تلك القرارات المتعلقة بالعلاقات الخارجية والأمن القومي، ومؤكد أن أي قرار تكتمل إجراءات ومراحل صدوره يتمتع بالقوة والنفاذ ويصعب التراجع عنه دون العودة بنفس المراحل وربما مجابهة بعض التأثيرات الكبيرة كلوبيهات الكونغرس الأمريكي – حالة ملف اسم السودان في قائمة الإرهاب على سبيل المثال.
• الدول صاحبة النفوذ والتي تتمتع بعلاقات مع المؤسسات الأمريكية حذقت فن التعامل مع هذه المؤسسات خاصة الكونغرس عبر مهارات التواصل وشركات العلاقات العامة أكثر من الوسائل الدبلوماسية والتقليدية، وللأسف فإن بعثات السودان الدبلوماسية عبر مر العهود لم تطور من وسائل التعامل مع القوة الأمريكية العظمى وانحصر دورها في النمط الدبلوماسي التقليدي وهذه (رواية) سنأتي على تناولها لاحقا.
• زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية – المفترض أنها قيد التنفيذ للبلاد حاليا – والتي تأتي بعد تحولات كبرى تشهدها الساحة السودانية ومرحلة انتقالية حادة تشهد تنازعا كبيرا في استحقاقاتها وصلاحياتها, هذه الزيارة تنحصر مهمتها في اعتقادي في أمرين هما: الاستكشاف والنصح لا أكثر، استكشاف كامل المشهد وتقديم نصائح بغلافات دبلوماسية.. فمعلوم أن القرارات الأمريكية المفصلية إزاء (ملف السودان) هي بيد مجلس الأمن القومي الأمريكي وليس وزارة الخارجية التي تنحصر مهمتها حاليا في مد جسور التواصل والتقرير برأيها لدى الإدارة الأمريكية، كحال مؤسسة أخرى مهمة كوكالة المخابرات المركزية التي تنتهي مهمتها مع السودان في العلاقات الاستخبارية وتنفيذ الأهداف والمهام الخاصة بها كقضية مكافحة الإرهاب الذي تردد أنه نفذ بدرجات عالية وقصوى واستحق إشادة التعاون الذي وصف بالإيجابي جدا حسب التقارير التي رفعت أيضا للإدارة الأمريكية.
• نتائج المتابعات والرصد والاستقصاء للحالة السودانية الراهنة داخل المؤسسات الأمريكية تفيد بأن الدوائر الأمريكية تشهد تحركات كثيفة ومتسارعة لبلورة الرؤية الأمريكية الجديدة بعد الزلزال الذي ضرب الساحة السودانية عقب التغيير الذي حدث في الحادي عشر من أبريل الماضي وتداعيات وأحداث ذلك التغيير – فمعلوم أن الولايات المتحدة كانت تتابع التفاصيل عبر تمثيلها الدبلوماسي المنخفض بالخرطوم وأجهزتها، وكذلك بالتشاور مع حلفائها الأقربين للسودان بالمنطقة كالسعودية ومصر والإمارات، ولكن بعد آخر حدث تحويلي (انتهاء حالة الاعتصام في محيط القيادة العامة) والآثار الدموية التي صاحبته اتخذت تحركات الدوائر الأمريكية أوجها مختلفة، أبرزها التحركات والتأثيرات داخل الكونغرس منها ما يوصف بأنه متواضع نسبيا وهو ما يقوم به ناشطون سودانيون يوالون بعض فصائل قوى الحرية والتغيير من توظيف علاقات لهم مع بعض أعضاء الكونغرس، ويتبنون رؤية إدانة المجلس العسكري وبعض رموزه ومحاولة حمل الكونغرس للضغط باتجاه تسليم السلطة بالرؤية الأحادية التي كان يتبناها إعلان (قحت) قبل نهاية الاعتصام.
• لكن التحرك الأكبر هو ما دب في أوساط كتلة النواب الديمقراطيين والذي تمثل في تصاعد عدد الموقعين على مذكرة أيضا مضادة للمجلس العسكري الانتقالي، وخطوة الديمقراطيين تتأسس بالدرجة الأولى على اعتبار أن السودان بقيادة المجلس العسكري هو عضو فاعل في التحالف العربي ويتمتع بسند وغطاء أعضائه وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية التي يعتبرها الديمقراطيون هي من سندت غريمهم الجمهوري دونالد ترمب إلى الوصول إلى الرئاسة الأمريكية وتستمر الآن في تبادل المصالح معه، على ذات منوال مناوءة التحالف العربي يعتقد بأن دولة قطر لها النصيب الأكبر في دفع تحركات الديمقراطيين عبر نفوذ أدوات علاقاتها العامة التي أسستها بأمريكا وبتدوير لعبة لوبيهات الكونغرس.
• أمام المجلس العسكري الانتقالي الآن مهمة ترتيب الداخل بإحداث التوافق الوطني للعبور إلى تشكيل مشهد الانتقال المتراضى عليه الذي لا محالة سينزع الكثير من الألغام التي تزرع الآن في طريق البلاد، كذلك سرعة إنجاز المنظومة الدبلوماسية الوطنية الفاعلة كأحد خطوط الدفاع الأساسية عن الوطن التي تحسن توظيف تحالفات السودان وكسب نفوذ الأشقاء والأصدقاء في صراع المصالح الدولية.. وإلى الملتقى.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.