تراسيم || عبدالباقي الظافر

تقبلوا تحيات السيد الرئيس…!!

شارك الخبر

روى صحفي مقرب من الرئيس المعزول حكاية ذات معانٍ تعود لما قبل انتخابات 2015.. في لحظة تجلٍّ كان البشير يفيض من دواخله.. عندها سأله الصحفي المخضرم إن كان حقيقة ينوي الرحيل الطوعي من سدة الرئاسة كما تفيد أحاديث مجالس المدينة.. اعترف الرئيس لمحدثه بأنه فقط شعر الآن أنه رئيس مطلق الصلاحية.. في العشرية الأولى كان يهيمن على المسرح الشيخ الترابي.. في العشرية الثانية كان إخوان التنظيم يسرحون ويمرحون وينصحون.. بعد انفصال جنوب السودان انفرد الرئيس البشير بالحكم.. يذل من لا يحب ويقرب من يريد.. لا راد لكلمته في دواوين الدولة.. ثم انتهى كل شيء في فجر تلك الليلة بمفهوم “تلك الأيام نداولها بين الناس”.
قبل أيام كان الفريق حميدتي يتحدث لحشد مصنوع بعناية في قاعة الصداقة.. حتى العم كافي طيارة كان هنالك.. لو أن التاريخ يعيد نفسه بسهولة لتسلل البشير إلى المسرح الضاج وألقى كلمة وسط جمهوره.. المهم أن الفريق حميدتي قال للناس فيما قال: “أنقل لكم تحيات السيد الرئيس”.. من قبل وفي خطابات سابقة كان يكمل العبارة برئيس المجلس العسكري الانتقالي.. أقلقتني العبارة حيث شعرت أن العسكر لن يغادروا قصور الحكم كما يشتهي الشعب.. ليست وحدها المنظومات الشعبية من تحركت تسبح بحمد الحكام الجدد.. الآن رموز النخبة السياسية المدنية باتوا يقدمون خدمة (الديلفري) بمهارة عالية.. مبادرة السيد مبارك الفاضل في إعادة الحياة لدستور 2005 تمثل طوق نجاة للمجلس العسكري.. ذاك الدستور رغم أنه جيد في أبواب كثيرة وجاء في مناخ تنافس بين الحزب الحاكم وقتها والحركة الشعبية إلا أنه يعظم صلاحيات مؤسسة الرئاسة.. إذا ما حدث ذلك لن يستخدم الجنرالات عبارة (كله بالقانون) بل ستلهج ألسنتهم بكلمتي وفقا للدستور.
في تقديري.. أن جذوة الثورة مازالت مشتعلة.. الأجيال التي طردت الجلاد في ستة أيام ومن ورائه حزب عقائدي وجحافل من الانتهازيين بمقدورها أن تطيح بالأشبال في أقل من ذلك متى ما اتحدت الكلمة وتحدد الهدف.. وأن ريحا عاتية من الشرق والغرب ستهب في أشرعة الثورة.. الإسراف في تقديم التنازلات سيقود بلادنا إلى دكتاتورية جديدة.. الشمولية الجديدة إن سمح لها بالتمكين ستفتت ما تبقى من وطن.. لهذا من الضروري الاستثمار في مناخ الثورة.. من أعياه المشوار يسمح له بالانصراف دون أن يثبط الهمم أو يضع العراقيل في مسار الثوار.
بصراحة.. الجنرالات لا يولدون شموليين.. بل نصنعهم حينما تدمى كفوفنا تصفيقا ويبح صوتنا هتافا.. مع كل حشد بشري وتفويض كذوب يحسب العسكر أنهم جاءوا لإنقاذنا من الإنقاذ.. لكن الحقيقة أن الحكم تفويض محدود تمنحه الأمة لمن تشاء وقتما تشاء وتنزعه حينما تريد.. إن لم تفعل الثورة ذلك فسنكون كمن عاد من منتصف الطريق.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.