تجنيد الأطفال.. ما وراء الاتهام

الخرطوم: هبة علي

جاءت ثورة ديسمبر تحمل في طياتها بناء السودان الجديد بالبدء من الداخل بإرساء قيم الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان بأمل أن ينعكس هذا دوليا ويعمل على خروج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد أن خرج من القائمة السوداء لتجنيد الأطفال في العام الماضي بعد اتهامات متكررة وقدوم لجنة دولية لتثبت براءة السودان من التهمة الموجهة. ولم يلبث السودان برهة من الزمن بعد إسقاط نظامه الملاحق دوليا بضلوعه في جرائم ضد الإنسانية حتى أتت اليونسيف تحمل الاتهام لقوات الدعم السريع بتجنيد الأطفال.. فما حقيقة الاتهام؟

ماذا قالت اليونيسيف؟
اليونسيف قالت إن هناك (78) طفلاً قامت قوات الدعم السريع بتجنيدهم، حيث أعلنت ممثل اليونسيف نفسية بن شفيق عن وجود (78) حالة تجنيد للأطفال من قبل قوات الدعم السريع بولاية جنوب دارفور، مشددة على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تلك الممارسات باعتبارها انتهاكات، في الوقت الذي كونت فيه لجنة التقصي والتحقق من مزاعم تجنيد واستخدام الدعم السريع للأطفال.

سبب الأزمات
خبير العلاقات الدولية د.ناصر السيد أكد لـ(السوداني) أن هناك منظمات تستهدف المجلس العسكري الانتقالي من أجل أغراض سياسية وأن المؤسسات الأمنية في السودان لديها معايير محددة من ضمنها عدم تجنيد الأطفال دون الـ18 عاما، مشيرا إلى أن هناك اتهامات في ذات السياق جاءت خلال الفترة السابقة لأجهزة أمنية محلية.
وقطع د.ناصر بأن لا بد أن تنعكس تقرير اللجنة المحققة في حادثة جنوب دارفور للمجتمع الدولي إذا ثبت عدم ضلوع قوات الدعم السريع في تجنيد أطفال، منوها إلى أن الدعم السريع واجهت اتهامين في وقت سابق الأول يختص بتجنيد الأطفال والثاني بالزج بالأطفال في حرب اليمن.
وقال د.ناصر إن القوات المسلحة والدعم السريع وجهاز الأمن الوطني في هذه المرحلة موضوعة تحت الاستهداف الواضح الذي يخدم بدوره أجندة سياسية جاءت تبعا للمرحلة الحرجة التي يمر بها السودان.
وأشار د.ناصر إلى أن هناك وفدا سودانيا في مجلس حقوق الإنسان بجنيف يتحدث عن إبقاء السودان تحت بند الإجراءات الخاصة، مؤكدا على أنه لا توجد جهة حكومية واحدة تواجه تلك الاتهامات لدولة السودان، الأمر الذي يؤثر بصورة كبيرة جدا في صورة السودان بالخارج وهي السبب في كل الأزمات التي مر بها السودان من النظام السابق إلى الآن مرورا بحرب جنوب السودان.
ويرى د. ناصر أن الشائعات والعمل الممنهج ضد الدولة يؤلب المجتمع الدولي والمنظمات ويضع الدولة في موقف الدفاع لا الهجوم، مشددا على أن هذه الاتهامات تصبح كروت ضغط وابتزاز من المجتمع الدولي تجاه الدولة خاصة، وأضاف: هناك أيضا اتهامات في جنيف لجرائم حرب والعملية فض اعتصام القيادة العامة وهناك اتجاهات لرفع الحصانات من أعضاء المجلس العسكري وكل هذه اتهامات لمنظمات تسعى لتشويه صورة الأجهزة الأمنية في السودان لاغراض سياسية.

مواثيق دولية
د.زحل أحمد الأمين أستاذ القانون بجامعة النيلين جاءت في حديثها لـ(السوداني) بالتطرق للقائمة السوداء، مشيرة إلى أنها تتأتى من ممارسات من ضمنها تجنيد الأطفال باعتباره محرما دوليا وأن السودان موقع على اتفاقية حقوق الطفل 1989م وحدد بموجب هذه الاتفاقية أن أقل من 18 عاما يعتبر سن تجنيد للأطفال ويمكن أن يكون في قوات نظامية لمهام أخرى غير حمل السلاح.
وقالت د.زحل إن السودان وضع تشريعات منبثقة من التشريعات الدولية كسن قانون الطفل 2010م، منوهة إلى أنه تضمن فيه نص المادة الأولى من الاتفاقية (تحديد سن التجنيد 18 عاما) وأي انتهاك يضع الدولة في خانة خرق القانون الدولي والمحلي وإذا ثبت ذلك توجه عقوبات معينة على المستوى الدولي.
وأوضحت د.زحل أن السودان أدرج في القائمة السوداء لتجنيد الأطفال في العالم حيث حوت العديد من الدول من ضمنها السودان، مشيرة إلى أنه في العام 2018م استطاع السودان أن يخرج من تلك القائمة وثبتت براءته من تهمة التجنيد بعد متابعة اللجان الدولية للقضية والتحقيق بها بعد الوقوف على ذلك في أرض الواقع.
وأشارت د.زحل إلى أن الاتهامات الجديدة لقوات الدعم السريع بتجنيد أطفال تؤول للقوات المسلحة لجهة أن الدعم السريع رسميا يتبع لها، مؤكدة أن القوات المسلحة بدورها لا تجند ما دون الـ18 وأنه إذا وجدت إشكالية في مواجهة السودان فربما تأتي فيما يختص بالسجل المدني وبتدوين التواريخ الحقيقية، لذا يكون التحقيق بمراجعة السجل المدني.
ونوهت د.زحل إلى أن هناك 4 حركات مسلحة متهمة أيضا بتجنيد الأطفال ووضعت في القائمة السوداء.

الطفولة تحقق
الأمين العام للمجلس القومي سعاد عبد العال أكدت وجود مساعٍ من الحكومة لرفع اسم السودان من القائمة السوداء لتجنيد الأطفال واستخدامهم في مناطق النزاعات.
وقالت سعاد في الورشة التحضيرية لزيارات التحقق الخاصة بمزاعم انتهاكات تجنيد الأطفال لقوات الدعم السريع أمس الأول، إن اللجنة الوطنية ستقوم بالتحقق ميدانيا من كافة المناطق والشوارع الخرطوم بشأن تلك المزاعم، مشيرة إلى دعم قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو لعمل اللجنة، لافتة إلى عدم حاجة السودان لتجنيد الأطفال لارتفاع نسبة الشباب في سن التجنيد بالبلاد.

الخارجية ترد
وكيل الخارجية المكلف عمر دهب اتهم أعضاءً بالمجتمع الدولي بإطلاق مزاعم تجنيد الأطفال محاولة منهم لتوجيه العملية السياسية، وقال: (ليس مستغرباً وجود مثل هذه الاتهامات)، وأضاف أن هناك مزاعم كثيرة برزت في السطح هذه الأيام لها صلة بالصورة النمطية التي يتعامل بها الآخرون خاصة المجتمع الدولي، مشددا على ضرورة تمليك المجتمع الدولي المعلومات حول عدم تجنيد الأطفال أو استخدامهم في مناطق النزاعات.
وجزم دهب التزام السودان بموقفه فيما يلي المعاهدات الدولية، لافتا إلى أن السودان ليس بحاجة لتجنيد واستخدام أطفال دون الـ18 لجهة أن السودان بلد شاسع ولن يعجز أن يجد العدد الكافي من شبابه لاستيعابهم ضمن صفوف القوات النظامية وأفرعها المختلفة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.