إليكم… الطاهر ساتي

مواكب الغد!!

شارك الخبر

:: لو تم التعبير عن كل أزمة بموكب، فإن التعبير عن أزمة الكهرباء التي يصطلي بها الشعب بحاجة إلى خمسين موكب أو أكثر.. ويوم الخميس الفائت، أعلنت إثيوبيا عن استئنافها لتصدير الكهرباء لبلادنا (تدريجيا)، وعلى أن يتم الإمداد كاملاً خلال ثلاثة أسابيع.. وكما تعلمون، في خضم الثورة، أعلنت إثيوبيا عن إيقاف تصدير الكهرباء لبلادنا – 100 ميقاواط – بسبب نقص في إنتاج الطاقة الكهربائية، لشح الأمطار، وتم ذلك في مايو الفائت.
:: ومثل هذا الحدث يجب أن ينبه السادة بالمجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، وهم قاب قوسين أو أدنى من تشكيل حكومتهم، بأن حُكم السودان وشعبه في المرحلة القادمة ليس (نُزهة)، بل (مشقة).. وإن كانت مواكب اليوم تطالب بالحرية والسلام والعدالة و(المدنية)، فإن مواكب الغد سوف تطالب بالكهرباء والمياه والرغيف وغيره من ضروريات الحياة.. وكما الحرية والسلام والعدالة تستحق كل هذه التضحيات، فلا بد من (الخُبز أيضا).
:: سادة المرحلة القادمة، المدني منهم والعسكري، يعلمون أن الكهرباء في بلادنا هي أم الأزمات.. هي ليست قومية، لو كما نصفها، بل هناك ولايات ومحليات خارج الشبكة المسماة – مجازاً- بالقومية، ثم هي لا تكفي حتى حاجة الولايات والمحليات التي تمر بها.. ومن نجاح الثورة سد هذا العجز العريض.. ولن تسقط حكومة الجوع والفقر – والشحدة – ما لم تبذل حكومات ما بعد الثورة جهدها في كل مجالات الإنتاج، بما فيها الإنتاج الكهربائي.
:: لقد سئم شعبنا شعارات الساسة وخزعبلاتهم، وآن الأوان أن يعيش كما الشعوب الأخرى (حياة كريمة).. من خزعبلات النظام المخلوع، وقعت وزارة الكهرباء ما سمَّته بخطة تهدف إلى وضع المعالم الرئيسية لمشروع المحطة النووية، وزعمت أن السودان بهذه الخطة يسير في الطريق الصحيح لاستخدام الطاقة الذرية.. أو هكذا كان الخداع.. أي ما أن تحدث أزمة في الكهرباء، إلا ويأتون ببعض الأجانب أو يذهبون ثم يعدون الناس بإنشاء محطة للطاقة النووية.
:: والمضحك في الخداع الأخير هو أن محطة الطاقة النووية الموعود بها المواطن كانت (عائمة).. فالمحطات السابقات لم تكن عائمة، ربما غاطسة.. وفي الخاطر، في العام 2002، جاءت الهيئة القومية للكهرباء بشركة بريطانية لتضع خطة شاملة تنهي أزمة الكهرباء في البلاد.. وبعد خمس سنوات من الدراسة والتجوال في طول البلاد وعرضها، أي في العام 2007، أكملت الشركة دراستها وخطتها.
:: وهي الخطة العلمية التي تستوعب الطلب الكلي لكل القطاعات حتى العام (2030)، حيث متوقع بلوغ عدد سكان السودان خلاله (60 مليون نسمة).. وتقول دراسة الشركة البريطانية: ليحظى 80% من سكان السودان بالكهرباء، على الحكومة إنشاء محطات دال.. كجبار.. الرصيرص بعد التعلية.. توسعة سنار.. الشريك.. نهر عطبرة.. دقش.. توليد بالفحم الحجري بالبحر الأحمر.. توليد غرب السودان.. توليد النيل الأبيض.. وتوليد منطقتي الخرطوم والجزيرة..!!
:: تلك هى خطة التوليد.. وتقدر الخطة الطاقة الكلية بـ(23078 ميقاواط).. وما يجب تذكير حكام الغد هو أن حكومة الجوع والفقر والذل (لن تسقط) ما لم يبذلوا الجهد في الإنتاج، وليس في الصراع والاحتراب.. والكهرباء الواردة من إثيوبيا، كما سفن القمح والوقود الواردة من الخليج، (مذلة).. و(الشراب من يدين الرجال عطش)، ولن تفارق بلادنا مرحلة العطش والجوع والظلام ما لم يصبح أي مسؤول في المرحلة القادمة ( مسؤولا).

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.