الرواية الأولي مجدي عبدالعزيز

الاستقرار وفلاح الوطن

شارك الخبر

° (إن لسان حال شعبنا يصيح بأقوى العبارات حي على فلاح الوطن) – بهذه الجملة البيانية اختتم الإمام الصادق المهدي نداءه المنشور الذي أطلقه الأسبوع الماضي قبيل التوقيع على الإعلان الدستوري بيومين. ولعل الإمام بحكم ما يتمتع به من خبرة سياسية غير مضاهاة في المشهد الراهن، وفاعلية معروفة في صنع المشهد القادم أراد يرسم خطوط التحول المفترضة للمرحلة القادمة – في هذا التوقيت تحديدا – بمعطيات استلهمها ليضع مجمل المكونات الوطنية أمام التحدي الأعظم وهو المسير نحو فلاح الوطن .
° البحث عن الاستقرار وإيجاده يعد من أولى الخطوات في طريق الفلاح الوطني.. وللاستقرار كما هو معلوم درجات قياس يرتفع مؤشرها من فقدانه مرورا باضطرابه ثم جزئيته إلى أعلى درجات عافيته نحو كماله، كما أن للاستقرار أوجها ومناحيَ تعكسها الحالات الأمنية والأوضاع الاقتصادية والتماسك الاجتماعي وتعبر عن منتهاه ممارسة الحرية المسئولة، ولا شك أن الإحساس بالاستقرار الذي انتاب غالب المواطنين بعد التوقيع على الوثيقة الدستورية بالاتفاق والتراضي بين مكونات قحت والمجلس العسكري كان كبيرا لأن هذا التوقيع قد وضع حدا لحالة التجاذب حول تسيد الفترة الانتقالية التي كانت سمة الفترة الماضية.
° أتفق بشدة مع ما ذهبت إليه أمس الكاتبة المميزة والمتخصصة في الشأن الاقتصادي سمية سيد في عمودها المقروء (كلام صريح) يقولها: لا أجد مبرراً لتجمع المهنيين أو لقوى التغيير في الدعوة إلى التظاهر وإخراج الناس إلى الشارع.. صحيح أن الممارسة الديمقراطية تقتضي الحرية الكاملة لأي شخص أو مجموعات في فعل ما تراه.. لكن هذا النهج من المفترض ألا يكون بإيعياز من جهات يفترض أنها صاحبة المسؤولية المباشرة في معالجة المشكلات في الخدمات، وكل ما يقود إلى تذمر الناس وخروجهم إلى الشارع ليعبروا عن احتجاجاتهم. انتهى.
° من الحقائق التي لا يمكن نكرانها أن المجلس العسكري الانتقالي كان في الفترة الماضية بقدر تحديات المرحلة وعلى رأسها تحدي الاقتصاد، فما جرى من وقائع التغيير والأحداث المصاحبة وسقوط الضحايا وإشعال الشارع ودعوات الإضراب عن العمل والإحساس بالإغلاق الكامل في بعض الأحيان كلها تعتبر هزات عنيفة كان يمكن أن تودي بالحالة الاقتصادية والمعيشية إلى الدرك الأسفل، ولكن بفضل مجهودات كبيرة ومقدرة استطاع المجلس العسكري على الأقل من حماية البلاد من الندرة والعوز، كما يمكن القول إنه استطاع قيادة دفة الاقتصاد وسط أمواج متلاطمة ورياح عاتية ستكتب له إيجابا في سفر ما مضي من شهور الاضطراب .
° بقي انتظام منحى يحتل من الأهمية مراتب قصوى حتى يرتفع مؤشر الاستقرار إلى درجاته العليا وهو استئناف واستقرار الدراسة بالجامعات والمعاهد العليا خاصة بعد النجاح المقدر لعملية تصحيح الشهادة السودانية وكذلك إنجاز إجراءات القبول، وحري بالقول أن تجربة فتح مدارس الأساس والثانوي وإغلاقها الذي تم في وقت وجيز أصاب بالغصة الأسر والأبناء على السواء وأسكن إحساس الخوف من ضياع سنين مستقبلهم في القلوب، فاستقرار مسيرة التعليم تحتاج لإرادة لا تقل عن الإرادة التي أدت لتوقيع الإعلان الدستوري .
° لو عبرنا بهذه المؤشرات الأولية والآنية للاستقرار سنتمكن من مواجهة تحديات الاستقرار الكبري المتمثلة في تحقيق السلام وإنجاح خطة العافية الاقتصادية وإنجاز التحول الديمقراطي الحقيقي بإقامة الانتخابات وإقرار الدستور – نحو فلاح الوطن.. وإلى الملتقى.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.