الحكومة الانتقالية .. أولوية البرنامج أم الواقع؟

الخرطوم: عبد الباسط إدريس

متاريس وعقبات طارئة على أرض الواقع تواجه الحكومة الانتقالية الجديدة، ليست كتلك التي وردت في برنامج قوى الحرية والتغيير أو تلك التي وردت في مصفوفة تطبيق الاتفاق السياسي والدستوري، ولكنها قضايا أكثر إلحاحاً يتصل بعضها بإدارة دولاب العمل اليومي مثل قضايا العلاقات الخارجية وما يتصل بها من موضوعات مثل سد النهضة وإدارة الحدود والاتفاقيات السياسية والاقتصادية التي أبرمها النظام السابق والخدمة العامة وإدارة أوضاع الريف والولايات. وأخرى متصلة بحياة المواطنين ومعاشهم مثل خدمات الدواء والوقود والخبز والمواصلات، وشح السيولة النقدية، وكبح جماح الأسعار التي زادت بمتوالية هندسية قبل سقوط البشير.. وخلال فترة إدارة المجلس العسكري للبلاد في الأشهر الماضية، فكيف ستكون بداية الحكومة وماهي أولوياتها العاجلة وهل لديها خطة إسعافية؟!

المشهد الآن
تشهد العاصمة الخرطوم وعدد من الولايات صفوفاً طويلة من المواطنين أمام المخابز ومحطات الوقود، برغم تأكيدات قيادات المجلس العسكري بانسياب الخدمات خاصة النفط والدقيق، وفيما يرى البعض أن الظاهرة أحد أسباب ثقافة الاستهلاك المتزايدة من قبل المواطنين لسلعة مثل الخبز، والاستغناء عن النمط الغذائي السابق.
ويرى آخرون أن الأزمة ماهي إلا واحدة من تجليات الوضع المأساوي الذي خلفه النظام السابق، من خلال سيطرة فئات تجارية ورأسمالية بعينها واحتكارها لاستيراد السلع والخدمات أو إنتاجها وتوزيعها ويرون أن إصلاح الواقع الماثل يتطلب من الحكومة الانتقالية مراجعته لضمان المنافسة الاقتصادية الحرة وعدم ممارسة الأنشطة الاحتكارية التي تعد واحدة من أهم المطلوبات لضمان سوق للمنتجات الوطنية، كما أنها واحدة من أهم الاشتراطات التي وضعتها منظمة التجارة العالمية للسودان للانضمام إليها.
وإنهاء مظاهر الاحتكار والتحكم في خدمات المواطنين التي ماتزال سارية برغم صدور قانون في عام 2009 لتنظيم المنافسة ومنع الاحتكار واضعاً إجراءات قانونية واضحة وصارمة تحرم الاحتكار، وجاء في الفصل الثاني من القانون حظر إبرام أي اتفاق أو عقد أو أي ترتيبات أو تدابير سواء كانت مكتوبة أو شفاهية أو غيرها بين الأشخاص أو منشآت أو إتيان أي تصرف أو قرار أو مسلك احتكاري فيما يتعلق بعدة أشياء حددها القانون أهمها: خفض أو رفع أو التحكم في سعر بيع أو شراء سلع وخدمات. وتقييد إنتاج السلع وتصنيعها وتوزيعها أو تسويقها أو الحد من الخدمات أو وضع قيود عليها.

برنامج معد
وفي وقت انقسم فيه المراقبون ما بين ضرورة أن تعمل الحكومة الانتقالية على مخاطبة القضايا المعيشية الملحة وإنهاء أزمة السلع الضرورية، ورأي آخر يدعو لتطبيق برنامج قوى الحرية والتغيير بمراحله المختلفة وإعطاء قضية السلام الأسبقية. يؤكد القيادي بقوى إعلان الحرية والتغيير محمد وداعة أن قوى التغيير حددت ثمانين عنواناً سيتم عرضها على رئيس الوزراء للنظر فيها تنفيذاً وإضافة أو تغييراً. ويكشف وداعة في حديثه لـ(السوداني) عن تحديد قوى الحرية والتغيير لبرنامج المائة يوم الأولى للفترة الانتقالية على رأسها السلام وإنهاء المظاهر المسلحة، والوضع الاقتصادي ومعاش الناس وإصلاحه، عبر برنامج إسعافي تم إعداده مؤكداً أن برنامج المائة يوم يستهدف الإعداد والتهيئة لإنشاء المفوضيات الخاصة بمكافحة الفساد والإصلاح القانوني والتعليمي فضلاً عن إصلاح الخدمة المدنية بطريقة مؤسسية، مؤكداً أن رئيس الوزراء سيقدم خطاب يحوي خطته لإدارة الفترة الانتقالية، وسيتم النظر فيه عبر مجلسي السيادة والوزراء اللذين سيتولان التشريع خلال الثلاثة أشهر الأولى إلى حين تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي بعد تسعين يوماً من الآن ليضطلع بمهام الرقابة والتشريع على أداء الحكومة التنفيذية.

الدعم والهيكلة
يقول كثير من خبراء الاقتصاد، إن على الحكومة الانتقالية إنهاء مظاهر الدعم على بعض السلع مثل سلعتي القمح والوقود، لكلفتهما العالية على كاهل الدولة، وتوجيه حزم الدعم لقضايا الإنتاج والمؤسسات الصحية والتعليمية.
لكن الخبير الاقتصادي د. محمد الناير يبتدر حديثه لـ(السوداني) بتحذير الحكومة الانتقالية من اللجوء للحلول السهلة وبدء سياساتها الاقتصادية برفع الدعم نسبة لمعاناة المواطن الذي عانى كثيراً ومايزال ويرى ضرورة أن تبدأ السياسات بإصلاح اقتصادي يستهدف تحقيق استقرار سعر الصرف وخفض التضخم وبعد استقرارهما في معدلات معينة يتم من بعد ذلك النظرفي قضية الدعم، إلى جانب عمل الانتقالية مع المجتمع الدولي والولايات المتحدة تحديداً لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب الذي من شأنه أن يسهل التحويلات وهي خطوة يرى د. الناير أنها مهمة جداً لتحقيق الاستقرار وتساعد في إعفاء الديون كلياً أو جزئياً وتساعد السودان للحصول على قروض ميسرة وعلى الحكومة الاستفادة من الترحيب بالمباركة الدولية للتغير الذي حدث في السودان والاتفاق الأخير إلى جانب ذلك يرى الناير أن تنتهج الحكومة الانتقالية سياسات لإعادة بناء الثقة بين المصارف والوكلاء وتطبيق منظومة الدفع الإلكتروني وأن تقضي على الفساد وتسترد الأموال التي تم التعدي عليها وأن يتم الجلوس مع المغتربين والاتفاق معهم على آلية لضمان تحويلاتهم المالية بصورة عادلة وإزالة العقبات أمام الصادرات والعمل على الحد من تهريب الذهب والاعتماد على الإنتاج والإنتاجية على المدى المتوسط.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.