حاطب ليل ||د.عبدالطيف البوني

مصر والسُّعودية

شارك الخبر

(1)
كَانَ يوم السبت 17 أغسطس 2019م من أيّام السودان البيض، حيث عاش كل الشعب السوداني مشدوداً إلى الشاشة لمُشاهدة ذلك الحفل الفخيم الوسيم بعد أن كَانَ في الأيّام القليلة الماضية مشدوداً إلى الشاشات الخارجية ليُشاهد مصائبه وأهواله, لقد كُنّا نتنقّل من فَضَائيةٍ إلى أُخرى وأيدينا على قلوبنا لنسمع مَن قال ماذا؟ أما نهار السبت الماضي فكلنا اتّجهنا نحو شاشة واحدة لنُشاهد صفحةً جديدةً في تاريخ بلادنا, صفحة طوت صفحتين بـ(قلبة) واحدة, صفحة البشير ثُمّ صفحة الفترة الضبابية التي امتدت إلى مائة وثلاثين يوماً. اما الاحتفال بقاعة الصداقة فقد، جاء على قدر المُناسبة مظهراً ومخبراً، فمن حيث المظهر كان وجود العدد الكبير من الضيوف يشي بأنّ السودان له مكانة لا يُمكن تَخطِّيها في المنطقة، ومن حيث المَخبر فقد انصبّت كل الكلمات في اتّجاه المُستقبل المُشرق الذي ينتظر السُّودان بإذن الله تعالى.. باختصار كدا كان يوم السبت هو يوم التفاؤل الذي أعقب حقبةً طويلةً من اليأس والقُنُوط..!
(2)
احتفال القاعة كان الاحتفاء فيه بوجه السودان الأفريقي طاغياً، وقد يكون هذا مُبرِّراً نسبةً لحُضُور العدد الكبير من الرؤساء الأفارقة وهذا حَتمه موقع السودان الجُغرافي فهو أفريقي ومُحاط بسوار أفريقي، ولكن هذا يجب ألا يُقلِّل من علاقات السودان العربية، فالسودان لا غنىً له عن العالم العربي خَاصّةً مصر والخليج، فإذا حبسنا النظر في المائة وثلاثين يوماً الأخيرة، سوف نجد أنّ المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة هما الوحيدتان اللتان قَدّمتا دعماً مادياً مُباشراً لشعب السودان وَصلت جُملته ثلاثة مليارات دولار وكان في شكل مُشتقات بترولية وقمح ووديعة (كاش) في خزينة البنك المركزي، وفي ذات ايام الاحتفالات بتوقيع وثائق الفترة الانتقالية كانت السفن القادمة من السعودية تفرغ في ميناء بورتسودان خمسين ألف طن من السماد لغذاء الزرع في السودان، وهكذا أنقذت السعودية المُوسم الزراعي في عروتيه الصيفية والشتوية، ففي الصيفية كانت المُشتقات البترولية وفي الشتوية الأسمدة والمخصبات.
(3)
حاجتنا لتقوية العلاقات مع العالم العربي سوف تزداد في الأيّام القادمة، هذا اذا اردنا نهضة اقتصادية وفك عزلتنا الخارجية فإن كانت هذه العلاقات تُعاني انحرافاً في ظل النظام السّابق، فقد آن أوان تَصحيحها لتمضي إلى الأمام لخدمة جميع الأطراف.. نَعم هُناك نَبذٌ لسياسات المَحَاور ولكن لَن يَستطيع كَائنٌ من كَان أن يُقَلِّل من أهمية العِلاقَات مَع الجميع في شَكلها الثّنائي مع كل الدول العربية والأفريقية. ودعوني هنا أن أخص دولتين هُما المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر دُون التقليل من أهمية الدول الأخرى.. فالسعودية وصلت علاقات السودان معها في العُقُود الأخيرة شأواً بعيداً، فَمَا من أُسرةٍ سُودانيةٍ إلا ولها صِلَةٌ خَاصّة بالسعودية، وهذه العلاقة قَابلةٌ للتطوُّر بسُرعة الصَّاروخ، والإشارة هُنَا لموارد السُّودان الاقتصاديّة الضخمة وإمكانيات السعودية المادية الهائلة، ويا حَبّذا هُنَا لو حَرّرنا الاقتصاد من السِّياسة.
أمّا الجارة مصر فهي قدرنا ونحن قَدَرها، ولا بُدّ من أن تمضي العِلاقَة بَينَ البَلدين في طَريقٍ مُستقيمٍ يخدم البلدين لَيس لتفادي الضرر بَينهما، إنّما لإيجاد النفع لهما، فشعبا البلدين يُشكِّلان أكبر كتلة بشرية في العالم العربي.
خلاصة قولنا هنا، إنّ العلاقات مع السعودية ومصر لها من الخُصُوصِيّة مَا يَجعلها تَحتاج إلى نَظرةٍ أَعمق وتنظيم أدق.. أمّا علاقتنا مع (عَمّتنا) أمريكا وبقية دُول العالم والجوار فَمَـوعدنا غداً والأيام التّالية إذا أمـدّ الله في الآجال.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.