أصغر أعضاء السيادة في أول حوار مع (السوداني).. محمد الفكي: – أنا أُمثِّل الناس العاديين

حوار: فتح الرحمن شبارقة

رغم ضغط البرتكول وتعقيداته الخاصة بآداء أعضاء مجلس السيادة للقسم بالقصر الجموري ظهر أمس، إلا أن (السوداني) استطاعت أن تجري حواراً سريعاً مع عضو المجلس الشاب محمد الفكي سليمان الذي يتكئ على تجربة سياسية ثرة رغم أنه مازال على أعتاب الأربعين. ومع ارتباطه المسبق بلقاء آخر خارج أسوار القصر الذي دخله بالأمس لأول مرة، إلا أن (ود الفكي)، أصغر الأعضاء سنا، قدم في دقائق معدودة إفادات مهمة. ووضع بثقة -عُرِف بها- عدة رسائل سياسية في أكثر من بريد دون أن يسلك أية منعطفات لغوية للهروب من صيغة الأسئلة، بينما حال ضيق الوقت، وحصار واحتفاء الزملاء الصحفيين اللافت حينها بزميلهم السابق عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان، دون طرح أسئلة أخرى لا تقل أهمية ربما، فإلى مضابط الحوار:

*بداية، هل أنت مهيأ نفسيا للانتقال من معارض شرس، لأن تكون ضمن الطاقم الحاكم في مجلس السيادة؟
– نعم. طبعاً حدثت نقلة كبيرة في الدولة. والثورة نفسها أحدثت تغييرات كبيرة. ووجودنا نحن كأشخاص وشباب لم نصل لهذا المكان عبر انقلاب أو بسبب انتمائنا لأسر كبيرة. فنحن من عامة الشعب، ودرسنا في مدارس الشعب، وهذا يعني أن هناك تحولات كبيرة تحدث الآن في السودان، ومن ضمن هذه التحولات يجب أن نستعد لمثل هذا المقعد والانتقال من المعارضة إلى الحكم.
* كيف تنظر للمكون المدني في مجلس السيادة من حيث الشكل والاتفاق حوله في وقت يرى فيه الكثيرون أن ما حدث محض محاصصة؟
– الوضع الطبيعي أن يكون التمثيل بالكفاءة المطلقة، وأن لا تكون هناك مشكلة إذا جاء كل الناس من مدينة ود مدني أو الأبيض مثلاً، لكن التمثيل المناطقي وتمثيل الأقاليم فرضه واقع أن هناك اختلالا في هيكل الدولة وبالتالي رمزية أن تكون كل الأقاليم موجودة في مجلس السيادة. وهذا جزء من اختلالات الدولة ورثناه نحن ونأمل أن نعمل على معالجة ذلك.
* وماذا عن المحاصصة السياسية؟
– بالنسبة للمحاصصة السياسية، فهذا مجلس سيادة يضطلع بمناقشة قضايا سياسية.. مثلاً قضية الحرب والسلام وهذه ليست قضية فنية يقوم بها التكنوقراط وإنما قضية سياسية يقوم بها السياسيين وبالتالي فإن مجلس السيادة لا بد أن يكون به سياسيون. وعندما قال لنا البعض في الحزب الاتحادي الديمقراطي وكتجمع اتحادي إنكم قلتم لن تشاركوا في السلطة التنفيذية، قلنا لهم إن السلطة التنفيذية تعني الحكومة وتعني الوزارة، ولكن مجلس السيادة لا بد أن يكون فيه شخص سياسي.
*من تمثل أنت (محمد الفكي) تحديداً.. هل التجمع الاتحادي أم الشباب ربما، لأن هناك العديد من الاستفهامات حول هذا الأمر؟
– أنا سعيد جدا بأني أُمثل طيف كبيراً جداً، فأنا من شمال السودان، ولدت في الخرطوم، وتربيت في كردفان ثم عدت للخرطوم ومن حيث الإقليم أمثل أقاليم متعددة بتنوعاتها. وأمثل كذلك الشباب، فأنا في طريقي إلى الأربعين ولم أصلها بعد، وأُمثل الناس العاديين يا شبارقة (دفعتك وأصحابك والناس السكنوا في الداخلية وكدا.. ووصلوا إلى السلطة)، فهذه مسألة مهمة ورسالة إلى الشباب مفادها أن أبناء الناس العاديين ممكن يصلوا للسلطة، وأنا أول مرة في حياتي أدخل (سرايا غردون) اليوم وهذه أول وظيفة حكومية أعمل بها في السودان.
*أليست مفارقة.. أن تكون أول وظيفة حكومية لك هي عضو رفيع بمجلس السيادة دون أن تكون لك سابق خبرة تنفيذية أو برلمانية؟
– هذه ليست وظيفة فنية أو إدارية تتطلب التدرج من درجة إلى أخرى، هذه وظيفة سياسية، وأنا شغال أكثر من (20) سنة سياسة ونحن التقينا كثيراً، والمطلوب فيها الخبرة السياسية وليست الخبرة الإدارية.
* ألا ترى أن مهام مجلس السيادة من اعتماد وإمضاء وغيرها لا تحتاج إلى كل هذا العدد الكبير من الأعضاء؟
– أنا متفق معك تماماً في هذا الأمر، فمجلس السيادة كبير ومتسع ونحن نحاول أن نعالج هذا الأمر، وهذه من الأشياء التي ناقشناها بصورة ودية وليس في الاجتماع الرسمي، فيجب ألا تكون هناك منصرفات كبيرة فهذا أمر مرفوض بالنسبة لنا لأن المجلس نفسه يجب ألا يكون بهذا الاتساع، واتساع المجلس فرضه واقع وجود أعضاء المجلس العسكري. وطبعاً هذه الثورة جاءت بطريقة مختلفة فالتوازن بين المدنيين والعسكريين هو الذي جعل عدد عضوية المجلس كبيرة، وأنا أقول إنه فعلاً لم يكن هناك داعٍ لأن يكون بهذا الحجم.
* ما هي مهمتك والانشغال الأساسي لكم في المرحلة المقبلة؟
– بالنسبة لنا في الملف السياسي قضية إيقاف الحرب وتحقيق السلام هي أول وأهم شيء بالنسبة لنا، والقضية الثانية الملحّة بالنسبة لنا عندما نأتي لتقسيم الملفات هي الحرب على الفساد، فالفساد هو الذي أكل عظم الدولة السودانية. وأعتقد إذا نحن وصلنا لإنجاز كبير في هذين الملفين وتمكنا من إيقاف الحرب ومحاربة الفساد وهيأنا الدولة لكي تمضي لانتخابات فهذا يكفي.
* صحيح نحن التقينا كثيراً وأنت معروف بالطبع وسط الشباب ومُجايليك، لكن هناك أيضاً من لا يعرفونك ويرون أنك قفزت بالزانة بدون تجربة كافية تجعلك جديراً بدخول مجلس السيادة؟
– هذه وجهة نظر، والثورة جاءت أصلاً لكي يعبر الناس عن وجهات نظرهم.
* ألا ترى أن مجلس السيادة بتشكيله الحالي قد أوصد الباب تماماً أمام الجبهة الثورية؟
– أبداً، الباب مفتوح أمام الجبهة الثورية..
* عفواً كيف يكون الباب مفتوحاً أمام الجبهة الثورية بعد ملء كل مقاعد مجلس السيادة؟
– إذا توصلنا لاتفاق مع الجبهة الثورية ألا يمكن أن نخلي مقاعد؟
* هل تريد أن تقول إنه يمكن أن تخلوا مقاعد بالمجلس حال حدوث اتفاق مع الثورية؟
– طبعاً (وانت قايل السياسيين جوا ليه؟)..
*بصورة شخصية هل أنت مستعد للتنازل حال حدوث اتفاق؟
– نعم أنا مستعد لذلك، متى ما توصلنا لاتفاق، لذلك أنا أقول لك إن المجلس السيادي لا بد أن يكون فيه سياسيون لأن السياسي هو الذي يُجري التسوية.
* ما هي الرسالة التي تود أن تضعها في بريد الشباب؟
– أقول للشباب إن تضحياتكم الكبيرة لم تضع، وتمثيل الشباب الموجود في الثورة يعطي رسائل بأن يواصل الناس في عملهم ونضالهم ويجب أن ينظموا أنفسهم للوصول إلى السلطة لتحقيق برامجهم، وهذا لن يأتي إلا بالانخراط في عمل منظم.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.