نهب (رامي موبايل).. ركشة مقلوبة تكشف اللغز!!

الخرطوم: محمد أزهري

مقطع فيديو لعملية اغتصاب في الطريق العام اقتطعه شخص من كاميرا مراقبة بأحد منازل حي المنشية. مقتطف الفيديو لم يَدرِ وقتها أنه سيغرق مواقع التواصل الاجتماعي داخل وخارج البلاد بهذا المقطع وقد كان، لكن الشرطة لم تقل ما يقوله المسؤولون (فاجأنا الخريف) إذ أوقفت المتهم وأصبحت قضيته المعروفة. على ذات النسق، اقتطف صاحب متجر (رامي) للموبايلات بالرياض مقطع فيديو من كاميرا مراقبته لعملية نهب تحت التهديد، ونشره عبر المواقع ليلقي الكرة في ملعب الشرطة لكن الأخيرة أعادت الكرة إلى (رامي) ومعها (4) متهمين.

المشهد في الفيديو
ثلاثة أشخاص تسللوا إلى متجر (رامي) بحي الرياض شارع الجزار شرق الخرطوم، قبل فترة، وكأنهم يريدون شراء هواتف أو محلقاتها، لكنهم سرعان ما أشهروا أسلحتهم البيضاء وهددوا صاحب المتجر وأرغموه على الاستسلام ثم شرعوا في تحطيم زجاج الفترينة ونهبوا (8) هواتف قيمة وجهاز لابتوب، هذه بداية القصة حسب مصادر (السوداني) وكما يجسدها مقطع الفيديو الذي انتشر عبر المواقع وملأ الأسافير.

تحدٍّ جديد
رغم ظهور المتهمين عبر مقطع الفيديو بوضوح، إلا أنهم ليسوا من معتادي الإجرام المعروفين، الأمر الذي صعب المهمة على الشرطة ووضعها في اختبار (تكون أو لا تكون)، خصوصاً وأنها متهمة بابتعادها بعض الشيء عن العمل الميداني على الأقل منذ اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة.
مباحث شرطة ولاية الخرطوم كونت أتياماً من أبرز ضباط وضباط صف وجنودها لحل لغز الفيديو (الواضح الغامض). الأتيام ضمت (16) شرطياً متمرساً يشرف عليهم نائب مدير مباحث الولاية العميد أمين سعيد جميعهم وضعوا أنفسهم في تحدٍّ ومنافسة داخلية لكشف اللغز، فكان عملهم تسابق في (الحِذْيَة) وانسجام عالٍ لا يخلو من منافسة الحصول على المعلومة، بدأ الفريق عمله منذ ست أيام لا يفرقون فيها بين الليل والنهار.

السارينا
توقيت الحادثة كان الساعة الثانية عشرة منتصف الليل، لم يكن صدفة بل اختاره الجناة بدقة فهم يطلقون على أنفسهم (السارينا) أي أنهم لا يقصدون محلاً بعينه بقدر ما يصطادون كما يصطاد الذئب من (الغنم) القاصية، بمعنى أنهم يمشطون الشوارع الرئيسية في الأحياء الراقية وينصبون شراكهم لمن يمتاز محله بالهدوء.. على هذا النحو اختاروا محل (رامي)، إذ تسللوا إلى المحل مموهين بشراء هواتف وهذا الجانب لم يظهر في مقطع الفيديو، لكن (السوداني) تحصلت عليه من مصادرها الخاصة، وخرجوا لقراءة الوضع ثم عادوا مطمئنين ونفذوا عمليتهم بعد إصابة صاحب المحل بجروح احتاجت إلى (8) غرز وفروا هاربين.
وهنا شعر سائق سيارة كيلك بأنهم لصوص فطاردهم دون جدوى، بيد أنه ترك معلومة مهمة عن الركشة التي هربوا بها إلى جانب استناد المباحث على أشياء أخرى وفق مصادرها الخاصة.

حادث
فرق البحث ظلت تبحث عن متهمين مجهولين (مروا من هنا) على متن ركشة بدون لوحات، لكنها استطاعت أن تحصل على معلومة في غاية الأهمية عن الركشة نفسها، وهي أن هناك ركشة تحمل ذات أوصاف الركشة المشتبه بها تعرضت لحادثة انقلاب، وأصيب سائقها بكسر في أحد أطرافه. المعلومة رغم أهميتها لكنها ناقصة بحيث أنها لم تكشف عن جميع التفاصيل، ومن هنا بدأت المباحث رحلة بحث جديدة توصلت خلالها إلى وجود سائق الركشة بإحدى المستشفيات الكبيرة، وزارته وهو على الفراش الأبيض فكان (م) أحد الذين ظهروا في الفيديو وهو من كان يتولى قيادة الركشة، أخضعته الشرطة للتحقيق، وأقر خلاله من الحادثة وأرشد على شخص قال إنهم باعوه جهاز اللاب توب وبعض الهواتف.

مهمة معقدة
انتاب أفراد الفريق إحساس بالاقتراب من تحقيق الهدف، لكن المهمة ما تزال صعبة ومعقدة وبعد بحث مضنٍ توصلوا إلى الشخص مستلم المال المسروق ويدعى (أ)، وبدوره أرشد على من باعه الأجهزة، لكن الشخص المقصود يضرب على نفسه ستاراً عازلاً عن المجتمع يبدو من واقع ظهوره في مقطع الفيديو. وحسب معلومات المباحث، فإنه كان يتأهب لمغادرة الخرطوم إلى مدينة الضعين اليوم (الخميس).

مغامرة
أمس (الأربعاء) عند الساعة الثالثة عصراً وضعت فرق البحث آخر فصول خطتها أمام منزل بمنطقة سوبا جنوب الخرطوم، هذا المنزل بداخله المتهم (ب)، أحد أهم المتهمين في الفيديو، ورغم اقتراب المباحث من الصيد إلا أن الفريق دخل في مطاردة شرسة ما أن رأى المتهم أول شخص من الفريق وبدأ رحلة تسور منازل الحي وخلفه أفراد المباحث حتى تسور المتهم نحو 10 منازل خرج قاطنوها يركضون خلف عملية المطاردة وهم يقفون في صف الشرطة لتحقيق الأمن والأمان، المتهم كان يشكل خطراً على أفراد المباحث لحمله لسكين يبدوا أنها السكين الذي نفذ بها حادثة النهب، لكنهم واصلوا مطاردته حتى أوقعوا به في واحدة من أشرس المطاردات التي قادوها حسب أحد المطاردين، وعقب السيطرة عليه أقر بتنفيذه للحادثة وسمى من شاركوا معه.

ماذا قال (رامي)؟
رامي صاحب المحل الذي دون على صفحته على (فيسبوك) عقب الحادثة إنه سيكافئ من يقبض على المتهمين بـ(50) ألف جنيه، ربما بهذه التدوينة استفز الشرطة لكن الأخيرة برهنت بأنها قادرة على بسط الأمن دون مكافأة من أحد لكنها تحتاج مساعدة المواطنين بتأمين أنفسهم بالحيطة والحذر والتبليغ الفوري، رامي شكر الشرطة بعد أن وجد نفسه محرجاً وهو يقف أمام المتهمين أمس، وطمأن مدير شرطة ولاية الخرطوم الفريق “خالد بن الوليد” صاحب المحل وكافأ قواته التي حققت الإنجاز.

رسائل
مدير شرطة ولاية الخرطوم الفريق “خالد بن الوليد” قال لـ(السوداني) إن الشرطة حاضرة في كل الأوقات ولا تحيد عن أداء واجبها في حفظ وتأمين ممتلكات المواطنين في كل الظروف، إلا أنها كانت تعمل طوال الفترة الماضية دون وجود إعلامي يعكس دورها الكبير في العمل الجنائي.
وأكد أن الشرطة ستظل دائماً عين ساهرة ويد أمينة لحماية المواطن في نفسه وممتلكاته، مستدلاً بعمليتي القبض على المتهمين في جريمة قتل تاجر الصالحة ونهابي محل موبايلات الرياض.
وطمأن ابن الوليد المواطنين بأن الشرطة ستظل دائما في خدمة وتأمين المواطن منعاً للجريمة قبل الوقوع، مطالباً المواطنين بسرعة تدوين البلاغات في حالة وقوع الأعمال الإجرامي، معلناً عن استمرارهم في الأطواف الليلية بالأحياء لتحقيق الأمن ومنع الجريمة قبل وقوعها.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.