المدنيون والعسكريون في السيادي.. مهددات الشراكة

الخرطوم: هبة علي

مجلس السيادة بشراكة مكونيه المدني والعسكري يعد مفتاحا حقيقيا للمرحلة الانتقالية المعنية بإرساء قيم الديمقراطية وتحقيق السلام الشامل وتحرير مفاصل الدولة من سيطرة الدولة العميقة أو الموازية تحريا للدقة لخلق بيئة ومناخ مناسب للانتخابات بعد انقضاء الانتقالية.
هذه المطلوبات والنتيجة المفترضة تستدعي بحسب الكثيرين توافقا وانسجاما بين المدنيين والعسكر خاصة في ظل وضع اقتصادي متردٍّ وبنى تحتية متدهورة وفساد مُستشرٍ، فضلا عن مهددات الشراكة في حد ذاتها بين المدنيين والعسكر في المجلس السيادي التي لاحت بوادرها بتصريحات عضو السيادي في المكون المدني محمد الفكي سليمان، ليبرز السؤال: هل سيتمكن طرفا الشراكة من العبور بالانتقالية بسلام أم تعصف بشراكتهم المهددات؟

تمليك المعلومات.. ماذا قال ود الفكي؟
العضو بمجلس السيادة والناطق باسمه محمد الفكي سليمان، أشار في مقابلة مع (العربية نت) أمس الأول، إلى أن العسكر المجلس يحتكرون المعلومات المتعلقة بالدولة الأمر الذي قد ينسف الشراكة على حد تعبيره، قاطعا بأن انطباعه تغير كثيرا حول الشركاء العسكريين في مجلس السيادة بقوله: (لقد بدأنا بالكثير من المعلومات الناقصة، وحاول كل طرف إقصاء الآخر، نحن بدورنا حاولنا إبعاد العسكريين للحصول على ثورة كاملة، هم أيضا حاولوا الأمر نفسه، لكن الإحساس بروح المسؤولية من قبل الطرفين جعل التجانس ممكنا ومطلوبا).
ونوه الفكي إلى أن شركاءهم من العسكريين حصلوا على كثير من المعلومات المتعلقة بالدولة بحكم وجودهم في الحكومة السابقة، مؤكدا أن هذا لم يتوفر لديهم قائلا: (بالتالي أصبحت المعلومات نقطة قوتهم، لذلك وما لم تحدث مشاركة للمعلومات قد نلجأ نحن إلى استخدام نقاط قوتنا، وهذا ليس في صالح الاستقرار).

الموقف الآن
عضو المجلس السيادي محمد الفكي سليمان أكد في حديثه لـ(السوداني) مطالبتهم بتوفير المعلومات لأعضاء السيادي المدنيين بجميع ملفاتها بما فيها المتعلقة بالملف الأمني، نافيا أن يكون هناك إقصاء من طرف لآخر؛ مؤكدا أن الإقصاء كان سابقا قبل الوصول للشراكة بين الطرفين إبان الطموح بالوصول إلى مجلس سيادي مدني بلا وجود عسكري، منوها إلى أن ذات الأمر كان كذلك بالنسبة للعسكريين، واستدرك: بيد أن الوصول إلى نقطة التوازن جعل العلاقة بين طرفي المجلس تقوم على التعاون التام لجهة أنه لا يوجد خيار سوى التعاون.
وقطع الفكي بأن الوثيقة أوضحت اختصاصات مجلس السيادة ولا يوجد تعارض بين اختصاصات مجلس السيادة والحكومة المدنية برئاسة رئيس الوزراء، مشيرا إلى أن الحكومة كلها مدنية باستثناء وزيري الداخلية والدفاع، وأضاف: بالحديث عن السيطرة على المال العام فهو منوط بوزير المالية ورئيس الوزراء والخطة الموضوعة من قبل الحكومة التي تمثل الدور التنفيذي بينما يمثل مجلس السيادة الجانب السيادي.
وقال الفكي إن السيادي ناقش التقشف في منصرفات القصر الجمهوري الذي كان سابقا يتبع لرئاسة الجمهورية باعتبار أن رئيس الدولة يوجد في المعتاد بالقصر، مشيرا إلى أن الموافقة والتأمين على سياسة التقشف جاءت من كل أعضاء مجلس السيادة؛ مشددا على أن منصرفات القصر تؤول إلى وزير المالية كما تتطلب أن تكون المنصرفات تحت سيطرته الأمر الذي يحقق مدنية السلطة وإشراف المدنيين على كل الأموال، لضبط مصروفات القصر الرئاسي وإخضاعها لوزارة المالية.
ورفض الفكي الإفصاح عن نقاط القوة التي أشار إليها في تصريح سابق التي يمكن أن يلجأوا إليها كمدنيين في المجلس إذا لم تسر الأمور كما يجب، متوقعا أن تمضي الفترة الانتقالية بتعاون تام بين طرفي المجلس بما في ذلك فترة الرئاسة المدنية له.

الدولة البوليسية
المحلل السياسي د.محمد نقد الله أكد لـ(السوداني) أن المهدد الأول لشراكة العسكر والمدنيين بالمجلس السيادي هو التعامل كفريقين فريق عسكري وفريق مدني، الأمر الذي يقود إلى التنازع وعدم تقارب وجهات النظر.
ويرى د. نقد الله أن هناك اختلافا في مكونات المجلس السيادي، فالبعض متعطش للمدنية والديمقراطية والبعض الآخر اعتاد على النظام الهرمي في المشورة، مشددا على أن الطرفين إذا لم يستطيعا أن يستصحبا المتغيرات التي حدثتت في السودان سيدخل المجلس في محك حقيقي.
وقال د. نقد الله: يفترض أن يتمتع الطرفان بالوعي الكافي من خلال خبرتهم المهنية وأن يراعوا أنهم مفوضون من الشعب السوداني كما يجب إتاحة الحريات وتوفير المعلومات وتمليكها لكل الأعضاء بخلاف ما كان يحدث في الدولة البوليسية التي تأتي بالمعلومات من الأفراد بعكس الدولة المدنية التي تستقي المعلومات من المؤسسات المنوط بها ذلك. وأوضح الفكي أن اجتماعات مجلس السيادة دائما ما تناقش أهمية السيطرة على المال العام رغم أنها من مسؤولية الحكومة التنفيذية.

كيف تكون المجلس؟
بعد فصول من المفاوضات بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري حول التمثيل المدني والعسكري جاء التشكيل بالمناصفة وعضو مدني متفق عليه من الجانبين كشراكة بين العسكريين والمدنيين بعد توقيع الاتفاق بينهم في الـ17 من أغسطس المنصرم اذعانا بحكومة مدنية انتقالية مدتها 39 شهرا وهي مدة مجلس السيادة المرؤوس دوريا بين العسكر والمدنيين، ليبدأ العسكر دورتهم الأولى التي ستستمر 21 شهرا في حين يرأس المدة الثانية الممتدة على 18 شهرا عضو مدني يختاره الأعضاء الخمسة المدنيون الذين اختارتهم قوى إعلان الحرية والتغيير.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.