مدير إذاعة الـ (بي بي سي) عادل سليمان لـ(السوداني):لم نوقَف بتهمة التجسس وإنما معدات أعتبرتها السلطات غير مرخصة

الخرطوم: وجدان طلحة
عادل سليمان مدير إذاعة الـ(بي بي سي)، بدأ مشواره الإذاعي بمصر عام1987م مذيعا بقسم اللغة العربية والإنجليزية ثم انتقل للعمل بإذاعة (بي بي سي) عام 1994م في أول تلفزيون عربي لها لمدة عامين. وعندما تم إغلاق القناة انتقل للعمل في الخليج ثم عاد إلى (بي بي سي) مرة اخرى في 2000م تدرج فيها من صحفي إلى أن وصل مسؤول عن الإذاعة.
بعد أن أعلن رئيس المجلس السيادي إعادة بث الإذاعة حضر سليمان إلى السودان في زيارة قصيرة للترتيب لإعادة بثها الذي توقف منذ العام 2010م.
سليمان أعرب عن إعجابه بثورة ديسمبر المجيدة وما حققته بـ(سلميتها) من نجاحات في فترة قليلة نسبيا، مؤكدا أن الشعب السوداني قادر على تجاوز تحديات المرحلة، مؤكدا أن خطة الإذاعة هي تغطية كل أجزاء البلاد. (السوداني) التقته في عجالة وأجرت هذا الحوار.

•   ما الذي يميز زيارتك للسودان هذه المرة دوناً عن الزيارات السابقة؟

هذه الزيارة تختلف في عدة مستويات، أولها أنني كنت حريصا أن أزور السودان قبل هذا التوقيت لمعايشة التطورات المهمة التي يعيشها، وأتيحت لي الفرصة بعد الإعلان عن عودة بث (بي بي سي) ووجدت روحا مختلفة لدى السودانيين، تتميز بالإيجابية والحيوية، فضلا عن التفاؤل بالتغيير الذي حدث، ولاحظت تصميمهم على تحقيق أهدافهم التي خرجوا من أجلها. واستخدام اسم (سودان جديد) لا أعتقد أنه مجازا لكن بالفعل تعبير يعكس الواقع الجديد في السودان.
• هل هذا يعني أن زيارتك مرتبطة بقرار إعادة البث؟
حقيقة، نعم لمناقشة تفاصيل عودة البث مع المسؤولين.
• كيف تلقيتم خبر إعادة بث (بي بي سي)؟
بالطبع كانت هناك جهود مستمرة منذ أن تم ايقاف الإذاعة، وحضرت للسودان أكثر من مرة لتحريك الموضوع لكن لم نوفق.. وحالياً بعد أن بدأ التغيير في السودان استشرفنا بأنه ربما تسمح الفرصة قريبا بالحديث مع السلطات السودانية بإعادة محطات (إف إم) نظرا لأهميتها لـ(بي بي سي) والمستمع السوداني.
• في هذا الصدد هل أجريتم محادثات مع المجلس العسكري؟
لا لم نقم بأي اتصالات مع المجلس العسكري.
• هذا يعني أن إعلان إعادة البث كان مفاجئاً لكم؟
في حقيقة الأمر كانت هناك دلائل ومؤشرات تشير إلى إمكانية تشغيل (بي بي سي)، لكن لم نتوقع أن يكون القرار بهذه السرعة.
• هو قرار سعيد؟
بالطبع أسعدنا جدا، وعلى ضوء ذلك تحركنا فورا لإتمام التفاصيل الخاصة برجوع المحطة.
• وما هي هذه التفاصيل؟
التفاصيل بعضها تقني وآخر يتعلق بالترتيبات اللازمة لإعادة البث.
• هل تم تحديد موعد لإعادة البث؟
خلال أسابيع ستكون البداية بولاية الخرطوم.
* لكن الأبيض بورتسودان ودمدني كانت تتمتع ببث (بي بي سي)، فلماذا تم حرمانها وإغفال عودتها لهذه المدن؟
لا لم تحرم، والقرار نص على أن تكون البداية بالخرطوم، وسيتم البث في تلك المدن ومناطق أخرى لاحقا.. إعادة البث تحتاج لإعادة النظر في التقنيات التي كانت مستخدمة فبعضها غير صالح للاستخدام مرة أخرى لأنها متوقفة منذ 9 سنوات وهذا يتطلب وقتا.
• لماذا تهتم (بي بي سي) بالمستمع السوداني وحريصة على عودة البث؟
السودان كان أكبر بلد عربي يستمع للإذاعة، ومتميز ويستمع إليها باهتمام وحرص لفترات طويلة فضلا عن أنهم يحفظون أسماء المذيعين والبرامج ومواعيد بثها.
• هل هو حب متبادل بين المستمع السوداني و(بي بي سي)؟
نعم بالتأكيد كما قلت لك السودان وضعه خاص، وكثير من السودانيين يقولون إن (بي بي سي) تشكل جزءا من ذاكرتهم الوجدانية والثقافية ونحن نقدر هذه العلاقة والارتباط التاريخي.
• سبب إيقاف الإذاعة كان اتهامكم بالتجسس؟
لا أبدا لم يكن إيقافنا بسبب الاتهام بالتجسس، كانت هناك معدات خاصة بالبث قالت السلطات في عهد الرئيس المخلوع إنها غير مرخصة، لكن كان وراء الإيقاف أسباب سياسية.
• ما هي تلك الأسباب؟
أن ما تقوم به الإذاعة من تغطية لبعض رموز النظام البائد ليس على هواهم.
• مثال؟
الرئيس المخلوع عندما يتم تتداول الأخبار أنه مطلوب لدى الجنائية الدولية، كان الأمر غير محبب لهم، وربما كان هذا السبب الرئيسي لإيقاف (بي بي سي).
• هل إيقاف البث كان فيه ظلم المستمع السوداني والإذاعة باعتبار أنها كانت تنقل الأخبار، إذا كانت عن المخلوع أو غيره؟
لم يكن قرارا منصفا في زمن يستطيع فيه المواطن الحصول على المعلومة من أي مكان، طبعا لم نكن سعيدين بإيقاف البث، وكنا نأمل أن تعيد السلطات البث على موجات الـ(إف إم) خاصة وأنها لا تقدم أخبارا سياسية فقط بل تقدم محتوى متنوعا، خصوصا أنه رغم توقف محطات الـ(إف إم) في السودان، إلا أن في سؤالنا اليومي على برنامج العالم هذا الصباح الذي نخصصه لإحدى الفقرات الرئيسية أو خبر رئيسي أن معظم المتصلين من السودان.
• أكرر هل ظلم المستمع السوداني بحرمانه من الإذاعة؟
كل قرارات المنع التي تحد من الحرية هي قرارات غير منصفة وحرم المستمع السوداني من سماع إذاعاته المحببة.
• بعد العودة ونفس القرار الذي بسببه تم إيقاف البث وهو عدم تناول أخبار الجنائية، هل سيتم تناول كلما جد جديد في هذا الأمر؟
(بي بي سي) لا تتوقف عن بث الأخبار التي تستحق أن تنشر، من مهام الإذاعة نقل المعلومة وتمارس التثقيف بمعناه الواسع والترفيه المفيد، دور الإذاعة نقل الأخبار وتحليلها وهذا الدور سيستمر.
• قبل توقف الإذاعة في 2010م كم كان عدد المستمعين؟
4 ملايين مستمع.
• هل تتوقعون انضمام مستمعين جدد للإذاعة؟
نتوقع عودة الذين كانوا يستمعون للإذاعة سابقا وجذب آخرين خاصة الشباب.
• تتوقعون ذلك رغم ارتباط الناس بالسوشيال ميديا؟
السوشيال ميديا لا تغيب دور الإذاعة ولا تنتقص منه، بالعكس هي تعطي بعدا جديدا ومساحة أفضل للتحاور كما كان عليه الوضع قبل وجود الإنترنت، منصات التواصل مهمة جدا وموجودة منذ سنوات وهي وسيط للجماهير للتحاور والتعبير عن آرائهم، لكن المفهوم الكلاسيكي للإذاعة أنها مرسل ومستقبل مفهوم عفى عليه الزمن، الآن المفهوم هو التفاعل وقدرة المستمع أن يكون مشاركا برأيه في صنع البرامج وليس مستقبل فقط، السوشيال ميديا واحدة من هذه النوافذ المهمة التي يمكن التفاعل معها.. الإذاعة لديها تقرير يومي عن أهم ما يتم تداوله على هذه المنصات، بالنسبة لنا تمثل وسيلة سريعة لمردود محتوى الإذاعة.
• بما أن الشباب السوداني واحد من الشرائح المستهدفة هل تم إعداد برامج خصيصا لهم؟
البرامج الحالية الموجهة إلى الشباب مثل برنامج “دردشة ليلية” و”نوافذ مفتوحة” يوميا سؤال المستمعين أو السلاسل التي تستهدف الشباب وستكون هناك برامج جديدة خاصة بالسودان، حريصون أن نقدر مساحات للسودانيين والشباب بصفه خاصة في هذه المرحلة المهمة وأن تعكس الإذاعة دورا مهما وهو إتاحة فرصة للمواطنين للتعبير عن أنفسهم وآرائهم وعكس اهتماماتهم وغيرها.
• لولا ثورة ديسمبر المجيدة لما عادت (بي بي سي)؟
هكذا تبدو الأمور حتى الآن، نحن مع التغيير الذي حدث.
• متفائلون بأن التغيير سينعكس إيجابيا على عملكم؟
جدا، بروح جديدة وقدرة الإذاعة على نقل هذا الزخم، وأن يكون واقع الحريات أفضل ليتمكن الإعلاميون من ممارسة دورهم في بناء السودان الجديد خاصة وأن إتاحة الحريات من أولويات الحكومة الانتقالية ومتفائلون بأن الشعب السوداني قادر على تحقيق أهدافه.
• هل سيتم إنتاج برامج من السودان؟
برامج الإذاعة مثل نقطة حوار، همزة وصل، دردشة وغيرها سيتم فيها تخصيص مساحة عن السودان.
• خطة انطلاق البث؟
نعم توجد خطة قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى ونحاول وضع فقرات ثابتة تعكس التغيرات التي تحدث في السودان وتعطي نافذة لأصوات السودانيين الشباب وغيرهم للتعبير عن أنفسهم والمشاركة بما يحدث ببلدهم والمنطقة.
• مع الثورة تناولت الإذاعة الكنداكات؟
نعم استضفنا بعض الكنداكات المشاركات في الثورة السودانية المجيدة مع تفسيرها المستمعين غير السودانيين والخلفية التاريخية لهذا الأمر وما يعنيه.
• الإذاعة تناولت أغاني الشباب أيضا أيام ثورة ديسمبر؟
نعم إذا كانت قديمة أو تم استلهامها أو أغاني جديدة توضح موعدهم وتضحياتهم من أجل تحقيق مطالبهم، بالتأكيد ستتناول الإذاعة مزيدا من هذه الأغاني ودور المرأة في الثورة والعمق التاريخي، التعقيدات السياسية في المشهد السوداني، ثم الحياة اليومية ونتمنى أن ننقل الأحداث المختلفة في ربوع السودان من خلال نوافذ تناسب المحتوى.
• قراءتك لثورة ديسمبر المجيدة وسلميتها؟
الثورة مدهشة ومثيرة للإعجاب والتأمل أحيانا، نعلم أن السودان بلد متعدد الثقافات والأعراق ويقدم السودان نموذجا فريدا في مسيرته وقدرته على التوافق وإصراره على تحقيق أهدافه ودفاعه عن مكتسباته خلال الشهور الماضية.. ما حدث مثير للدهشة والإعجاب نأمل أن يحقق السودان كل ما يرجوه.
• لديك صداقات في الوسط الإعلامي، ما الذي يميز الإعلامي السوداني؟
متحمسون للعمل ومبدعون وقادرون على إنتاج برامج بأبسط الأدوات، وينقلون نبض الشارع بصدق، زرت بعض الإذاعات تقارب الـ 50 إذاعة، هذا أمر جيد ولا بد أن تحافظ على تجويد المحتوى.
• بعد عودة البث هل سيكون هناك برامج خاصة بالإعلاميين؟
سنقوم بتدريب للإعلاميين وتبادل برامج والاستفادة من الانفتاح والحرية الموجودة الآن.
• هل تتوقع أن يمر السودان بتحديات مثل التي واجهتها دول الربيع العربي؟
السودان بالفعل مر بتحديات وكل مرحلة لها تحديات خاصة بها، ربما تكون أكبرها هو أن سقف الطموحات عالٍ جدا بعد التغيير والواقع محدود إن لم يغيره أصحابه ويجعلوه قادر على استيعاب الطموحات.
• لكن الأمر يحتاج لقليل من الصبر من المواطن والتغيير لا يحدث بين ليلة وضحاها؟
التغيير الذي حدث بالسودان لا شك أنه ستواجهه تحديات، لكن لنركن على جانب التفاؤل، الشعب الذي صنع هذا التغيير السلمي في زمن قليل نسبيا قادر أن يواصل مسيرته ويحقق اهدافه رغم التحديات.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.