حاطب ليل || د.عبداللطيف البوني

حكاية معارضة

شارك الخبر

(1 )
بعد أن اختلف النميري مع الشيوعيين تربصوا به عن طريق النقابات وكل القوى المدنية التي كانوا يسيطرون عليها فعرقلوا الري في المشاريع المروية وعملوا على تردي الخدمات ووصلوا قمة المواجهة بانقلاب هاشم العطا الذي تسبب في كسرة الحزب، ثم تولى المعارضة الشريف حسين الهندي فحارب النميري بعرقلة تجارة البلاد الدولية فأثر على الصادرات والواردات، ثم التقط القفاز الصادق المهدي الذي ترأس الجبهة الوطنية فكان الغزو من الخارج يوليو 1976، ثم أخذ جون قرنق للقذافي ليمده بالسلاح.. هذا تطور موجز لمفارقة المعارضة لحدود معارضة النظام إلى الضرب في عظم الوطن وبالطبع كان لممارسة نميري للحكم دور كبير في ذلك إذ مارس الإقصاء على المعارضين فكانت هذه ردة فعلهم وإن جينا للحق فانه يصعب التحكم في أي معارضة غير دستورية يوفرها النظام الليبرالي.
(2 )
ثم جاءت الإنقاذ فمارست الإقصاء الجد جد إذ بدأت بالخدمة العامة عسكرية و مدنية فأعملت فيها سيف الصالح العام خوفاً من الإضرابات والانقلابات ثم فتحت باب الهجرة للمعارضين ظناً منها أن السيطرة على الجبهة الداخلية وتكييفها على هواها السياسي سوف يمكنها من الحكم إلى أبد الآبدين، فكانت ردة فعل المعارضة بذات الفجور فعلمت على تسخين الجبهة الخارجية فكانت الجيوش على الحدود والدعم غير المحدود لجون قرنق ثم كافة الذين يحملون السلاح وتزامنت مع ذلك الحرب الدبلوماسية العنيفة التي توجت بإدراج اسم السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب ثم المحكمة الجنائية.. وانتهى إلى غير رجعة التفريق بين النظام الحاكم والوطن.
(3 )
أها اليوم العلينا دا توجد في البلاد حكومة تتمتع بأعلى شعبية يمكن الحصول عليها فالالتفاف حول رئيس الوزراء الحالي لم يشهده السودان قريباً ولكن هذا لا يمنع من نشوء معارضة تعمل على كسر عظم الوطن، فالطريق إليها مفتوح (أربع ضلف) فالإقليم حولنا والعالم حوله دوماً على استعداد لاحتضان أي معارضة بعبارة أخرى أي معارضة تنبع من الداخل سوف تجد من يدعمها بالمال والسلاح والزخم السياسي الدولي على المستوى الإقليمي وعلى المستوى الدولي وذلك لطبيعة التناقضات القائمة على المستويين وهذا لا يحتاج لدرس عصر.
(4 )
وجود معارضة راشدة دستورية أمر لا بد منه ليستقيم نظام الحكم وهذه لن تأتي إلا بانتخابات تنتج عنها حكومة منتخبة ومعارضة منتخبة في ذات الوقت عليه يبقى أن نبحث الآن عن معارضة بذات الرشد في هذه الفترة الانتقالية لأن أي قدر من المعارضة سوف (يجهجه باكات الحكومة) مهما كانت مدعومة داخلياً وخارجياً وذلك لصعوبة متطلبات البناء وسهولة مطلوبات الهدم . فالخراب دوماً ساهل.. . البلاد محتاجة لمعارضة ترجع بنا إلى فترة ما قبل مايو كالمعارضة لنظام عبود مثلاً .. كانت معارضة بت ناس وبت بلد مكنت عبود من إنجازات لم يفعلها من جاء بعده. فإذا وجدنا مثل المعارضة الآن سوف تمهد السبيل لمعارضة دستورية محترمة بعد الانتخابات حيث يصل الاعتراف بها مرحلة وجود مخصصات لزعيم المعارضة وحكومة ظل وكدا . باختصار إننا الآن بحاجة لمعارضة عقلانية بقدر حاجتنا لحكومة راشدة فكيف يكون الطريق لهذه المعارضة؟ خليكم معنا إن شاء الله.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.