الأمين العام لهيئة علماء السودان د. إبراهيم الكاروي لـ(السوداني):أيّ منبر إعلامي ينبغي أن لا يكون مدعاة للفتن

حوار إيمان كمال الدين

أثار حديث وزير الإرشاد والأوقاف حول وضع ميثاق شرف لضبط الخطاب الديني ثم وضع قانون ولوائح تضبط الممارسة الدينية في الوعظ والإرشاد، أثار حفيظة بعض الدعاة، واعتبر بعضهم أن الوزارة لا تملك سلطة إبعاد خطيب عن المنبر كما دعت بعض التيارات الدينية شيوخها إلى عدم الالتفات لأي قانون يسن أو مرسوم يصدر، (السوداني) استطلعت الأمين العام لهيئة علماء السودان د. إبراهيم الكاروري حول هذا الجدل.

ما تعليقك حول وضع وسن تشريعات لضبط الخطاب في المنابر؟
التجارب التي حولنا تلزم المنابر بخطب محددة تشرف عليها الوزارة، حيث يتم إلزام الخطباء بخطبة محددة وهذه قضية تأتي في نسق متكامل مع طبيعة الحكم ومؤسساته، لكن في دولة تتحدث عن الحرية في الإعلام، والمسجد منبر من المنابر والخطبة لها وظيفة إرشادية ووظيفة إعلامية، أرى أن هذه القضية بحاجة إلى دقة متناهية في إيجاد فاصل بين الحرية وبين الإلزام، وهناك متغيرات كثيرة يمكن أن تحدث من يضمن إذا جاءت حكومة أخرى تعمل على تقييد الخطاب في المساجد هذه قضية خطيرة.
التشريعات لضبط الخطاب الديني وليس تحديده؟
عبر تاريخ السودان لم يوضع تقييد للإمام لأن الإمام قائد وموجه، ومهمته الإرشاد والتوجيه فينبغي أن تكون الرؤية قيمية أكثر من كونها قانونية.
كيف يضبط الخطاب إذا؟
اختيار الإمام الذي يعتلي المنبر، ومن الأفضل ضبط الناس بالقيم من أن يتم تقييدهم بالقانون.
لماذا؟
أعتقد أن القانون يفتح الباب لأي ديكتاتور ليضع رؤيته، وعبر التاريخ كان الضابط القيم وليس القانون، ثانياً من الذي يحدد الخطاب الديني ومكوناته؟ جلسنا من قبل في عدد من المبادرات مع وزارة الإرشاد والأوقاف وفي مرحلة سابقة تمت مناقشة مثل هذه القضية وخلصنا إلى أن ضبط الخطاب الديني قضية صعبة جدًا.
ما الصعوبة في ذلك؟
تتعدد المذاهب، الرؤى، الجماعات لذلك كان المنبر له الحُرية التي ينبغي أن تضبط بالقيم.
ما هي ضوابط الشريعة للخطاب الديني؟
أولاً: القانون الجنائي مؤهل لضبط الخطاب، والشريعة وضعت ضوابط، وهي مقاصد الشريعة الإسلامية.
هل هناك التزام بذلك حالياً ؟
في الآونة الأخيرة جل المنابر، وليس منابر المساجد فقط، كل الأداء الإعلامي بحاجة للتخفيف من خطاب الكراهية ما أوتينا إلى ذلك من سبيل، وبحاجة لضبط الخطاب الإعلامي لخلق مناخ مناسب للحوار.
ما هي العقوبة المناسبة بحق من يتجاوز الضوابط؟
أنا شخصياً لست مع إبعاد أي إمام عن المنبر
لماذا؟
أي إمام اعتلى المنبر، إعتلاه بمؤهلات ورضا من مجموع من الناس، لست مع الإبعاد حتى لا نولد اصطفاف،وتكون هناك منابر ضد أخرى.
متى يمكن وصف الخطاب بأنه مدعاة للفتنة؟
من حيث المبدأ نوافق على أن كل المنابر، وليست المساجد فقط، أيّ منبر إعلامي ينبغي أن لا يكون مدعاة للفتن.
ما هي محددات الفتن؟
تختلف الرؤى وهناك صعوبة في الاتفاق ومن الأفضل أن تكون الضوابط قيمية أخلاقية، وأرى أن الضوابط التي وضعها الفقهاء لمن يكون إماماً كافية إذا تم الالتزام بها.
متى يمكن أن نقول إن الداعية تجاوز المعايير؟
إذا فارق منهج الشريعة الإسلامية، للمسلم حرمات في الدين، العرض، المال وهي حرمات ينبغي أن تُراعى، وميثاقنا المحافظة وعدم الاعتداء عليها.
هل ثمة مقترح لخلق نقاط توافق؟
أرى من خلال ما يحدث أن يعقد الوزير لقاء مع الأئمة يتناقش معهم حول رؤاهم وفي ضوء ذلك يمكن الوصول لخلاصة حتى يكونوا شركاء في اتخاذ القرار وأن يتحول ذلك لميثاق شرف يلتزم به الناس وحتى لا يكون هناك اصطفاف ويضع الأئمة مع الوزير في صورة مثلى لضبط الخطاب في المنابر.
هل لوزارة الأوقاف سلطة منع خطيب عن المنبر؟
لا ليست لديها هذه السلطة، بدليل ربطها لذلك بسن قانون وتشريعات، وشخصيًا أرى أن القوانين الآن كافية، فالقانون الجنائي الآن لضبط الخطاب، وأرى أن ننظر للقضية نظرة متكاملة لجهة أن المنابر متعددة وليست حكراً على المساجد، الصحف، ووسائل التواصل الاجتماعي.. لا يمكن أن تترك من في الوسائط يقول ما يشاء ثم تأتي لتقيد من في المنبر، يجب أن نعمل على الحد من خطاب الكراهية بشكل عام ونعمل على صنع وسط معتدل.
برأيك ما أثر سن التشريعات وتنفيذها؟
تكمن خطورتها إذا دخلت دائرة التحدي، فإذا لم يتم الاتفاق على ما هو المشروع وغير المشروع ستكون هناك إشكالية، الناس تتحدث عن الحُرية وأي قانون يوضع يجب أن تراعى فيه الموازنة بين حقوق كل الأطراف، وإذا شعر الإمام بأن الأمر خصمًا على حريته ..هذه الموازنة ستكون خطيرة وقد يحدث خروج على القانون بشكل أو بآخر لذا لا بد من توسيع الخطاب وإشراك مستشارين والتعمق في القضية حتى لا نولد اصطفافاً ونؤسس أطرافاً معارضة لأي لائحة تصدر.. هذه قضية حساسة وخطيرة.
يرى البعض أن سن تشريعات.. حرب على الإسلام كيف ترى ذلك؟
لست ميال للحكم على أي طرف، هذا حكم والإسلام لا يحكم إلا إذا وجدت كل الأدلة، وأنا لا أقول إن أحداً ما ضد الدين ..هذا يولد إشكاليات صعبة وتبنى عليها مواقف وهذه القضية تحتاج لتروي وإحسان الظن ببعضنا البعض ويجب أن يجلس الوزير مع الأئمة ، وهو يبحث عن الحق بوسائله، وآخرين كذلك، يجب أن يكون هناك حوار للوصول لصيغة مثلي، الاتهام لن يصنع نقاط التقاء بين الناس.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.