أجندة عبد الحميد عوض

اختبار وزير المالية

شارك الخبر

*في بلادنا، مدَّ الله في أيامها، وزارة للمالية والتخطيط، بها وزير ومديرو مكاتب ورؤساء إدارات، ورهط من الموظفين كبيرهم وصغيرهم.
*وفيها أيضاً وزارة للتجارة، لا تنقصها الإدارات المتخصصة ولا الموظفون ولا أموال التسيير، وسيارات التسيير.
* أيضاً لدينا وزارة مالية وإدارة للتجارة في كل ولاية، وموظفون، يقف عليهم ولاة ومعتمدون ومديرون تنفيذون وضباط إداريون وهلمجرا.
*عندنا ولله الحمد، اتحاد أصحاب عمل، وشعبة تجارة الدقيق، وأصحاب مخابز، وعندنا وعندنا وعندنا!!
* كل هذه الأجهزة معنية بوضع سياسة واضحة لسلعة الخبز، وتوزيعه والإشراف عليه ومراقبته، بطريقة ليست صعبة تعرفها كل دول العالم.
*الخبز سلعة ضرورية وحياتية لدرجة القول إنها من محددات الأمن القومي في بعض البلدان، بالتالي أي خلل فيها يستدعي تدخل أجهزة الجيش والشرطة والأمن والدعم السريع، وما شاء الله تبارك الله، لدينا أعداد هائلة من تلك القوات، ومعها قوات موازية على شاكلة الدفاع الشعبي والأمن والشرطة الشعبية.
*فشلت كل تلك الهياكل في إدارة أزمة الخبز خلال السنوات الأخيرة من النظام السابق، لدرجة أن الأزمة فتحت الباب واسعاً أمام إسقاط النظام الذي جثم على حكم البلاد 30 سنة.
*وزير المالية، السيد الدكتور إبراهيم البدوي، الذي جلس على منصب وزير المالية في حكومة الدكتور عبد الله حمدوك، فكر وقدر في حل الأزمة، وبدلاً من تغيير السياسة كلياً المتعلقة بإنتاج القمح واستيراده، وتفعيل أدوات الدولة وتنشيط الرقابة على عمليات توزيع الدقيق، وعلى عمل المخابز، قدم مقترحاً غريباً بتقديم دعم مالي مباشر لأي أسرة قبل أن يروج مؤخراً لخيار أشبه بخيارات “البصيرة أم حمد”؛ إذ اقترح البدوي، تعيين 100 ألف شاب في عملية الرقابة، وهو أمر في ظاهره يعطي انطباعاً جيداً فيما يلي توفير فرص عمل لهذا العدد من الشباب المكتوي بنار البطالة وسياسات التمكين السابقة، لكن لم أستطع تفهُّم أن يقوم ذلك العدد بمهام الجيوش الجرارة المنوط من الوزارات وحكومات الولايات والقوات النظامية التي تستنزف خزانة الدولة، ليل نهار.
*حتى موضوع توظيف الشباب في تلك المهمة فيه نظر، فلا يُعقل ولا يتصور تقزيم طموحات الشباب لا سيما الخريجون منهم، الذين حلموا بواقع أفضل بعد ثورتهم المجيدة، بمنحهم مهمة أقل بكثير من أحلامهم وطموحاتهم ومقدراتهم، ولا يمكن كذلك جعلهم منصة لتغطية فشل وعجز الآخرين وتلكؤهم، كما أن الوظيفة تلك ربما أدخلتهم في صدامات، هم في غنى عنها.
*اختبار الخبز هو أبسط اختبار للسيد وزير المالية، وقبله حكومة حمدوك، وأي حكومة أُخرى، ولا مجال غير النجاح، وإن استمر الفشل فعلى الوزير السلام وعلى الحكومة السلام، وعلى الدولة كلها السلام، إذا كانت تلك الدولة غير قادرة على إدارة أزمة خبز، وليس إنتاج الطاقة النووية.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.