العين الثالثة…ضياء الدين بلال

سرقة (درداقة)!!

-1-
بإمكانك أن تصدق أن القصة التي سأنقُلها لكم بقلم صاحبها من حكايات القرون الوسطى.
أعترف بأن الصحافة لم تعد تملك إمكانيات البحث والتحقيق بعيداً عن الخرطوم، لتصل إلى الأزمات والمشكلات في منابعها.
تلك قصة أخرى قد نرويها يوماً ما.
السودان في كُلِّ الحكومات الوطنية، ظلَّ يتفاخر بثرواته الطبيعية.
المياه والأرض والمعادن وخيرات لا تُحصى ولا تعد، مع فقرٍ مُقيم!

-2-
لم أجدْ مُختصراً مُناسباً لوصف السياسة، أفضل من مقولة: (السياسة فنُّ تجنيب الشعوب المأساة).
لا تُوجد مأساةٌ أكبر من الفقر والحرمان من ضروريات الحياة: المأكل والمشرب والتعليم والعلاج، والضحك المُعافى.
ستُصبح المأساة أكبر، والفاجعة أعظم، إذا كان الفقرُ والحرمانُ مُرتبطَيْن بوجود إمكانيات وثروات زاخرة غير مُستغلَّة، أو مُهدرة في تجارب العبث ومشاريع الخراب.
(النيل راقد مُمدَّد)، والذهب يبتسم تحت أقدام الفقراء.
ما تزال حسرةُ شاعرنا الراحل صلاح أحمد إبراهيم عالقةً على بوابة التاريخ: النيل وخيرات الأرض هنالك.. ومع ذلك.. ومع ذلك!

-3-
(مع ذلك)، اختصار مبهم ولكنه مُشِعٌّ يقول الكثير بين الحروف، الأزمة فينا نحن سكان هذه الأرض.
في السودان وحده، وليس غيره، بإمكانِ مُوظَّفٍ صغيرٍ محدود القدرات واسع النفوذ، أن يُشوِّه سمعة الدولة و(يمرمط بها الأرض).
في السودان وحده، بإمكان وزيرٍ عجولٍ محدود التجربة، إلحاق خسائر فادحة بالاقتصاد يصعب علاجها.
الكارثة أكبر في ما يحدث للمستثمرين الأجانب من مضايقات ومكايدات، تصل إلى حدودٍ يصعب تصديقها.
قبل أيام تناقلت الأخبار الاعتداء على استراحات الراجحي، ذلك الشيخ التسعيني الذي جعل من أحلام شاعرنا محمد المكي إبراهيم باشتعال الأرض قمحاً ووعداً وتمني، حقيقة ماثلة لا وعداً مرتجى.
بعض المحليات بأظافرها القذرة، تسعى لنهْش جيوب المستثمرين، وبعض الأهالي يعملون على ترهيبهم وابتزازهم، ومعاناتهم مستمرة منذ النظام السابق إلى اليوم!

-4-
مستثمرٌ سعوديٌّ حصل على 10000 فدان بالولاية الشمالية، قام بتوصيل الكهرباء من مسافة أحد عشر كيلو متراً، وشقَّ الصحراء بمسافة عشرة كيلومترات حتى أوصل المياه للمشروع والمواطنين ورصف الطريق 22 كيلومتراً، ودفع أكثر من 15 مليون دولار.
ماذا حدث معه؟!!
تم إلقاء القبض عليه في أغرب بلاغِ سرقة (درداقة)!!

-5-
إليكم نص رسالته لي التي تأكدت من صحة ما جاء فيها من مصدر موثوق:

الأخ الأستاذ ضياء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا رجل أعمالٍ سعودي، مُستثمرٌ من أهل مكة المكرمة، حصلت على أرض استثمار بمساحة 10000 فدان في الولاية الشمالية، في جزء يقع في محلية دنقلا، والجزء الآخر يقع في محلية القولد، والمشروع مملوك لشركة مسنع للإنتاج الزراعي والحيواني بموجب شهادات بحث مجددة وشهادة البحث، باسم عمل مشروع مسنع ومشروع تستغفرون ومشروع النماص، والشركة تعود ملكيتها لي، حيث قمتُ بإيصال الكهرباء من مسافة 11 كيلومتراً وأدخلتها للمشروع وللمواطنين، وقمتُ بشقِّ الصحراء بمسافة 10 كيلومترات حتى أوصلت الماء إلى داخل المشروع وقمت بزراعة القمح منذ عام 2016 وبعض الأعلاف، وما زال المشروع في طور الاكتمال حيث زرعتُ ما يزيد عن 2500 فدان، وأيضاً جاهز لزراعة القمح بواقع 1500 فدان.
قضيتي تكمن في أنني بين الحين والآخر أتعرَّض للقبض من قبل الشرطة، أكثر من مرة، حيث إن الشرطة قامت باقتيادي عنوة من موقع المشروع، أنا ومدير المشروع، ومن ثم إدخالنا السجن، وتعرَّضت لتعامل مهين.
وبعد محاولات مع رئيس الشرطة والذي يحمل رتبة نقيب، للسؤال عن الاتهام الموجه لي والذي أوصلني إلى هذا السجن، أفاد المحقق والذي يحمل رتبة عسكري عادي، أن هناك اتهاماً موجهاً لي من قِبَلِ شخص من المنطقة مفاده سرقة درداقة وميز عمال!!
هكذا ما قاله المحقق!!
مما اضطرني بالاستعانة بسفارة بلادي ممثلة في السفير السعودي، الذي باشر القضية مع الجهات المختصه وصدر أمر بإطلاق سراحي.
ظللت أتعرَّض لفتح بلاغات من أشخاص يعتدون على المشروع المُسوَّر بالترس والبوابات المغلقة.
في ذلك انتقاص لكرامتي، حيث إن الشرطة عاملتني معاملة متهم يمثل خطراً!
ومن خلال معاملة الشرطة بإدخالي غرفة السجن غير المؤهلة أصلاً للإنسان السوي، بل لا ترقى بمستوى إنسان كرمه الله، ولم يراعوا مكانتي الاجتماعية، حيث إني رجل أعمال يمتلك مشروعاً تزيد تكلفته عن 15 مليون دولار بكوادر سودانية 100٪ وقمت أيضاً بتعبيد طريق يربط السليم بالمشروع بمسافة 22 كيلومتراً يخدم كل المواطنين الذين يسكنون شرق النيل.
وأصبح المواطن السوداني هناك ينعم بنعمة الكهرباء والطريق والزراعة التي ساهمت في إيقاف الزحف الصحراوي.
هذه ليست المرة الأولى بل المرة الثالثة.
أُطالب عبركم الجهات المعنية ممثلة في القضاء ووزارة الداخلية ووزارة الاستثمار والأمن الاقتصادي، بردِّ اعتباري أنا ومدير المشروع، وإيقاف هذه الاعتداءات المتكررة لكي نستطيع إكمال المشروع.
عبد الله محمد مسنع

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.