المناهج.. جدل المراجعة والإلغاء

الخرطوم: تسنيم عبد السيد

جدل كثيف أثاره تعيين د.عمر القراي مديرًا جديدًا للمركز القومي للمناهج، وصل إلى حد أن أصدرت نقابة المعلمين بياناً احتجت فيه على قرار تعيين الرجل الذي يتبع للحزب الجمهوري. وطالبت النقابة وزير التربية والتعليم بإقالته فوراً، بينما رأت لجنة المعلمين أن الكفاءة هي معيار الاختيار وأن المناهج أزمتها كبيرة وبحاجة لمراجعة شاملة، حيثُ وصفتها رئيس اللجنة بالإنابة قمرية عمر بأنها “ما نافعة” ويجب أن تُرمى في “الزبالة”، ويتم وضع مناهج أخرى مُعبرة عن السودان، ومواكبة لتطور العالم.

النقابة تعترض
قرار تعيين القراي مديراً للمناهج، أثار ردود فعل واسعة بين المعلمين حيث اعتبرهُ البعض غير مناسب للمنصب لكونه يؤمن بأفكار الحزب الجمهوري، مُعتبرين أن ذلك المنصب يتطلب الحياد والاعتدال في الفكر، بينما انبرى آخرون للدفاع عن الرجل الحائز على شهادات عليا في المناهج تخول له الإسهام في رفعة التعليم بالبلاد.
وأكثر من هاجم قرار تعيين القراي واعتبره غير مناسب كانت نقابة المعلمين، التي أصدرت بياناً تطالب فيه وزارة التربية والتعليم بإقالة الرجل والتراجع عن قرار تعيينه لكون يتبع للحزب الجمهوري.
فيما رأت لجنة المعلمين أن تعيين د.عمر القراي في منصب مدير المناهج أمر جيد، وقالت رئيس اللجنة بالإنابة قمرية عمر لـ(السوداني) إنها لا ترى تبريراً لاحتجاج نقابة المعلمين على تعيين الرجل فقط لأنه جمهوري، على الرغم من أن النظام البائد بحسب قمرية كان يضع المناهج بالأيدولوجية الإسلامية ولم تعترض النقابة، وتضيف: لكن ما يعنينا كلجنة معلمين “الكفاءة”، أما الإنتماء الفكري أو الحزبي لا يعنينا فإذا كان إسلاميا لن يكتب فيزياء أو كيمياء إسلامية والعكس صحيح، وتزيد: كل ما نصبو إليه وجود منهج للعلوم متطور يواكب العالم المتقدم، منهج يعبر عننا عن ثقافاتنا عن تعددنا وليست مناهج تعبر عن اتجاه واحد، ما يعنينا أن يكون متخصصا وذا خبرة في المجال.

سبب الإقالة
خبير المناهج التربوية د.عبد الرحمن الغالي قال في حديثه لـ(السوداني) إن حقيقة إقالة مدير المناهج تعود إلى أن المختصين في المركز القومي للمناهج والبحث التربوي قد نصحوا المدير السابق للمناهج د.معاوية قشي بأن الوحدة الأولى من كتاب التاريخ والتربية الوطنية للصف الخامس، والتي تسببت في أحداث عنف بين قبائل الشرق، أخبروه بأنها سوف تجلب له مشكلة لأن فيها تصنيفا للمجتمع إلى طبقات ومجموعات وهذا ربما لا يقبله البعض، وهي من الأشياء التي قسمت البلاد، وكان ذلك عند مناقشة الكتاب في حلقة الإجازة؟ ويضيف الغالي “لكن قشي أصر على ذلك”، وأضاف: “كان قشي هو المؤلف للمنهج بنفسه حسب تخصصه في التاريخ وهو المدير، فمضى في رأيه مما تسبب في إقالته لاحقاً”.

المدير ينفي
من جانبه نفى المدير السابق د.معاوية قشي ذلك الحديث جملة وتفصيلاً، وقال إن المناهج لا يضعها فرد واحد وإنما لجان متخصصة وتتم إجازتها بواسطة خبراء مؤسسات المجلس العلمي واللجنة التربوية وليست هناك أية فرصة لرأي شخصي، مؤكداً أن محاضر هذه الإجراءات موجودة، وفيما يتعلق بأسباب الاستقالة رفض ذكرها في حديثه لـ(السوداني) وقال إنه يُفضل أن يحتفظ بها لنفسه، مؤكداً أنها لا تتعلق بأيّ موقف إنما جاءت لأسباب شخصية إن ذكرها لا يهُم الآخرين.
وفيما يتعلق بكتاب التاريخ والتربية الوطنية، يقول قشي لـ(السوداني) إن الوحدة الأولى في هذا المقرر بعنوان “وطننا السودان”، تتناول جزئية من تاريخ السودان الوسيط، تتمثل في الفتح الإسلامي ودخول العرب للسودان، والطرق التي دخلوا بها والمستوطنات إضافة لسلطنة الفور وسلطنة الفونج، والمعلومات التاريخية التي وردت في هذا المقرر ثابتة وتدرس في مناهج التاريخ منذ الخمسينيات، هذه الطبعة جديدة لكن المحتوى التاريخي لم يتغير، لاعتبار أن حقائق التاريخ ثابتة.

مناهج الإسلاميين
لجنة المعلمين اتهمت الحكومة السابقة بأنها كانت تؤثر على وضع المناهج بتمرير أجندتها الأيدولوجية حتى أصبحت المناهج عبارة عن” حشو ما عادي”، ما أحدث تشوهاً في المناهج بحسب قمرية عمر في حديثها لـ(السوداني) فإن الحكومة البائدة كانت تُركز على الأيدلوجية الخاصة بها بصورة “بشعة”، وتضيف: إن ذلك كان مرفوضاً بالنسبة لنا وحتى مدير المناهج الجديد د.عمر القراي إذا حاول فرض أيدولوجية محددة فلن نصمت إزاء ذلك، لأن هناك لجانا وخبراء وحتى نحن كشعب سوداني سنراقب أمر المناهج ونقول رأينا لأن التعبير أصبح متاحا على أفعال الحكومة والاعتراض وليس كالسابق حيثُ كانت الأفواه مكممة.

مراجعة المناهج
المناهج في السودان بحسب قمرية لا تحتاج لمراجعة فحسب، وإنما يفترض أن “ترمى في الزبالة”، ويُتخلص منها تماماً، لأنها أثبتت عدم نفعها وحتى المادة العلمية الموجودة فيها على قلتها غير دقيقة وفيها كثير من الخطأ، لذلك ليست فقط بحاجة لمراجعة وإنما يجب أن تعمل مناهج من الصفر، وأضافت: نضع مناهج متطورة تشبهنا بدلاً عن أن ندرس تاريخ العلوم ندرس العلوم فمنهجنا للأسف متخلف جدًا.
في وقت رفض فيه مدير المركز القومي للمناهج الجديد، د. عمر القراي، اتهامه بأنه يمكن أن يعبث بالمناهج لصالح نشر أفكار حزبه الجمهوري.
ووصف القراي أن من يرميه بتلك الاتهامات “مخطئ ومتعجل”، لافتاً إلى أنه لن يستأثر بالمنصب لنفسه أو يستخدمه لتمرير أجندة حزبية.
وكشف عن اجتماعٍ وشيك بالمعلمين والمختصين للتشاور حول ما يمكن عمله لتطوير المناهج، ومن ثم اتخاذ القرارات المناسبة.
مدير المركز القومي للمناهج الجديد د.عمر القراي أكد في حديثه لـ(السوداني) أن هذا الأسبوع سيكون موعداً لبداية اجتماعاته بالمعلمين والمختصين العاملين بالمركز القومي للمناهج، للاطلاع على الوضع الراهن وطرح الأفكار والرؤى للمناهج مستقبلاً. وأشار القراي إلى أنه لن يفصح عن ما ينوي القيام به في أمر المناهج، إلا بعد مقابلة الأساتذة وسماع آرائهم وتصوراتهم، ومن ثم يُقدم رؤيته لما يمكن أن تكون عليه المناهج مستقبلاً.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.