والي البحر الأحمر المكلف اللواء ركن حافظ التاج مكي لـ:( السوداني ) وضعنا يدنا على كافة أصول ومقار الحزب السابق

حوار: عبد القادر باكاش

شهدت مدينة بورتسودان في يونيو ومن ثم في أغسطس الماضيين صراعاً قبلياً بين قبيلتي النوبة والبني عامر اعتبرت والأبشع من نوعها أودت بأرواح العشرات من أبناء القبيلتين وباءت جهود حكومة الولاية وقتها بالفشل مما دفع مجلس السيادة للتدخل العاجل بإقالة والي الولاية المكلف اللواء عصام عبد الفراج ومدير جهاز المخابرات العامة بالولاية وتكليف اللواء ركن حافظ التاج مكي الحاج بمنصب والي البحر الأحمر وإيفاد قوات عسكرية وشرطية إضافية من الخرطوم كعمل مساند للجهود الأهلية، وأسفرت وقتها جهود الوالي الجديد ولجنة الحكماء بالتنسيق والتعاون مع مجلس السيادة عن التوقيع على اتفاق صلح بين القبيلتين، ورغم التوقيع إلا أن المخاوف من تجدد النزاعات في أيّ وقت قائمة وحاضرة، ( السوداني ) طرحت الأسئلة التالية على والي البحر الأحمر المكلف اللواء حافظ التاج مكي حول الموقف الأمني وتحوطاتهم للمرحلة القادمة.

•   تقلدت المنصب في ظروف استثنائية إلى أيّ مدى تعتقد أنك تمكنت من إنجاز مهمتك في احتواء الفتنة القبلية وقتها؟

نعم أنا وصلت في ظروف استثنائية وكنت أتوقع الكثير ولكن بفضل الله وتوفيقه وجدت كل أهل الولاية على قلب رجل واحد من كل قطاعات المجتمع، وقمت بعقد كثير من الاجتماعات مع كل فئات المجتمع، وأغلب هذه القطاعات لم تبخل علي بالنصح والشفافية وتقديم المبادرات والمقترحات وجميعهم كانوا يستنكرون الصراع القبلي، الأمر الذيّ مكننا من البدء بالبداية الصحيحة ففي فترة بسيطة انتهى الاقتتال وبدأنا فعلياً في إنجاز الصلح (القلد) الذي ساعد في إيقاف العدائيات، وقد تم ذلك بمساعدة إخواننا في مجلس السيادة والإدارة الأهلية ووفود ولايات الخرطوم وجنوب كردفان وكسلا، وكان لهم دورهم في استتاب الأمن وأعتقد أننا تمكنا من ملامسة جذور المشكلة وما تم هو بداية سلام وتعايش سلمي مستدام به تستقر الولاية بإذن الله.
• لماذا استقدمتم قوات من خارج الولاية ؟ هل عدد القوات بالولاية غير كافٍ؟
القوة الموجودة قد تكون كافية لكن جزءاً كبيراً منها من المكون المحلي أيّ من قبائل المنطقة، لا أريد أن أقول إن القوات الموجودة ليست قومية لكن وجود منتسبين للقبائل المتنازعة كان أمر يستوجب منا استجلاب قوة لا علاقة لها بأطراف الاقتتال وبالفعل كان أثر القوات القادمة من الخارج واضحاً في فرض هيبة الدولة وبسط الأمن.
• هل القوات المستقدمة من خارج الولاية لا تزال موجودة أم عادت إلى مواقعها؟
أغلب القوات موجودة في بورتسودان ونحن متمسكون بها حتى يستقر الأمن تماماً ويتم الصلح النهائي وبعدها سنقوم بالاكتفاء بالقوات المحلية.
• لم يكن هناك تدخل من الشرطة في الأحداث لماذا تم تحجيم دور الشرطة ؟
لم يكن هناك تحجيم لكن القوات كانت في حالة احتراز أكثر، ولم تكن بصورة سريعة والقوات الموجودة كانت كافية جدًا والعمل الذي تم من حفظ الأمن كان بجهود مشتركة فكما هو معروف أن التعامل مع الأمن الداخلي فيه كثير من المسؤوليات فكان من الممنوع استعمال السلاح على المدنيين وإلا تتم المحاكمة والمساءلة القانونية مما حجم القوات المحلية عن التصرف ومع وصول القوات الخاصة تمت المداهمات والضبطيات بالمشاركة مع القوات المحلية.
ما مدى صحة مشاركة نظاميين من الولاية في الاقتتال القبلي ؟
صحيح، من خلال الحملة في اليوم الثاني ضبطنا (15) من النظاميين من منتسبي الشرطة والقوات المسلحة، وتم تقديمهم مباشرة لمحاكمات وجزاءات رادعة جدًا على رأسها الفصل من الخدمة, وكانت نسبة مشاركتهم متفاوتة بعضهم تغيبوا عن العمل لحماية أسرهم ومنازلهم وبعضهم تغيبوا وشاركوا في الاقتتال، وجميعهم تمت محاسبتهم كل بمقدار جريمته ليكونوا عظة وعبرة لغيرهم.
• كان هناك حديث عن استخدام النظاميين للسلاح ؟
لا، غير صحيح جميع من تم القبض عليهم من النظاميين كانوا عُزل، ليس معهم أسلحة وفي العادة عملية التسليح في أيّ وحدة عسكرية تتم بضوابط مشددة وغير مسموح على الإطلاق حمل النظاميين للسلاح إلى منازلهم أو لأماكن السكن لذلك لا مجال لتسرب سلاح ولا حمل الأفراد للسلاح لمواقع الاقتتال.
كان من بين القتلى من أصيب بالسلاح الناري فمن أين جاء السلاح؟
نعم، التقارير الطبية تحدثت عن مقتل وإصابة كثيرين بطلق ناري وتسرب السلاح لأيدي الأفراد المتنازعين كان أمراً متوقعاً شأنهُ كشأن كل المدن الطرفية، وتسرب السلاح من جهات مختلفة فهناك أسواق للسلاح في بعض المدن السودانية فما كان مستغرباً أن يكون هناك سلاح في أيدي المدنيين في مدينة بورتسودان لذلك كنا حريصين جدًا بعد توقيع القلد على تنظيم حملات لجمع السلاح والإعلان عن تسليم طوعي للسلاح المرخص وغير المرخص.
• إلى أيّ مدى تمكنتم من ضبط سلاح في المداهمات التي طالت عددًا من الأحياء؟
تمت مداهمات لأحياء بناءً على معلومات عن وجود سلاح، لكن المعلومة كانت تتسرب وبمجرد بدء الحملة الأولى كان التفتيش متوقعاً، لذلك كثير من المواطنين في المناطق المعنية تصرفوا وخبأوا أسلحتهم، ولكن قبل حملة التفتيش الأولى تم ضبط سبع قطع سلاح وأثناء حملات التفتيش تم العثور على قطعتين ملقيتين في الشارع.
• هل هناك تورط لأيدٍ أجنبية في الصراع القبلي؟
حسب قراءتي ومتابعاتي ليست هناك أيّ أدلة أو معلومات تشير لأيدٍ أجنبية صحيح هناك تصريحات تمت من مسؤولين لكن شخصيًا لم أتلمس على أرض الواقع أيّ اتهامات أو تورط لأيدٍ أجنبية.
• هل هناك موقوفون متهمون لدى الشرطة في الأحداث؟
لا يوجد متهمون، جميع من تم القبض عليهم في الأحداث الأخيرة عددهم (86) شخصاً تم احتجازهم لفترة في سجون خارج الولاية ومن ثم تم الإفراج عنهم، أما النظاميون عددهم (15) وتم التعامل معهم بحسم.
• كم عدد ضحايا الأحداث حتى الآن؟
أنا لم أكن حاضرًا في الأحداث الأولى التي كانت عقب عيد الفطر لكن ضحايا الأحداث الأخيرة عقب عيد الأضحى (34) قتيلاً .
• ما حجم الأضرار في الممتلكات ؟
تم تشكيل لجنة لحصر الأضرار برئاسة رئيس الإدارة القانونية وجاري عملها في الحصر، حتى الآن عدد البلاغات عن المنازل المحترقة والمحال المنهوبة وغيرها بلغ أكثر من (1000) بلاغ وتعمل لجنة الحصر على الوقوف ميدانيًا لكل بلاغ على حدة.
• مجلس السيادة كان قد شكّل لجنة تقصي حقائق قومية أين وصلت وما هي النتائج؟
لجنة تقصي الحقائق جاءت من الخرطوم مكونة من مختلف الجهات النظامية والقانونية استمعوا للطرفين المتنازعين من مختلف فئاتهم العمرية وللإدارات الأهلية واستمعوا للجنة الحكماء واجتمعوا معي وتم اطلاعي على ملامح عامة عن تقريرهم ثم سافروا للخرطوم ومن المفترض أن يقوموا برفع تقريرهم للجهة الآمرة ومن ثم يأتوا إلى بورتسودان لعقد مؤتمر صحفي بالنتائج التي توصلوا إليها.
• هل تعتقد أن المعالجات الحكومية الحالية كافية لإحلال السلام وتحقيق التعايش في الأحياء التي شهدت الاقتتال؟
صراحةً لديّ إحساس أن المعالجات الحالية غير كافية خاصة في ظل وجود مرارات وترسبات لذلك لم نستعجل عقد مؤتمر الصلح ونكرس جهدنا حالياً في مراجعة بنود القلد من وقت لآخر.
• ماهي جهودكم في جبر الأضرار وتعويض المتضررين مادياً؟
مجلس السيادة أوفى بما وعد به في التعويض عن الأضرار في الأحداث الأولى وهي أحداث رمضان وتم دفع مبلغ بقيمة (75) مليون و629 ألف جنيه عن الأضرار أما الدّيات في الأحداث الأولى تبلغ حوالي 13 مليوناً، وقد وعد الإخوة في مجلس السيادة الوفاء بها وسيتم توزيعها لورثة قتلى الأحداث الأولى.
• وماذا عن التعويض في الأحداث الأخيرة؟
الأحداث الأخيرة جاري حصر الأضرار لكن بالنسبة للتعويضات كان حديث سعادة الفريق اول محمد حمدان دقلو ((حميدتي )) واضح في حفل توقيع القلد ببورتسودان أن الحكومة لن تقدم تعويضات في الأحداث الأخيرة.
• هل هناك ورش للإرشاد النفسي والتعايش السلمي لامتصاص حالة الاحتقان الموجودة بين الطرفين؟
نعم هنالك اتفاقية القلد التي قامت بدور كبير والمرشدون النفسيون والقيادات الاهلية ومجموعات الادب والمسرح أسهموا إسهامًا كبيرًا في تهدئة النفوس وأيضاً وزارة التربية والتعليم بتبني المبادرات المطروحة الداخلية ومن الولايات والمركز لرفع راية التعايش السلمي وقمنا بالتركيز على مناطق النزاع القبلي بتقديم رسالة التعايش السلمي ونشر السلام في الولاية بصورة عامة.
• أصدرتم مؤخرًا قرارًا ولائيًا بتوقيف مسؤولين نافذين متهمين في قضايا المال العام ؟ لماذا تأخر قرار الإيقاف وكم عددهم ؟
القرار لم يتأخر نحن نحترم القانون والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، اتخذنا قرار إيقاف المسؤولين المتهمين اتهاماً ابتدائياً وفقاً لقانون الخدمة العامة وسيعودون إلى مواقع عملهم متى ما أُزيلت عنهم التهم الموجهة إليهم وعددهم (14) مسؤولاً.
• كيف تعاملتم مع أصول ومقار حزب المؤتمر الوطني ؟
وضعنا يدنا على كافة أصول ومقار الحزب السابق وفقاً للتوجيهات المركزية وسنوزع العربات لمحليات الولاية.
• سابقًا تم تبديد مبلغ مائة واثنين مليار لتمويل مشروعات المياه بالولاية مما جعل الجهاز التشريعي حينها يطالب بإقالة الوالي, هل تم عرض هذا الملف على نيابة مكافحة الفساد ؟
سمعت عن مشروع زيرو عطش وقد خُصصت للمشروع ميزانية كبيرة بالفعل ولكن التنفيذ لم يكن بالمستوى المطلوب وسمعتُ عن تقارير المراجع القومي حولها وهي قيد التحري من قبل النيابة وهناك بلاغات عن ذلك من قبل شهود.
في الفترات السابقة دار جدل كثيف حول جدوى تعيين الولاة من أبناء الولاية أو من خارجها ما هي رؤيتك بهذا الخصوص من خلال تجربتك في الولاية ؟
ولاية البحر الأحمر من الأفضل أن يقوم عليها ابن من أبنائها وأقول ذلك نظًرا للنجاحات التي قدمها أبناء الولاية كل من إيلا واللواء ركن مصطفى محمد نور باعتبار إلمامهم بكل مشاكل وأزمات وقضايا الولاية وكذلك معرفتهم بعادات وتقاليد وأعراف مجتمعات الولاية ومعرفتهم كذلك بموارد الولاية والمواقع التي تحتاج لتنمية واهتمام لذا أقول يجب أن يكون الوالي من أبناء الولاية.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.