مدير المؤسسات العلاجية بوزارة الصحة محمد فوراوي بعد إقالته لـ(السوداني): لم يتم إخطاري بسبب الإعفاء ليس لدي اعتراض على التغيير

حوار: تسنيم عبد السيد – تصوير : نزار عباس

تم إغلاق أكثر من 30 مستشفى خاصاً غير مطابق للمواصفات
أثار قرار إقالة مدير المؤسسات العلاجية بوزارة الصحة محمد عباس فوراوي ضجةً داخل أروقة الإدارة ودخل العاملون في إضراب عن العمل إلى حين التراجع عن القرار، مشيرين إلى وجود مؤامرة لإقالته، بعد أن تلقى مدير عام الصحة خطاباً من مكتب محاماة لمراجعة قرار إدارة المؤسسات القاضي بإغلاق مستشفى “كوين”، وعندما استفسرت الوزارة فوراوي عن الأمر فكان الرد أنها مخالفة للقانون وأنها تعمل رغم قرار الإيقاف، وفي اليوم التالي لذلك تمت إقالته من منصبه “الـسوداني” جلست لمدير المؤسسات العلاجية د. محمد عباس فوراوي لمعرفة ما حدث وحقيقة ما دار؟

منذ متى وأنت مدير للمؤسسات العلاجية؟
في أكتوبر من العام 2015م، وعملت أولاً في قسم المستشفيات الخاصة، طبيب إشراف في قسم المراكز الخاصة، رئيس قسم المراكز بالمستشفيات الخاصة، ومن ثم نائب لمدير المؤسسات العلاجية وأخيراً مديراً لها.
استلمت العمل إبان فترة الوزير مأمون حميدة؟
نعم.
كيف تُقيم تلك الفترة، خاصة أن البعض يقول إنه اسوأ من أدار قطاع الصحة؟
بحسب عملي فيما يلي القطاع الخاص كل العمل الذي قمنا به كان بدعم وسند من الوزير السابق، الإدارة لم تكن لها لوائح ولا قانون، فكان لرئاسة الوزارة دور إيجابي في تشريع قانون الإدارة وعمل اللائحة التنفيذية التي تنظم عمل المؤسسات العلاجية الخاصة بالولاية، فأصبح القانون واللائحة هما ركيزة العمل بالإدارة، ومن هنا تطور عمل الإدارة وبدأت في إنجاز مهامها.
ما أهم إنجاز في عهدكم؟
ليست إنجازات بقدر ما أنها واجب عمل، فقد تم إعادة ترخيص أكثر من 850 عيادة خاصة كانت تعمل بدون ترخيص، وتم اكتشاف ظاهرة الأطباء المزيفين حتى وصلنا لـ 307 بلاغات في انتحال أشخاص لصفة كوادر طبية، وكذلك تم تطبيق المواصفات على ترخيص المستشفيات الخاصة فبعضها كان يُصدق لها في ” شقق” وبعضها منازل ولا تناسب معايير المستشفى، حتى أصبحت نحو 80 مستشفى خاصاً بولاية الخرطوم.
كم عدد المستشفيات الخاصة التي تم إغلاقها؟
أكثر من 30 مستشفىً خاصاً غير مطابق للمواصفات.
إغلاق تام؟
لا، ليس إغلاقاً تاماً وإنما إغلاق مؤقت لحين توفيق الأوضاع، العمل في الإدارة كان توعوي أكثر منه عقاب ومحاسبة، فكانت ثورة إصلاح بالقطاع الصحي الخاص، وحالياً أصحاب المؤسسات الصحية والعاملون بها أكثر وعياً، في السابق 99% من المؤسسات الصحية التي نزورها نجدها مخالفة للمواصفات ” مواد منتهية الصلاحية، كوادر أجنبية غير مسجلة، هذه المخالفات انخفضت كثيراً إلى أقل من 5%”.
دخلتم في معارك كثيرة مع المؤسسات الصحية؟
نعم، صراعات كبيرة وقضايا وصلت حد الاعتقال والسجن، وأيضاً صراع الإدارة مع أصحاب عيادات الأعشاب والطب البديل كان كبيراً جداً، ورئاسة الوزارة كانت حريصة على عدم تدخل نافذين في عمل الإدارة، وكل المؤسسات كان يطالها التفتيش والعقاب بما في ذلك مؤسسات الوزير السابق.
هناك شبهة في قرار إقالة فوراوي، ما سبب الإعفاء برأيك؟
لم يتم إخطاري بسبب الإعفاء، لكن أعتقد أنه في إطار التغيير الروتيني، فوجودي في الإدارة استمر لنحو خمس سنوات أعتبرها كافية، لأنه حتى المكوث في موقع لفترة أكثر من خمس سنوات لا يكون فيه إنتاج فلا بد من التغيير حتى لا تُكرر عملك.
هل وصلت لهذه المرحلة؟
ليس لدي اعتراض على التغيير في ذاته طالما أنه لم يكن لأسباب تتعلق بالتقصير في العمل أو أخطاء أو كذا، هذا القرار يعني شيئاً لمن أصدره أما بالنسبة لي فهو تغيير من أجل التغيير فقط.
حتى إذا كان صاحب الموقع كفاءة؟
مؤكد بحسب خطة من اتخذ القرار ورؤيته للعمل عندما يُقيل كفاءة سيأتي بأكفأ منها.
هل لديك واجهات سياسية أو انتماءات حزبية؟
هذه الجزئية النكران أو الإقرار فيها لا يعني شيئاً للعامة، لكن أنا من أسرة مستقلة تماماً تربينا على حب الوطن، وخدمة البلد في شتى المواقع بلا انتماءات حزبية أو سياسية، الوالد ضابط أُحيل للصالح العام سنة 1994م وهو في مهمة بالجنوب، فليست لدينا عواطف لأيّ حزب سياسي .
وضعت شروط لقبول المنصب؟
نعم فقد كان شرطي على الوزير مأمون حميدة أنه إذا وجدت محاباة في العمل، وشخص على حساب شخص أو تدخل نافذين في العمل، سوف أترك موقعي فوراً فكان رده أنهُ إذا وجدت مخالفات في المؤسسات المملوكة له ولم أطبق عليها القانون فسيحاسبني أولاً على التقصير.
تقصد أنه لم يحدث أن تعرضتم لضغط من نافذين لحماية مصالحهم؟
لا يوجد شخص مرر أجندته في عملنا، ولا شخص أملى علينا شيئاً، وإن حدث لاستقلت فوراً.
لكنك تقدمت باستقالتك أكثر من مرة، ما الأسباب؟
صحيح، ثلاث مرات، مرتان للوزير مأمون حميدة، ومرة واحدة شفاهة للمدير العام السابق بابكر محمد علي.
الأسباب؟
إضافة للأسباب الخاصة، كانت لدي مشكلات مستمرة مع رئاسة الوزارة السابقة فيما يتعلق بإدارة العمل والموارد وحوافز العاملين ومعينات العمل الميداني.
العاملون بالإدارة نفذوا وقفة احتجاجية ودفعوا بمذكرة لإعادتك للعمل وإلغاء قرار الإعفاء؟
علمت بالأمر وأخبرتهم أن التغيير سنة الحياة، والإدارة هي نظام متكامل وليست أشخاص، فليس في الأمر ما يشين حتى يتم الاعتراض على التغيير، والعواطف لا يجب أن تدخل في العمل وسنبقى اجتماعياً متواصلين.
ألا تشعر بظلم أو تجني؟
بالظاهر لا يوجد ظلم، الخطاب واضح ” تغيير”، فلا بد من القبول بالأمر الواقع.
ماذا بعد الإقالة؟
أنا توجهي أصلاً أكاديمي بحت، وجئت للإدارة ” قدر” وواصلت فيها حباً لطبيعة عملها المرتبطة بحياة الناس، وسأعود لتكملة مسيرتي الأكاديمية.
راضٍ عن ما قدمته؟
أعتقد أني اجتهدت وأخلصت في عملي، ومنذ تعييني لم أعد للمنزل قبل الثانية عشرة ليلاً، وفي الغالب لا أعود للمنزل وأبقى لأيام بالمكتب لمتابعة العمل، ولا أنتظر تقديراً من أحد.
اسوأ ما تعرضت له بهذه الفترة؟
كثير جداً، تهديد وعدم تقبل للقرارات، تهديد بالقتل وتلفيق التُهم ..مخدرات وغيرها، ورشاوي وصلت لمبالغ طائلة، ورفضها ليس نزاهة فحسب وإنما توجيه رسالة لتلك المؤسسات بأن الإدارة مؤسسة حكومية لا تقبل معاملات مالية خارج الإطار القانوني.
قيادي بالإدارة صرح لـ( السوداني) بأن هذه الإقالة مُسببة، بعد أن قررتم إغلاق مستشفى خاص تدخل قيادي بالحرية والتغيير لإلغاء قراركم؟
إذا تم إغلاق مستشفى يتم بناءً على قانون ولائحة، وإذا تدخل شخص نافذ أو غيره أو كذا فهوغير مقبول تماماً، وإذا المستشفى المذكور اتظلم يجب أن يُقدم للمدير العام تظلُم بما وقع عليه أو يطعن بقرار الإيقاف لدى المحكمة الإدارية، خاصة في ظل دولة القانون والشفافية فهذا أمرغير مقبول.
كيف يحدث ذلك؟
لا أريد الخوض في هذه التفاصيل، لكن إذا قامت الوزارة بإبلاغي بالأمر فكانت ستجد عندي الرد، فلا يوجد ما أخاف عليه أو اخشاه، فكل إجراءات الإدارة سليمة وتتم عبر المستشار القانوني، لكن تمرير الأجندة لا نقبله ” ليس إذا كلفني إقالة وإنما إذا كلفني حياتي لن أقبله”.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.