تجدهم في كل مكان حولك (الشنافة).. حكاية مرض مجتمعي قديم متجدد!!

تقرير: محاسن أحمد عبد الله

ظلّ الطالب الجامعي (ع) يعاني فترة طويلة من سخرية وتهكم بعض زملائه في الجامعة عليه، وهُم يَضحكون من شكله والملابس التي يرتديها بصوتٍ عالٍ بمُجرّد أن تقع أعينهم عليه، رغم ذلك كان (ع) مُتفوِّقاً ومُتميِّزاً أكاديمياً عليهم، الأمر الذي جعله يتغاضى عن سُخريتهم ويكون أكثر اهتماماً بدراسته لتحقيق طُموحه بالنجاح، في الوقت الذي ظلوا فيه هم مُواصلين تندُّرهم وتهكمهم على الآخرين ليتذيّلوا قائمة الفاشلين في الجامعة، بينما حقق هو أعلى الدرجات العلمية وتخرج في الجامعة بمرتبة الشرف!!!

(1)
بالمُقابل، هناك كثيرٌ من الأشخاص عُرفوا وتميّزوا في المجتمع بفن التهكُّم والسخرية من الآخرين وكأن هذا الأمر يسعدهم أو يكمل لهم نقصاً يُعانون منه، وما تقوم به تلك الفئة من تصرُّفات أقل ما تُوصف بغير المسؤولة لأنّهم يعمدون لإيذاء غيرهم دُون وجه حقٍ، فقط من أجل التندُّر واستفزاز الطرف الآخر عُنوةً، خَاصّةً إذا كان مُتفوِّقاً عليهم.
(2)
حَول المَوضوع تحدّث لـ(كوكتيل) عددٌ من الأشخاص يَعملون في مجالاتٍ مُختلفةٍ، سَرَدُوا مُعاناتهم مع تلك الفئة، مُوضِّحين من خلالها ردة فعلهم التي حسموا بها أمرهم، حيث ابتدر الحديث الموظف جار النبي (م) قائلاً: (لا أعاني من عيبٍ خلقي أو عدم تهذيب في شكلي، لكن هناك شلة داخل المصنع الذي أعمل فيه على الدوام يتهكّمون عليّ بمُجرّد أن أكون بالقُرب منهم، وهم يتعاملون بأسلوب الهمز واللمز)!! مُوضِّحاً: (لقد احترت في أمرهم كَثيراً حتى قرّرت ذات يوم ترك العمل في ذلك المكان لولا تَدخُّل بعض العُقلاء الذين وقفوا ضد قراري، فكان أن انصعت له وتجاهلتهم حتى لا أتعب نفسياً).
(3)
عدد من الطالبات أكّدن أنّ هناك مجموعة من الفتيات يدرسن معهن بذات الجامعة تَخَصّصن في السخرية والتهكُّم من الأُخريات و(تشنيف) كل ما يقمن به بسببٍ أو بدونه، مُوضِّحات بأنّهن كُنّ يدخلن معهن في نقاشٍ حادٍ كاد أن يتطوّر لمرحلة الضرب، مُشيرات إلى أنّ بعضاً من رفيقاتهن قمن باتّباع ذات النهج معهن (سُخريةً وتَهكُّماً) لكننا عملن على تجاوزهن تفادياً للضرر!!
أمّا مُحمّد عبد الكافي فقال إنه عانى من سخرية زملائه بالجامعة، لأنّه كان مُهملاً في دراسته ولا يعطيها أيِّ اهتمامٍ، لكن ما حدث معه قلّب موازينه رأساً على عقب، وذلك بعد أن قرّر تجاهلهم نهائياً وعدم الاهتمام بما يقولون ليُكرِّس كل جهده وتفكيره في الدراسة للخُرُوج من دائرة الفشل، مُعتبراً ما حَدَثَ دَرساً بليغاً له، في الوقت ذاته تَحَسّرَ عليهم باعتبار أنّهم الخاسرون!!
(4)
حول الموضوع يقول عددٌ من اختصاصيي الطب النفسي، إنّ الأشخاص أو المجموعة التي تَضحك أو تَستهزئ بغيرها بغرض الدعابة، هم في الأصل يُعانون من مرض نفسي ونقص حاد يريدون إكماله بتلك التّصرُّفات، مُضيفين أن هذا يُؤكِّد أنّ المُجتمع الاستهلاكي يَعترف بالمظهر أكثر من الجوهر، وهو قمّة الخطأ لا سيما أنّ ما يُعانيه الأشخاص من قُصُورٍ شَكلي عائدٌ إلى أنّها خلقة ربانية أو بسبب التعرُّض لأزمةٍ أو حادثٍ أو الذين يُعانون من الفقر وغيره …إلخ.. فهي كلها عوامل خارجة عن قدرة الإنسان، مُنوِّهين إلى أنّ من يستهزئ بالآخرين ويسخر من مظهرهم هم أشخاص لا يمتلكون مَصادر ثقة أُخرى، ولا يستطيعون تحديد تَفوُّقهم على الآخرين إلا بازدرائهم والضحك عليهم، مُشيرين إلى أنّ هناك أُناساً كثيرين يفتقرون للثقة بسبب قلّة الإنجازات ويبحثون عن شيءٍ لإثبات الذات، كأن يتسيّدوا الجلسات الجماعية على حساب تندُّرهم وسُخريتهم من غيرهم، وهذا قمّة ضعف الثقة بالنفس والهُبُوط الأخلاقي، مُطالبين الأُسر مُراعاة تربيتها لأبنائها واحترام الفرد كونه إنساناً.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.