حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

ولأمريكا نصيبٌ في السد

شارك الخبر

(1)
بالأمس، قلنا إنّ مصر وصفت مُفاوضات الخرطوم بين وزراء الموارد المائية الثلاثة بالفاشلة، لذلك طالبت بتدخُّل طرفٍ رابعٍ.. أما إثيوبيا فترى أنّ الأمر لا يتطلب طرفاً رابعاً، بينما ظلّ السُّودان في خانة (باركوها يا اخوانا) وحَدَثَ تصعيدٌ إعلاميٌّ بين البلدين المُتباعدين.. وبدون تَرتيبٍ مُسبقٍ، دَخَلَ بوتين على الخط وقدّم شيئاً من التهدئة، ولكن السيد ترمب (أبو التر) التقط القفاز ودعا وزراء الموارد المائية ووزراء الخارجية للاِجتماع في واشنطن وكَانَ ذلك في الأُسبوع المُنصرم!! وهكذا دَخَلَت الولايات المتحدة بجلالة قَدرها على خَط سد النّهضة بعد أن كانت تتفرّج في الأمر وكأنّه لا يَعنيها!!
وهُنا يَثُور السُّؤال، هَل تدخّلت أمريكا لأمرٍ يخدم مَصلحتها أم استجابةً لنداء مصر؟ إن كانت الإجابة تقع في الشق الأول فمَا هي المَصلحة الأمريكية في سَد النهضة؟ وهل تتعارض هذه المَصلحة مع مَصالح أيِّ طرفٍ من أطراف القضية؟!
(2)
نظرياً، تُعتبر الولايات المتحدة صديقة للطرفين الإثيوبي والمصري, ولكن علاقتها مع إثيوبيا قد تكون استراتيجية، بينما مع مصر أقرب للتكتيكية، ولكن المُفارقة أنّ لها أيادٍ بيضاء على مصر منذ كامب ديفيد وإلى يوم الناس هَذا، بينما لم تُقدِّم لإثيوبيا دَعماً يُذكر، ولكنها غَضّت الطرف عن الدعم التنموي الذي يَصلها من الآخرين وسَعت لتوجيهه بفرض بعض السِّياسات عليها كالتخلُّص من القطاع العام، والسّماح بانطلاق القطاع الخاص، ولكن إثيوبيا لم تأبه كثيراً بطلباتها، فانطلقت إثيوبيا في طريق النماء والتطور الاقتصادي وكَانت الصين داعمها الأول، ثم تركيا، ثم الاتحاد الأوروبي وأتاها دعمٌ ماديٌّ مباشرٌ من الخليج فأصبحت من أسرع الاقتصاديات نُمُوّاً في كل أفريقيا، وكان سد النهضة واحداً من أيقوناتها التنموية.. ثم ظهر آبي أحمد ليضيف بُعداً سياسيّاً لتلك الطفرة الاقتصادية، ولكن هذا لا يعني خلو إثيوبيا من المُحدّدات والمُعيقات الاجتماعية والسياسية الداخلية شأنها شأن أيِّ دولة أفريقية أخرى!!
(4)
أغلب الظن أنّ الولايات المتحدة كانت تبحث عن فُرصة للدخول في الشأن الإثيوبي، فوضعية الولايات المتحدة كأعظم قوة في عالم اليوم لا تسمح بأيِّ تطوُّر أو قفزة بعيدة عنها، فاهتبل أبو ايفانكا فُرصة السد، فلم يتدخّل برفقٍ كإرسال مبعوثٍ منه للوقوف على الأمر، بل بدأ من فوق خالص وطلب الوزراء الستة بالقدوم إليه في البيت الأبيض فاستقبلهم هناك، ولكن الغريب في الأمر أنه كلّف وزير الخزانة ورئيس البنك الدولي للاجتماع بهم، ثم صدر بيانٌ من الاجتماع باستمرار التفاوُض وتحديد مُنتصف يناير القادم للوصول إلى اتفاق نهائي، إلا فالرجوع لاتفاق المبادئ المُوقّع في الخرطوم العام 2015.
مصر عبّرت عن ارتياحها لما تمّ الوصول إليه.. أمّا إثيوبيا فقلّلت كثيراً من الأمر، وقالت إنّ ما تمّ ليس تفاوُضاً، بل اجتماعٌ، وليس فيه أيِّ أمر ملزم.. أمّا السودان فلا ينسب لساكت قول، بينما العالمون بالأمر قالوا إنّ وجود وزير الخزانة ورئيس البنك الدولي يعني أنّ الولايات المتحدة تُريد أن يكون لها سهمٌ في سد النهضة!!
أمّا آخر الأخبار فيقول إنّ السيد ترمب قرّر أن يشرف حفل تدشين السد بنفسه، وهنا يَثُور السُّؤال هل حكم على السُّودان أن يُعاين بعُيُونه فقط على هذا السَّد؟ وهل هذا يُمكن حُدُوثه؟ أقول ليكم حاجة؟ اسألوا العنبة!!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.