ببساطة د/ عادل عبد العزيز الفكي

قرار وزير الصناعة والتجارة بشأن منع غير السودانيين
من العمل في التصدير والاستيراد

شارك الخبر

أصدر السيد وزير الصناعة والتجارة القرار الوزاري رقم 10/2019والذي يمنع غير السودانيين (بالميلاد) من ممارسة التصدير والاستيراد إلا بموجب قوانين الاستثمار أو الاتفاقيات الحكومية. كما يحظر لغير هؤلاء التواجد بالأسواق المحلية وممارسة عمليات البيع والشراء مباشرة أو عن طريق وسطاء.
التعليق:-
إن أهداف قرار السيد وزير الصناعة والتجارة هي ضمان استعادة حصائل الصادر للسودان، والحفاظ على تنافسية الصادرات السودانية، وتفادي فقدان الأسواق التقليدية بسبب ارتفاع تكلفة المنتَج السوداني نتيجة للمضاربات.
هذه أهداف نبيلة حقاً، ولكن محاولة تحقيقها عن طريق هذا القرار الوزاري جانبها الصواب بتقديري، ذلك لأن القرار ركز على شخص المصدر، ولم يركز على السياسات والإجراءات، وهي الأولى بالتركيز والتنظيم.
وحتى بالنسبة لشخص المصدِّر أو المستورِّد أو التاجر فرّق القرار، من غير سند دستوري، ما بين السوداني بالميلاد، والسوداني بالتجنس، والسوداني بالزواج. فكل هؤلاء سودانيون يتمتعون بكل الحقوق وعليهم نفس الواجبات.
في عصر عولمة الموارد، وحرية حركة الأموال والأشخاص، والتجارة الدولية، من غير المفيد أو المجدي حرمان شخص طبيعي أو معنوي من المتاجرة مع الغير، ولكن من حق الدولة الوطنية وضع وتحديد سياسات تخدم مصالحها المشروعة. ومن ذلك حقها في إلزام المصدرين بالتعامل عبر نظامها المصرفي والضرائبي لتحقيق أمنها الاقتصادي، بما في ذلك ضمان تكوين احتياطي من العملات الأجنبية القابلة للتحويل،  مقابل صادراتها من المواد الخام أو المصنّعة.
وعلى هذا كان يمكن للقرار الوزاري أن يلزم المصدِّر بضمانات بنكية كافية تضمن استعادة حصائل الصادرات، وأن يتم من خلال القرار إصدار موجهات ملزمة لكل الجهات المعنية بأن تتم المتاجرة والتعامل في السلع الرئيسية، وبالذات سلع الصادر، عبر بورصات  السلع والمحاصيل، التي تديرها أنظمة إلكترونية دقيقة وشفافة، مرتبطة بأنظمة الضرائب، وأنظمة المواصفات، وأنظمة الجمارك، والموانئ البحرية والبرية والجوية، وأنظمة وزارة الصناعة والتجارة، بما في ذلك نقطة السودان التجارية، والنظام المصرفي بما في ذلك منظومة KYC من خلال الترميز الائتماني، ومنظومة الامتثال الضريبي الأمريكية، تساعد هذه المنظومات المتكاملة والمترابطة   الدولة في تحصيل الضرائب وفي الإحصاء والمعلومات الدقيقة. وبالطبع فإن أنظمة البورصات والأنظمة المترابطة معها لا تسمح بالدخول والمزاودة فيها إلا لشركات أو أسماء أعمال مسجلة،  لها مقارها وضماناتها البنكية، ويحدد قانون الشركات ملكيتها وحصص الأسهم فيها بما في ذلك جنسيات حاملي الأسهم.
لقد تم في وقت سابق استجلاب خبير إثيوبي بدأ في وضع نظام متكامل مثل الذي وضحته أعلاه لبورصة الأبيض. ولا أعتقد أن الكفاءات السودانية عاجزة عن تشغيل أنظمة مشابهة بكل أسواق المحاصيل بولايات السودان المختلفة. ارجو مراجعة القرار على ضوء هذا التحليل المتواضع.
والله الموفق.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.