الخرطوم.. عاصمة بلا إسفلت!!

الخرطوم: ساجدة دفع الله

كثُر الحديث مؤخراً حول (شوارع العاصمة الخرطوم) والتي كادت أن (تتعرَّى) من الإسفلت، لأسبابٍ يحصرها بعض المختصين في شيئين هما: أن أغلب هذه الشوارع انتهى زمنها الافتراضي ولم يحدث لها تأهيل بل يتم ترقيعها كل عام بسبب ضعف ميزانيات الحكومة. أما الآخر فهو أن الفساد الذي كان يُمارس في قطاع إنشاء الطرق جعل معظمها غير مطابقة للمواصفات، بدليل أن عدد الحفر في طرق ولاية الخرطوم بلغ (35) ألف حفرة حسبما قال مدير الطرق والجسور بولاية الخرطوم.

وضع مُحزن
لم يتوقع “أكرم” الذي غاب عن السودان لسنوات، أن يكون الوضع في شوارع العاصمة قد وصل إلى هذا السوء، وأضاف في حديثه لـ(السوداني)، أنه عقب كل خريف تبدأ التشققات في غزو الطبقة الإسفلتية لشوارع الخرطوم؛ خاصة في المناطق السكانية ذات الكثافة العالية؛ الأمر الذي يشير إلى أن هناك ضعفا واضحا في البنى التحتية للعاصمة؛ كون الحفر الصغيرة تتسع رقعتها يوماً بعد يوم مع تكرار هطول الأمطار في موسم الخريف وتتحول إلى مصائد تعيق حركة الناس والسيارات وتؤدي إلى وقوع الحوادث.. لذلك نطالب نحن كمواطنين بضرورة اعتماد خطة إسفلتية ذات مواصفات جيدة تكون قادرة على احتمال درجات الحرارة والأمطار والكثافة المرورية العالية، كما نطالب بتنفيذ متابعة دورية لحالة الشوارع ومدها بشبكات تصريف لمياه الأمطار حتى تبدو العاصمة بصورة أكثر حضارية. وأضاف “أكرم” أنهم كمغتربين تطالبهم الدولة سنويا بدفع رسوم خدمات وحينما نأتي لقضاء الإجازة السنوية مع الأهل والأقارب لا نجد أي خدمات خاصة على مستوى البنى التحتية التي تجعلنا نعاني معاناة كبيرة مع الأمطار وسوء التصريف وانعدام أبسط المقومات في شوارع الخرطوم التي يفترض أنها العاصمة.

(أرفعوا حاجة معقولة)!!!
ويقول أحمد مبشر في حديثه لـ(السوداني)، إن المشكلة الأساسية التي تعاني منها معظم شوارع الخرطوم هي عدم توفر مقاييس حقيقية تضم جودة التشييد، وأبان فترة حكم النظام البائد فوجئت بأحد المهندسين المسؤولين عن ترميم شارع رئيسي بقلب العاصمة يوجه العمال بعبارة (ارفعوا حاجة معقولة) ويقصد بذلك ارتفاع الشارع أي أنه لم يوجه العمال بمقاسات معينة ولم يلزمهم بالالتزام بتلك المقاسات، وأعتقد أن ذلك المهندس ما هو إلا واحد من آلاف المهندسين الذي ألقت بهم رياح المحسوبية.
الأمر الآخر الذي تجب الإشارة إليه، هو عدم وجود أي متابعة من الجهات المسؤولة للشركات المنفذة، وهو ما قد يفتح الباب واسعاً للفساد، وكم سمعنا من قصصا وحكايات عن شوارع تم تنفيذها بأقل من الميزانية الممنوحة بكثير حيث يستقل بعض ضعاف النفوس من المنفذين عدم متابعة تلك الجهات لهم ويعيثون من بعد ذلك.

إطارات الثورة..
من جانبه قال رئيس الهيئة الفرعية لعمال وسائقي الحافلات ولاية الخرطوم شمس الدين عبد الباقي شاع الدين، لـ(السوداني)، إن جميع سائقي المركبات العامة والخاصة يعانون من أزمة طرق، مشيراً إلى أنهم يقيمون اجتماعات دورية مع وزارة البنى التحتية لمعالجة الطرق ولا سيما أنها تسهم في خلق أزمة المواصلات، مؤكداً أن هناك معالجات وصيانة تقام للطرق، ولكن الظروف المناخية التي حدثت هذا العام أدت إلى مشاكل “وحفر كثيرة في الطرق الرئيسية”.
وقال شاع الدين إن حرق الإطارات أثناء تظاهرات ثورة ديسمبر المجيدة التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير أدى إلى “فتحات في الزلط”، مضيفاً أن الدراسات التي توضع للصيانة الشوارع لا تنفذ كما هي، بل تكون فيها مشاكل فنية.

كيفية الصيانة..
(سماحة جَمال الطين)

وقال المستشار الهندسي أبو العز لـ(السوداني)، إن أعمال الصيانة للمشاريع، أي كانت هي في الحقيقة امتداد طبيعي ومنطقي للمشروع، فليس من الأمانة أن يتكلف المشروع باهظا، ثم يترك للعيوب التي تظهر فيه، نتاج الاستخدام والزمن، حتى يبدو بعد فترة وجيزة من افتتاحه كئيباً مهملاً، وفي بعض الأحيان غير قابل للاستفادة منه.
فماذا يعني أن ننشئ طريقاً متسعاً جميلاً، ثم نجد انخفاضاً، أو هبوطاً ملحوظا وكبيراً فيه، وقد حدث ذلك في إسفلت منتصف كثير من الطرق الرئيسية التي ترتادها السيارات، لتفاجأ بهبوط هنا أو انتفاخ هناك أو تكسير في الإسفلت، وهنا يبدو دور الصيانة للطرق دوراً حيويا لأن تكلفة إنشاء الطرق باهظة، وهي مشروع رئيسي لخدمة المواطن في كل مكان ويجدر صيانته دوريا، وإصلاح أية عيوب تظهر فيه فوراً أو حسب البرامج المعدة للصيانة.
وأشار أبو العز إلى أن صيانة الطرق تعد امتدادا للمشروع الأصلي، وتُعتبر الطرق ثروة قومية للبلاد ويجب الحفاظ عليها وعدم إهمال صيانتها. مُشددا على ضرورة زيادة مدى اتساع الطرق العامة وإنشاء (درابزينات) حديدية في المنحنيات وإشارات فسفورية وعلامات أرضية مرورية، والحاجة للتوسعة في المواقع التي تكثر فيها الحوداث المرورية، كما يجب تنظيف العبارات أولا بأول وخاصة في فصل الشتاء لتسمح بمرور المياه بدلاً عن مهاجمة جسم الطريق، والصيانة تعني استمرارية مراقبة الطريق والوقوف على عيوبه وإصلاحها لفترة زمنية طويلة قد نحتاج خلالها لإضافة طبقة رصف جديدة، أو إزالة الإسفلت “الخراب” في موقع ما بإسفلت جديد، منوهاً إلى توفر معدات الصيانة لدى الجهة المنوط لها بإجراء هذه الصيانة.

ترقيع الطرق..
من جانبه قال المهندس المدني أبوعاقلة الزين، إن هناك ترديا كبيرا جدا في طرق العاصمة وفعلا الخرطوم بلا إسفلت خاصة بعد فصل الخريف، مما يتسبب في الأذى للمواطن الذي لا يمتلك حق الصيانة مع غلاء إسبيرات السيارات في الأسواق، مشيراً إلى أن الصيانة حتى إذا وجدت تكون في شكل ترقيع حتى في الشوارع التي تحتاج لإعادة صيانة كاملة، مضيفاً أن هناك بعض شركات تعمل في صيانة الطرق وصيانتها متردية.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.