أ. حسين التوم الكباشي

يسقط الدولار (2)

شارك الخبر

أشرنا في المقال السابق إلى بعض المُعالجات للمُشكلات التي تُعيق أو تَحُول دُون التّوازُن في ميزان المَدفوعات ورفع قيمة الجنيه السوداني مثل التّحكُّم في الواردات وزيادة الصّادرات وتنظيم تجارة العُملة بما يُحقِّق التّعادُل لسعري الدولار الرسمي والسُّوق المُوازي.
تُعتبر زيادة الإنتاج (أفقياً ورأسياً) من أهم المُعالجات لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع المهمة كالقمح والذرة والدخن وغيرها من الحبوب مما يُمكِّن من تقليل المُستورد من القمح الذي يُمثّل سلعة مهمة واستراتيجية للمستهلك لإحلال الواردات. زيادة الإنتاج من القمح والذرة يُمكن أن تؤدي لتحقيق هدفين، الأول هو خلط دقيق القمح مع دقيق الذرة لإنتاج خُبز بلدي للاستهلاك المحلي بسعر مخفض. وقد قامت تجربة الخبز المخلوط أو البلدي في ثمانينيات القرن الماضي بأبحاث الأغذية بشمبات، في عهد الرئيس الأسبق جعفر النميري (رحمه الله) ولكن لم يستمر إنتاج الخُبز لأنه لم تكتمل للتجربة مُقوّمات النجاح، وعليه أرى أنه يُمكن الاستفادة من هذه التجربة بخبرات ومعينات جديدة للخروج بمنتج جديد يُلائم ويواكب متطلبات المواطن في الخبز الجديد. وبما أنّ السيّد وزير المالية والاقتصاد الوطني أشار في مؤتمره الصحفي إلى اتجاه الدولة لإنتاج الخبز البلدي مما يؤدي إلى خفض تكاليف إنتاج الخُبز وتحقيق وفرة للمُواطن وبسعرٍ أقل من سعر العادي ويُتيح للمُواطن الخيار في استهلاك الخُبز بما يوافق ذوقه ومَقدرته المالية (حسب جيبه)، ولكن إنتاج هذا الخبز البلدي يعتمد بدوره على جودة الخُبز من الناحية الفنية والتسويقية لإرضاء المستهلك وذوقه ليقبل عليه.
ونأمل أن تسير الدولة في هذا الاتجاه (صناعة الخبز البلدي) لتقليل تكلفة أعباء المعيشة للمُواطن وهو الهدف الذي وضعته نصب أعينها منذ قيامها وعليها توفير الإمكانَات المادية والفنية، وأن تُكوّن لجنة تضم الخبرات التخصُّصية لدراسة هذا الموضوع. وإذا ثبتت جدوى المشروع أن يوضع موضع التنفيذ بعد إجازته من السيّد وزير المالية أو السلطات المختصة وهذا يُعطي المُواطن حُرية الاختيار في الخُبز الذي يرغب حسب إمكاناته المادية (حسب جيبه) ويعود على المُواطن خيراً وبركةً وعلى الدولة أيضاً. وأن تُوفّر للتجربة مُقوّمات النجاح من الإمكانَات المالية والفنية، وهذا يُعطي المُواطن الخيار في الخُبز الذي يرغب بالسعر المُناسب ويَعود عليه خيراً وبركةً في مطعمه وجيبه.
أمّا الهدف الثاني من زيادة إنتاج الذرة فيكمُن في استعماله في صناعة النشأ والجلكوز والتوسع في صناعة النشأ والجلكوز. كما أنه يؤدي إلى توفير مركبات الأعلاف لغذاء الحيوان والدواجن في قطاع الثروة الحيوانية بتقليل تكلفة إنتاج الأعلاف وخفض سعرها وهذا سينعكس بدوره في تخفيض أسعار اللحوم المُرتفعة ليتحصّل عليها المُواطن بالسعر المُناسب (دُون مُقاطعة لسعرها العالي مُش كدا)، بتحقيق الوفرة في الإنتاج الزراعي يُمكن الدولة الاتّجاه إلى التصنيع الزراعي بهدف الاستفادة من القيمة المُضافة بدلاً من تصدير المواد الخام من الفول والسمسم وغيرها من الحُبوب الزيتية وتشجيع صناعة الزيوت بتوفير مقومات الإنتاج للمصانع الحالية وإضافة مصانع أكثر حداثةً باستعمال التقنية الحديثة.
أمّا القطن فيمكن الاستفادة منه في صناعة الغزل والنسيج ويا حبذا لو كانت في منطقة صناعية واحدة مع تشغيل المُتوقِّف من مصانع الغزل الحالية (مصنع الحاج عبد الله) وإضافة مصانع أخرى أكثر حداثةً لتوفير الغزل من الخُيوط العادية والرفيعة لإمداد مصانع النسيج باحتياجاتها من الخُيُوط وذلك لتشجيع صناعة الأقمشة العادية وعالية الجودة (كالثياب النسائية). ولو تم ضم منطقتي الغزل والنسيج في مكانٍ واحدٍ لتحقيق التكامُل بين الصناعتين لتحقيق التكامُل لهذه الصناعة مما يؤدي إلى ازدهارها وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنسوجات وتصدير الفائض (مثل المحلة الكبرى بمصر).
إذا تمّ تحقيق الهدف من قيام التصنيع الزراعي، فإنّ هذا سيؤدي إلى تشغيل عددٍ هائلٍ من الشباب وتحريك طاقاتهم المُعطّلة، وهم قوة هائلة وفاعلة وهم قواد ثورة البناء ورصيد الثورة إذا استثمرت، والهدف من كل ما سبق هو تحريك موارد الاقتصاد السوداني للإنتاج ولحفز المواطن السوداني للعمل للاستفادة من طاقاته لبناء الوطن وزيادة الإنتاج لرفع قيمة الجنيه السوداني، ورفع اسم السودان عالياً بين الأمم والله المستعان.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.