الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات عبد العظيم عوض لـ(السوداني): هناك اتجاه لهجمة شرسة ضد الصحافة وإعادة تجربة تأميمها عام 1970م

حوار: إيمان كمال الدين

دفع الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات عبد العظيم عوض باستقالته لرئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، عبد العظيم برر استقالته بالتدخل المباشر والمستمر من وزارة الثقافة والإعلام مما يؤثر على استقلالية المجلس، إلى جانب تحريض وكيل الوزارة الرشيد سعيد للعاملين بالمجلس مما أدى لوقوع ملاسنات في اجتماع للعاملين بمجلس الصحافة، وحول مسببات الاستقالة وتفاصيل تدخل الوزارة (السوداني) طرحت الأسئلة التالية على الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات.

*ما هي أسباب تقديمك للاستقالة؟
-تدخل الوزارة في عمل المجلس وهو كيان مستقل، زارنا الوكيل في المجلس ومارس نوعًا من الإساءة والتجريح للمؤسسة ووصفهُ بأنهُ مجلس جبايات ومصادرة للصحف وقام بتحريض العاملين بعضهم على بعض في الاجتماع معهم وتحدثوا بتجريح لرؤساهم، ومن قاموا بالمشكلة كانوا على اتصال بالوكيل وطلبوا منه الحضور للمجلس وكانوا يقومون بتسريب عمل وأوراق المجلس له منذ وقت طويل، وقد كان هناك اختراق، والوكيل إذا كان لديه تعامل فليتعامل مع
الأمين العام مباشرةً ولو طلب أيّ شيء سنتعاون معه.
*ما تفاصيل الاجتماع؟
-تحدث وكيل وزارة الثقافة والإعلام رشيد سعيد عن وجود إجراءات جديدة للصحف والمجلس، ومعالجات جديدة ومراجعات للصحفيين العاملين بالصحف والمؤسسات الصحفية، وأنا اعتبرهُ حديثاً (في الهواء) لا يوجد لديه سند في القانون، وكموظف في الوزارة، الوكيل مجرد موظف لكنهُ كان يتعامل ويتحدث بلسان اتحاد المهنيين وقوى الحرية والتغيير ونحن كموظفين منضبطين لا علاقة لنا به، نحن لسنا حرية وتغيير ولا علاقة لنا بالاتحادات الموجودة الآن.
*ما هي هذه الإجراءات؟
-تحدث الوكيل عن مراجعات للصحف وإعادة تنظيم وتقييم للأمر، هناك اتجاه لهجمة شرسة ضد
الصحافة الوطنية وإسكات بعض الصحفيين الوطنيين وهذا اتجاه يعيد تجربة عام 1970م عندما
قام الحزب الشيوعي بذات هذه الهجمة وأغلق الصحف وشطب من سجل المهنيين عشرات الصحفيين وشردهم باعتبارهم صحفيين رجعيين وصادر كثيرا من ممتلكات الصحف باعتبارها صحافة رجعية وأنشأ المؤسسة العامة للصحافة والنشر توازي (مجلس الصحافة الآن) برئاسة محجوب محمد صالح وقام بتأميم الصحف واتبعها للحكومة، وأخشى الآن أن يتم تكرار ما حدث
عام 1970م، نحن نحترم هذه الثورة التي نادت بالحرية والسلام والعدالة ولا أفهم كيف تكون هناك حُرية وتقوم بإعادة النظر في المؤسسات الصحفية والصحفيين الذين أتوا للمهنة بموجب قانون، هناك اتجاه لإجراءات تجاه الصحافة الوطنية هو يعتقد أن عبد العظيم عوض وغيره يمكن أن يكونوا عقبة أمام هذه الخطة.
*الإجراءات هل المعني بها صحف بعينها؟
-نعم تجاه صحف بعينها وصحفيين.
*هل تم تحديدهم؟
-لا، لم يُحدد لكننا نعلم من يقصد، نحن نقرأ الصحافة وخارطتها الصحفية، ونعلم اتجاهاتها.
* ينظر لكم كأداة من أدوات النظام السابق التي تعمل على إجهاض مكتسبات الثورة؟
-لا يوجد شيء اسمه بقايا النظام السابق، هل يمكن أن تقول على عمر مانيس أنهُ من بقايا النظام،
كان سفيرًا في الخارجية وسفيرا حتى سقط النظام، النظام لم يكن التعمل معهُ ممنوعًا، هو نظام
حكم السودان لـ30 سنة وهناك موظفون وقياديون، دورك أن تمحص الناس من كان له التزامات
سياسية وفساد وتجاوزات تحاسبه، أما الموظف فلا دخل له.
*هناك اتهام بأنك (مؤتمر وطني)؟
-لا علاقة لنا حتى بالكيزان وأحدث عن نفسي.
*ينظر للصحف أنها ضد الثورة وتسعى لتقويضها؟
-أعرف هذا وسمعتهُ من مسؤولين أن أكثر من 90% من الصحف ضد الثورة، وهذا حديث ليس لديه سند من المنطق، دع الصحافة تمارس حريتها وقم بالرد عليها، وأنشئ صحفا تسير في الخط الذي تريده، لكنك لا تستطيع أن تمنع الصحف الموجودة من أن تمارس عملها في أجواء الحرية، وأدعو رئيس الوزراء وهو رجل ديمقراطي أن يتدخل لوقف ما هو منتظر تجاه
الصحافة، ومن يعتقد أنهُ يمكن أن تكون هناك حكومة ديمقراطية من غير حرية وتعبير وصحافة
ديمقراطية فهو واهم، الصحافة الناقدة هي المُعينة للحكم وما أسقط النظام السابق إلا تكميم الأفواه الصحفية.
*ألا ترى أن تقديم الاستقالة استكانة لما هو آتٍ على حد تعبيرك؟
-لا.. أبدًا، الاستقالة هي رسالة للمسؤولين في البلد حتى ينظروا لهذه التصرفات الطائشة التي يمكن
أن تقود البلد لما لا يحمد عقباه، والوكيل نفسه قال في وجودي ووجود الموظفين لدينا إجراءات وسنقيل الأمين العام، هذا وضع مؤسف وغريب وقد حاولت أن أوصل الرسالة لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه، وقد احترمت رئيس الوزراء عبد الله حمدوك عندما قال هو رئيس وزراء للسودان وليس لمنظمات سياسية، وبنفس القدر أُذكره أن يكون رئيس وزراء لكل السودانيين وأن يوقف مثل
هؤلاء الموظفين العابثين كالأخ رشيد هذا، فهو موظف ويأتي ليتحدث بلسان سياسي.
*أشرت إلى وجود تدخلات من الوزارة متى بدأت؟
-بدأت منذُ وقتٍ طويل، من يوليو وتحدث معنا وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح في بعض القضايا وتناقشنا حولها وهو واعٍ تمامًا أنهُ لا علاقة ولا ولاية لهم على المجلس وعندما وصلنا بالحديث لنقطةٍ بعينها ذكرتهُ وناصحتهُ أنهُ من الأفضل أن لا يتدخل في عمل المجلس بطريقة مباشرة، وإذا كان هناك أيّ شيء يُمكن التفاهم حوله دون أن تكون هناك وصاية على المجلس، وفيصل يعرف ذلك ولم يتدخل بعدها.
*ممن جاء التدخل بعدها؟
-استمرت التدخلات من الوكيل وكان على اتصال ببعض صغار الموظفين في المجلس واستمرت
لمدة من الزمن إلى أن بلغت ذروتها بدعوته للمجلس ليوم الأربعاء.
*أشرت إلى وجود توجيهات مباشرة فما هي؟
-اعترض على عمل المجلس ووصفهُ بأنهُ مجلس جبايات وتكميم للأفواه ومصادرة الصحف وهذا
غير صحيح، نحن لا نأخذ أموالا من الحكومة، فالمجلس مستقل، وحتى هذه الرسوم نقوم بعمل ورش ودورات تدريبية للصحفيين، كما قام الوكيل بتحريض بعض المؤسسات الصحفية بعدم تجديد ترخيصها وبالتالي ستفقد مشروعيتها.
*هناك متضررون مما وصف بالنشر السالب ضد الثورة والتضليل، ما دوركم؟
-هناك لجنة للشكاوى، اللجنة تقوم بإجراءاتها مع الصحيفة ولدينا جزاءات حسب القانون، التأنيب،
أو الاعتذار للمتضرر، أو تعليق صدور الصحيفة لثلاثة أيام وهذه لا نلجأ لها إلا نادرًا، وإذا كان
الأمر خطيرًا يرفع للمحكمة، ومن حق المحكوم ضده الاستئناف.
*كيف تنظر لدور الصحافة ما بعد الثورة؟
-انتظر من الصحافة كما عودتنا منذُ أيام الاستعمار أن يكون لها دور وطني حقيقي إيجابي يصب في المصالح الوطنية العليا والشعب السوداني دون الارتهان لأيّ ضغوط حكومية أو غير حكومية، وأرجو من حمدوك أن يتلطف بصحافة البلد وأن يوقف هجمة متوقعة على الصحافة صرح بها وكيل الوزارة، ستضر ليس بالصحافة بل بحكومته قبل الصحافة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.