د.عبدالرحمن ابوالقاسم محمد

أمن الدولة وأمن النظام

شارك الخبر

الأمن القومي، هو مفهوم حماية الحكومة والبرلمان للدولة والمواطنين عبر سياسات تنفيذ السلطة، سواء كانت سياسية، اقتصادية، دبلوماسية وعسكرية, فيما يتعلق بالأمن بصورة عامة فهو وظيفة الحكومات التي تتضمن مهاما من خلالها تتم حماية المواطنين والمنظمات والمؤسسات ضد التهديدات التي تواجه

سلامتهم ورفاهية مجتمعاتهم.

للأمن عدد من العناصر وهي: الأمن الاقتصادي, أمن الموارد, أمن الحدود, الأمن السكاني, أمن الكوارث, أمن الطاقة, الأمن الجيواستراتيجي, أمن المعلومات, الأمن الصحي, الأمن العرقي, الأمن البيئي, أمن الإنترنت, الأمن الجيني, الأمن الغذائي. كل

عنصر من هذه العناصر يعد مفهومًا جوهريًا بشكل كامل، وقابل للتطبيق على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وله تأثير واسع النطاق على المستوى الاجتماعي، ويؤثر كذلك بشكل مباشر على حياة الإنسان المهددة بشكل مستمر. ولذلك نجد ان

كثيرا من الدول في حاجة الى تكتل سياسي أو اقتصادي او دبلوماسي لمواجهات المهددات المشتركة التي تواجه مجتمعاتها ومساندة بعضها البعض من أجل أمن مستدام يرتكز على تبادل المصالح والحماية المشتركة لكل المهددات الحالية والمتوقعة (الأمن الوقائي). بناءً على تلك العناصر نجد أن مكونات القوى الشاملة للدولة لا تخرج من تلك العناصر وهي: الاقتصادية, السياسية, القانونية, العلمية, الإعلامية, التقنية, البيئية, الاجتماعية. فكل عنصر من عناصر القوى الشاملة للدولة له ارتباط وثيق بعناصر الأمن ولذلك نجد أن وجود الأمن للحفاظ على قوى الدولة الشاملة ضرورة حتمية, فالمحافظة على الدولة بمكوناتها الثلاثة (الحدود الجغرافية للوطن, السلطة الحاكمة (شرعية

اختارها الشعب), النسيج الاجتماعي) في حاجة إلى إرادة وطنية وإرادة سياسية واعية تتسم بالإجماع على قضايا الوطن والوعي بضرورة مواجهة التحديات والمهددات الداخلية والخارجية (الإقليمية والدولية ) وكل من يهدد بقاء الدولة بمكوناتها الثلاثة (سلطة شرعية ليست انقلابية , نسيج اجتماعي, حدود جغرافية).

فالحفاظ على أمن الدولة ككل هو من أولويات واهتمامات كل مواطن داخل الدولة ولكن المواطن العادي طالما يهمه امن الوطن وحدوده الجغرافية من المهددات فهو في دائرة اهتمامه, أما الأجهزة والجهات التي في دائرة التأثير المباشر على أمن الوطن فهي الجهات التشريعية والقانونية والشرطية والعسكرية والاستخباراتية والأمنية وحتى الجهات المعنية بالتخطيط

الاقتصادي والاجتماعي ووضع الخطط والتكتيكات للحفاظ على الأمن ومواجهة التحديات.عليه نجد أن الأمن مسؤولية الجميع ولذا لابد من أن يكون لكل فرد دوره الإيجابي في المحافظة على الأمن على المستويين الشخصي والاجتماعي والالتزام بالتشريعات والقوانين وعدم انتهاك حقوق الآخرين والمطالبة بالحقوق دون المساس بالممتلكات العامة والخاصة.

الأمن بهذا المفهوم فهو المحافظة على الحدود الجغرافية للوطن والمحافظة على النسيج الاجتماعي من التهتك وتقويم ودعم السلطة الحاكمة بالنقد البناء وتحسين القرارات الرشيدة بتوافر المعلومات من أجل المصلحة العامة لا غير.

أما الجهات التي تركز فقط على حماية السلطة الحاكمة والنظام الحاكم وآيدولوجيته وتحشد الموارد والإمكانيات المادية والبشرية واللوجستية من اجل بقاء الأنظمة الحاكمة وتقديس قادتها وقمع وكبت كل من ينتقد أداءهم وإبراز فشلهم واتهام المناهضين للسلطة الحاكمة بالعمالة والارتزاق والخيانة الوطنية وتبرير
الفشل بالاستهداف الخارجي بل والعمل على مصادرة الوعي بهوس ونظرية المؤامرة والتحكم في وسائل الإعلام وفرض قيود عليها , فكل هذا من أجل بقاء أنظمة فاشلة حكمت ردحا من الزمان واستنفدت كل ما لديها من تجارب ومن تبرير متعمد مل الناس تكراره. فالأمن الذي يركز على حماية السلطة ومنسوبيها
فهو أمن للنظام وللسلطة وليس أمنا لحماية الدولة بمكوناتها الثلاثة(حدودها الجغرافية, ومواطنيها, والسلطة الشرعية الحاكمة), فالأمن يعنى بحماية حدود الوطن من تغول الخارج عليها وعلى مواردها وحماية المجتمع من المهددات التي تواجهه والعدالة الاجتماعية ورتق النسيج الاجتماعي وضمان حصول المجتمع على حاجاته الأساسية وضمان وجود التشريعات التي
تمنع استئثار فئة أو إثنية محددة بالسلطة والمال دون غيرهم عن طريق استغلال النفوذ الممنهج وسد كل الثغرات التي تؤدي لذلك, فيما يتعلق بالسلطة فحماية الديمقراطية والحقوق الشرعية والدستورية للمواطن في ممارسته حقه الدستوري والقانوني في اختيار وانتخاب من يريد من الأولويات, ولابد من أن نفرق بين معارضة الوطن ومعارضة الأنطمة الحاكمة. بناءً على ما ذكر طالما أن الأمن مسؤولية الجميع وهنالك من في دائرة تأثير, ينبغي أن يكون أمن الدولة من الأولويات قبل أمن السلطة والأنظمة وليس العكس.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.