لأجل الكلمة || لينا يعقوب

مشاهد من المحكمة

شارك الخبر

بدت عليه علامات تقدم السن.. آزره بعض أهله وقلة من منسوبي حزبه؛ خلال جلسات المحكمة التي انعقدت منذ أغسطس الماضي، لكن مع ذلك وفي لحظة النطق بالحكم، كان وحيداً في قفص الاتهام، يجلس على بعد خطوات منه، مدير مكتبه السابق اللواء ياسر بشير..
أنصار البشير قرروا الهتاف والصراخ داخل القاعة، وحل عليهم الذعر، ما إن سمعوا القاضي الصادق عبد الرحمن، ينطق اسم “مجدي محجوب محمد أحمد”، في استدلال على حكمٍ صادر في عهد الإنقاذ بتهمة المضاربة بالعملة..
ومجدي مثل آخرين من المواطنين السودانيين، تعرض للظلم والإعدام، لكن قصته ظلت حية، تُدمع العيون وتُدمي القلوب، خالدة في الذاكرة، عصية على النسيان.
في منتصف ديسمبر من عام 1989، مثل هذا الوقت، أعدم مجدي بدم بارد، لتهمة تقارب تهمة البشير، حيازة نقد أجنبي والمضاربة بالعملة، غير أن الأول كان محتفظاً بما يقارب 10 آلاف دولار في خزنة المنزل كانت جزءاً من تركة أبيه، أحد رجال الأعمال المعروفين حينها..
ولعل ذكر اسم “مجدي” في قاعة المحكمة، كان مثل جرحٍ مفاجئ، لم يتحسب له أنصار البشير أو هيئة الدفاع، وكأن لسان حالهم يقول ما المناسبة؟ ولم المقارنة؟ وهل هذه لحظة التذكير بقصة مجدي..؟
وهناك كان البشير، ثابتاً مبتسماً، تظهر عليه علامات الشيخوخة، وعدم الاكتراث بأي قرارٍ صادر، رفض التعليق على الحكم قائلاً ” No Comment “، لكن يبدو أنه تفاجأ بالنقل إلى الإصلاحية الاجتماعية
ورغم أن الإصلاحية لم تُحدد على وجه الدقة، أين مكانها وما مواصفاتها، لكنها بأي حال أجمل مكاناً وأفضل حالاً لدى السجناء من كوبر والهدوء وبقية الأسماء، إلا عند البشير..!
فالقرار لم يُعاقب به أحدٌ من قبل، كما أنها سابقة قضائية في تاريخ السودان، والبشير الذي تجاوز السبعين وبشخصيته العسكرية التي قضت في الخدمة نحو خمسين عاماً، يمثل لها حكم “الإصلاح” والرعاية وإعادة التأهيل، أوجاعاً نفسية، ما كانت في الحسبان..
وقد سرد القاضي وبالتفصيل الممل، كيف ولماذا ومن أين استند على حكمه وقراراته، ومن حق هيئة الدفاع استئناف الحكم، وهو ما أكده عضو الهيئة محمد الحسن الأمين.
إنه البلاغ الأول، كما قالت النيابة، لكن العظة التي يستفيد منها الجميع (البشير ونحن) أن الدنيا متغيرة متقلبة وزائلة.
قال علي بن أبي طالب: الدنيا دار بَلاء، ونُزلُ عناء، أسعد الناس فيها أرغبُهم عنها، وأشقاهم بها أرغبُهم فيها، فهي الغاشةُ لمن انتصحها، المُهلِكة لمن اطمأنَّ إليها..

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.